غزة / سما / أعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور صلاح البردويل، أن وفداً من الحركة سيتوجه خلال الأيام المقبلة إلى الجزائر لبحث إنجاز وعد جزائري سابق بدعم مجاني لمحطة الكهرباء في قطاع غزة، مشدداً على أن أزمة الكهرباء الراهنة "سياسية بامتياز"، مبيناً أن تياراً في النظام المصري السابق يمارس ضغوطاً على حركة حماس إثر توقيع إعلان الدوحة الأخير، كاشفاً في سياق آخر النقاب عن توجه لافتتاح بنك قطري في غزة لدعم عملية إعادة إعمارها وإحداث حراك اقتصادي فيها. وذكر د. البردويل أن قيادة حركة حماس في قطاع غزة وجهت رسالة واضحة "لا لبس فيها" لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل تطالبه فيها بإعادة النظر في قراره عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي، مؤكداً في سياق آخر أن المقاومة ستجني ثمار الثورات العربية في السنوات القليلة القادمة. جاء ذلك خلال حوار موسع أجرته صحيفة فلسطين المحلية ونشرته الخميس مع د. البردويل غزة، انقطع خلاله التيار الكهربائي عن المكتب، مشكلاً بذلك مدخلاً مناسباً لطرح أزمة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة منذ عدة أيام. كما تناول الحوار العديد من القضايا ذات الأهمية في الوقت الراهن. وانطلق الحوار بسؤال حول تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، لاسيما على المسجد الأقصى، أوضح القيادي البردويل أن هذا "ليس تصعيداً إسرائيلياً"، مضيفاً إن "هذا سلوك إسرائيلي طبيعي ينسجم مع العقلية الصهيونية وينسجم مع النفسية الإسرائيلية.. فدائما تختلق (إسرائيل) إشكالية جديدة.. المهم أن يبقى الفلسطيني في حالة دفاع عن النفس وليس في حالة تخطيط لاسترداد حقه"، داعياً إلى ضرورة التوافق على سياسة وطنية موحدة هجومية على الاحتلال الإسرائيلي. وأوضح أن استسلام حركة فتح "لسياسة تخدم الاحتلال ولا تواجهه "أضعف المقاومة والمشروع الفلسطيني ككل"، وتابع إن الحركة "لم تستطع أن تعيد حركة فتح إلى نفس القطار الوطني الذي نشأت فتح من أجله، ولكنها حاولت أن تحد من عملية الهرولة والتنازل والانهيار في المشروع الوطني الذي تمارسه حركة فتح". وأضاف د. البردويل إن "اتفاق المصالحة الأخير -والذي بدا واضحاً أن الحركة قدمت تنازلاً كبيراً من خلاله- شكل جسراً لحركة فتح للعودة من طريق الفشل والانهيار السياسي إلى الصف الوطني مرة أخرى، ونأمل أن تنجح هذه المحاولة، ولكن ليس معنى ذلك أن يظل المشروع الوطني رهينة لتنازل قيادات السلطة وقيادات حركة فتح". وقال: حركة حماس لن تبقى تنتظر عودة قيادة حركة فتح إلى المشروع الوطني، ولكن لن تمل البحث عن ذلك، وفي هذا التوقيت بالذات ستمارس حركة حماس أقصى درجات العمل من أجل تجميع المقاومة وتحشيدها وتقويتها وتحضيرها للمواجهة القادمة"، معبراً عن اعتقاده بأن السنوات الماضية لم تحمل جموداً في مشروع حماس، لافتاً إلى "هذا الصبر هو الذي أنتج الثورات العربية باعتراف كل الثورات العربية". وبينما جزم بفشل مشروع المفاوضات، شدد على نجاح مشروع المقاومة، مدللاً على ذلك بقوله: المقاومة صدت العدوان، وكسرت هيبة الاحتلال، وحشدت الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، وأشعلت الثورات العربية، والمقاومة أيضا في السنوات القليلة القادمة ستجني ثمار الثورات العربية"، مشيراً إلى أن "بعض قيادات التفاوض يعتقدون أن هذه اللحظة فرصة مواتية من أجل جر حركة حماس إلى المشروع الهاوية التفاوضية باعتبار أن الثورات العربية لم تنضج بعد". وبين أن الثورات العربية فتحت أبواب الدول العربية التي كانت موصدة لفترة طويلة أمام الحكومة الشرعية الفلسطينية، مضيفاً إنه "بعد أقل من سنوات ستفتح أبواب أوروبا والعالم الغربي لحركة حماس، وسترفع الحركة عن قائمة الإرهاب؛ لأنها أصبحت تقود حركة شعبية واسعة من الصعب على أوروبا وعلى أمريكا أن تحاصرها". ورفض د. البردويل قصر خيار المقاومة على العمل العسكري، مواصلاً حديثه: المقاومة العسكرية هي بالأساس إعداد، وهذا الإعداد يعطي رسائل واضحة للمحتل ويمنع العدوان بالشكل البشع الذي مورس، لذلك لا تعتقد أن توقف العدوان بالشكل الشرس على قطاع غزة هو نتيجة كرم إسرائيلي