يمكن بالطبع ان يزعزعنا اقتراح عضو الكنيست ميري ريغف (الليكود) لقانون فحواه ان تُضم المستوطنات في الضفة الى دولة اسرائيل. لكننا غير مرغمين على ذلك. لأنه يمكن ايضا ان نبارك المعجزة – بفضل الله حقا – التي حدثت مع الوزير يعقوب نئمان، الذي صحا في آخر لحظة حقا وعارض اقتراح القانون (امتنع عن التصويت فقط)، لكن لا حاجة الى هذا ايضا. فحتى الفكرة التي تثير القشعريرة فيما كان قد يحدث لو أُمضي القانون وأي حرب عالمية كانت ستهب على اسرائيل، هي في الحاصل العام زبد على وجه الماء. لأن اقتراح القانون هذا أساسه الخطأ. فليست اسرائيل هي التي يُطلب اليها ان تضم المستوطنات، بل المستوطنات والمستوطنون هم الذين يجب ان يوافقوا على ضم دولة اسرائيل اليهم. وهم يُبينون تبيانا جيدا في الاثناء أنه ليس ما يدعوهم الى ان يحملوا على كواهلهم عبء الدولة. لأنه لماذا بحق الشيطان يجب عليهم ان يوافقوا على ان تجري قوانين دولة اسرائيل عليهم في حين يستطيعون من بعيد من قلب مكان الجلاء الاسرائيلي في المناطق ان يصوغوا صورة الدولة؟. انهم هم الذين يقررون متى تجري عليهم قوانين محكمة العدل العليا الاسرائيلية ومتى تسن كنيست اسرائيل قوانين تلتف على محكمة العدل العليا. وبفضلهم سُن القانون الفظيع الذي يمنع القطيعة مع انتاج اسرائيل، وهم الذين انشأوا أحكام ملكية وأحكاما عقارية جديدة في المناطق، ويستطيعون ان يختاروا نظام القوانين الذي يريحهم من أوامر عسكرية أو قانون عثماني أو قانون اردني أو قانون اسرائيلي وقت الضرورة. واذا شاؤوا أجازوا لشرطة اسرائيل ان تعمل بينهم واذا شاؤوا لم تكن الشرطة إلا زينة. ويُصرفون أمور جيش خاص يُحدد هو نفسه العدو، وهم الذين يحددون متى يجوز ومتى لا يجوز ان يُطاع القادة في الجيش ومن هو الحاخام المناوب الذي يمثل في كل زمان مشيئة الله. يحدد المستوطنون ايضا الذين يصد استقرارهم في المناطق كل قصد جدي للتوصل الى اتفاق سلام، سياسة اسرائيل الخارجية، وحولوا الخطاب الاسرائيلي من اختلاف في الرأي في مسألة المناطق الى اختلاف في مسألة الاستيطان. وقد وضع هذا ايضا الأساس لتصور الولاء لدولة اسرائيل، فالذي يريد اجتثاث المستوطنات يضر بقلب الدولة ويحطم أسسها الثقافية التي صيغت في الكتاب المقدس ويقف الى جانب أعداء اسرائيل. قبل عشرين سنة كانت تغشى المستوطنين روح اجلال مشروط للدولة. وقد اعتقدوا أنهم اذا نجحوا في اقناع الجمهور في اسرائيل بأن تهديد المستوطنين هو تهديد للدولة، وبأن كفار سابا واريئيل اسمان مترادفان للكيان نفسه، فستوافق الدولة على ان تراهم جزءا لا ينفصل عنها. وقد ملأ فتيان المستوطنات آنذاك المفترقات مع أعلام اسرائيل ووزعوا بأدب لكن في تصميم الملصقات الزرقاء البيضاء وعليها "يشع هنا". كانت تلك هي الفترة الساذجة – اجل مرت مثل هذه الفترة حتى على المستوطنين – التي كانوا لم يدركوا فيها بعد أنه يمكن ان يسرقوا دولة بدل ان ينضموا اليها. وانقضت هذه الفترة. ففي البداية ضم المستوطنون شعار "رد صهيوني مناسب" وفحواه انه ينبغي بناء مستوطنة أو حي جزاءا وفاقا على كل عملية وكل قتيل، لا في دولة اسرائيل لأن اسرائيل دولة اجنبية، تل ابيبية، لا تفهم ما هي الصهيونية الحقيقية. فينبغي ان يُشكل "الرد الصهيوني" في الدولة الصهيونية الوحيدة، دولة المستوطنين. فهذه هي دولة الجلاء التي خُولت ان تمنح لقب "المعسكر الوطني" أو تسلبه ممن يعارض نزواتها. وهي الجالية الوحيدة في العالم التي أعطت نفسها سلطة لا اعتراض عليها أن تسِم بوسم البطولة أو الخيانة اعضاء كنيست ووزراء، ومثقفين واحزابا، بحسب سلوكهم معها. أشك في ان تكون ريغف أدركت أنها تعرض للخطر مكانتها السياسية حينما اقترحت ضم المستوطنات الى الدولة الصغيرة والضعيفة والتي لا سلطات لها. وقد أرادت باقتراح قانون واحد ان تسلب المستوطنين قوتهم وأن تقص أرديتهم وأن تنزع من أيديهم الخيوط التي يُرقصون بها دُمية اسرائيل وأن تجعلهم مواطنين عاديين بلا تميز ومجد وكأنهم من سكان متسبيه رمون أو الخضيرة. وقد رُفض اقتراح القانون، لكن هذه فرصة لصياغته من جديد ولنطلب الى المستوطنين ان يضموا اليهم اسرائيل.