خبر : آثار الثرثرة/بقلم: عكيفا الدار/هآرتس 21/3/2012

الأربعاء 21 مارس 2012 01:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
آثار الثرثرة/بقلم: عكيفا الدار/هآرتس 21/3/2012



 القاتل الذي أطلق النار أمس على تلاميذ المدرسة اليهودية في تولوز، مثل ذاك الذي فتح النار نحو المظليين الفرنسيين سود الجلدة، لم يكن يحتاج على أي حال لدافع باستثناء كراهية الاجنبي والاخر. مرضى عضال بمرض اللاسامية وكراهية الاجانب لا يحتاجون الى أسباب خاصة لتبرير عنصريتهم. ومع ذلك، فان هجوما اسرائيليا على ايران يرفع اسعار الوقود سيأتي كالزيت في عظام محبي لا-بان. بفضل ثرثرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في واشنطن، حتى لو كانت الولايات المتحدة هي التي ستهاجم المفاعلات الايرانية، فالحساب سيرفع (ايضا) للجاليات اليهودية في المنفى. دولة اسرائيل، التي اقيمت كي تكون ملجأ لليهود من كارهي اسرائيل، من شأنها أن تصبح خطرا على اليهود.  ماذا نفعل عندما تظهر الاستطلاعات بان اغلبية ساحقة من الاسرائيليين يرفضون المراهنة على أن يكونوا ضمن رهان "الخمسمائة ضحية للصواريخ الايرانية" الذي قاله ايهود باراك؟ مكتب رئيس الوزراء يواسي نفسه باستطلاعات تشير الى تأييد متعاظم للجمهور الامريكي للخيار العسكري. الناطقون بلسان نتنياهو نجحوا في تسويق هذا العنوان الرئيس الصاخب لعدة وسائل اعلامية هامة كنجاح شخصي لرئيسهم. وبالفعل، استطلاع "وول ستريت جورنال" وشبكة "ان.بي.سي" الذي نشر غداة خطاب نتنياهو في مؤتمر اللوبي المؤيد لاسرائيل ايباك، يظهر ان 52 في المائة من الامريكيين يفضلون هجوما عسكريا، حين يكون الخيار الثاني هو القعود مكتوفي الايدي.  ولكن، عندما عرضت على المستطلعون جملة أكبر من الامكانيات، ظهرت صورة مختلفة تماما؛ 49 في المائة منهم اختاروا جواب "على الولايات المتحدة أن تمتنع عن كل عملية، الا اذا هاجمت ايران الولايات المتحدة او حلفائها، او جواب "على الولايات المتحدة ان تمارس على ايران ضغطا دبلوماسيا واقتصاديا، ولكن أن تمتنع عن عملية عسكرية". فقد 21 في المائة ايدوا عملية عسكرية مباشرة لتدمير قدرة ايران على تطوير سلاح نووي. 26 في المائة أجابوا ان على الولايات المتحدة ان تبقي العمل للاسرائيليين. في "وول ستريت جورنال" اختاروا أن يعمموا النبأ عن الاستطلاع بالنتيجة التي لا لبس فيها: "الامريكيون يفضلون الدبلوماسية على العملية العسكرية". نشطاء سلام يهود في الولايات المتحدة يقولون ان الاستطلاع يعكس أيضا المزاج في الجالية اليهودية. وهم يقترحون عدم السير بضلال خلف الصخب الصادر عن لوبي ايباك لمرافقة الدعوات الحربية لنتنياهو، والانصات للاصوات التي ستطلق في مؤتمر جي ستريت، الذي سيعقد الاسبوع القادم في واشنطن. في منظمة السلام الشابة يحذرون من آثار جهود نتنياهو ورفاقه المحافظين في الجالية لجر الرئيس اوباما الى حرب جديدة في الشرق الاوسط. رؤساء جي ستريت يؤيدون سياسة العقوبات والدبلوماسية التي يتخذها اوباما. اما الرئيس الامريكي بالمقابل، مثل الرئيس الاسرائيلي، ناهيك عن رئيس وزراء اسرائيل، الذين يقفوا في الطابور للخطابة في مؤتمر ايباك، فيديرون أرجلهم عن مؤتمرات منظمة خطت على علمها حث المفاوضات لتحقيق حل الدولتين، بل واحتجت على توجه الفلسطينيين الى الامم المتحدة. لو كان شيلدون ادلسون واحدا في قائمة المتبرعين لكان يمكن لكل شيء أن يظهر مختلفا.  كفى للتخويف منذ أربع سنوات وتوجد أمام القيادة الامنية والسياسية العليا ورقة موقف تفتح العيون بالنسبة للتهديد النووي الايراني. وكان وضع الوثيقة اللواء المتقاعد هرتسل شبير، الذي كان رئيس قسم القيادة العامة في الجيش الاسرائيلي، قائد المنطقة الجنوبية ومفتش عام الشرطة. في السنوات الاخيرة عمل مستشارا لجهاز الامن في موضوع الجبهة الداخلية. في أعقاب الخطاب الكفاحي لنتنياهو الاسبوع الماضي في الكنيست، حيث ذكر الاحداث التي عمل فيها زعماء اسرائيليون خلافا لموقف الولايات المتحدة، عدل شبير الوثيقة وقرر توسيع توزيعها. وها هو أهم ما فيها: التصريحات بان اسرائيل تفكر بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية تساعد الحكم على اقناع المواطنين بمواصلة تطوير النووي، رغم العقوبات والتهديدات التي تطلق ضده، وذلك لردع المعتدين من اسرائيل والولايات المتحدة. على اسرائيل أن تتوقف عن التهديد وبدلا من ذلك الايضاح بان ايران ليست عدوا، وتذكر الايام الطيبة التي ساعدت فيها ايران وعرض رغبة صادقة للشروع في حوار من نوع مختلف.  رغم أن القيادة الايرانية لا تخفي رغبتها في أن تختفي اسرائيل عن الخريطة، لم يكن في أي حالة تهديد مباشر باستخدام القوة او السلاح النووي. الاهداف الاساس لايران في تطوير سلاح نووي، هي تحقيق هيمنة عسكرية – سياسية اقليمية، الحفاظ على النظام القائم ضد التهديدات من الخارج وخلق ميزان رعب حيال دول اخرى في المنطقة تحتفظ بسلاح نووي. في تموز 2008 رد الرئيس محمود احمدي نجاد على سؤال اذا كانت ايران ستبيد اسرائيل بكلمات "ايران لن تعمل عسكريا... الحكم الصهيوني في اسرائيل نهايته ان يسقط من تلقاء ذاته". وعلى سؤال اذا كان يؤيد حل الدولتين اجاب: "اذا وافق الفلسطينيون على ذلك، بشكل قانوني وفي انتخابات حرة، فسنحترم قرارهم". هجوم عسكري سيجعل ايران عدوا تاريخيا لاسرائيل. في عهد الربيع العربي وانعدام اليقين الاقليمي من شأن الامر ان يغير المنظومة الاستراتيجية في الشرق الاوسط في طالح اسرائيل. ليس لاسرائيل جواب على ردود فعل ايران في منطقة الخليج الفارسي على هجوم على منشآتها النووية. وعليه، فانها ملزمة بان تتصرف بمسؤولية وتمتنع عن هجوم مستقل، ومرغوب فيه ايضا أن تتخلى عن المساهمة في هجوم امريكي. على أي حال للولايات المتحدة وحدها الوسائل لشل فعالية القدرة الايرانية على الرد على ضربة للمنشآت النووية بالضرب الشديد للسكان المدنيين في اسرائيل.