أو تدخل بعض الأطراف هنا أو هناك"، وأضاف "صد العدوان وردعه هو لاستشعار العدو أن هناك إعدادًا جيدًا، وأن هناك روحًا قتالية تستطيع أن تهزمه مرة أخرى، فالإعداد العسكري هو أصل العمل العسكري"، مشدداً على أن "عملية الإعداد قائمة"، وتابع: السنوات التي بعد حرب الفرقان استغلت لإعداد المقاومة، فهي حرب شرسة جداً، وهي قتال أصعب من القتال الميداني المباشر". وفيما يتعلق بمدى تعويل حركة حماس على الربيع العربي رغم غرق غزة في الظلام في ظل الثورات العربية، أكد د. البردويل تعويل الحركة عليه، مضيفاً إنه "إذا كانت غزة تعاني اليوم من حصار فيما يتعلق بالكهرباء من الجانب المصري، فإن هذا لا يعود للثورة العربية وإنما يعود لبقايا النظام المصري السابق التي تحرص على أن يظل قطاع غزة مرهوناً بالسلطة الفلسطينية وبمشروع التسوية"، مبيناً أن الشعب المصري نفسه يعاني من بقايا النظام السابق. وأبرق برسالة لثوار مصر قائلاً: لن نمل أبداً أن نذكرهم بأن القضية الأساسية التي قامت من أجلها الثورة المصرية هي قضية تحرير فلسطين، ولذلك كلما أشغلتهم القضايا الداخلية والتي يسعى البعض لإشغالهم بها، يجب دائماً أن نذكرهم ونؤكد لهم أننا في انتظار الوعد الذي قطعوه على أنفسهم بأن يكونوا جنوداً كما كانوا جنوداً لصلاح الدين في تحرير فلسطين". وبالانتقال للحديث عن أزمة الكهرباء ودور حركة حماس والحكومة في مواجهتها، قال بلهجة جازمة: "الأزمة سياسية بامتياز.. الحصار وقطع الكهرباء قرار سياسي إسرائيلي أمريكي وله علاقة بالنظام المصري السابق وكذلك السلطة"، مضيفاً "نحن لا نتحدث عن نظريات مؤامرة، ولا نتحدث عن توقعات وخيال، بل نتحدث عن وقائع"، مشيراَ إلى طلب سلام فياض من الاتحاد الأوروبي وقف المنحة الأوروبية المخصصة لمحطة الطاقة في غزة، وتحويلها لحكومته، وكذلك قيام طائرات إسرائيلية بقصف محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة عام 2006 من أجل تأليب المواطنين على الحكومة وإشغالها بالبحث عن بدائل. واستعرض جهود حركة حماس والحكومة في مواجهة أزمة الكهرباء، مبيناً أن الحكومة وحركة حماس على رأسها، استطاعت وبجهد جبار جداً أن توجد الحد الأدنى، مشيراً إلى نجاحها في تشغيل محطة توليد الطاقة بسولار مصري بدلاً من الوقود الإسرائيلي، وكذلك إصلاح الشبكات والمولدات والمحولات، وقال: كل هذا الجهد من أجل أن نوفر الحد الأدنى، بينما دول عربية تقطع فيها الكهرباء أكثر مما تأتي مثل بيروت وغيرها". وأضاف "عملنا الكثير، أولاً تحويل الغاز، وثانياً الاتصالات بمصر، وهناك إجراء جديد سيذهب وفد رفيع المستوى من الحركة إلى الجزائر من أجل توفير دعم مجاني لمحطة الكهرباء، وهذا سيكون له آثار كبيرة جداً، وهناك أفكار تتحدث عن سفينة مولدات ترسو على قطاع غزة، وأفكار كبيرة جداً تتحدث عن تقوية محطة في مصر من أجل أن يكون فائضها 50 ميجاوات لغزة". وتابع بمزيد من التفصيل: "هناك الكثير من الإجراءات، ورئيس الوزراء بنفسه في مصر من أجل قضية الكهرباء، ليس في مصر فحسب، قطر تم الحديث معها، والكويت كذلك، والجزائر سيذهب إليها وفد خصوصي لانجاز الوعد الذي قطعه وزير البترول الجزائري حول مد قطاع غزة بالسولار"، مشدداً على أن هذه الجهود جبارة في ظل الحصار القائم. وفيما يتعلق بالإشكالات الأخيرة على معبر رفح البري، والتي دفعت مدير عام هيئة المعابر والحدود ماهر أبو صبحة للاستقالة احتجاجاً على ما وصفه بـ "إذلال المواطنين من قبل السلطات المصرية"، أوضح د. البردويل أن ذلك جزء من عملية الضغط على القطاع في اللحظات الأخيرة قبل "استواء الثورة المصرية على عرشها". وتابع: هناك أيدٍ للنظام السابق تحاول أن تجر رقبة حركة حماس إلى مشروع التسوية، والتطورات الأخيرة في المصالحة والتي حدثت في الدوحة أغضبت تيارًا تابعًا للرئيس السابق في مصر؛ لأنهم كانوا يريدون أن تتم كل المصالحة من تحت أيديهم، وأن تكون مصالحة بمعنى معين"، حسب قوله. وأضاف: "كل هذا الضغط رسائل موجهة مفادها أنه لا يوجد لكم مدخل إلا النظام المصري السابق، ولا يوجد لكم أفق سياسي إلا عبر مشروع أبو مازن والتسوية". وحول مستجدات مسيرة المصالحة، شدد عضو المكتب السياسي لحركة حماس على ضرورة تنفيذ اتفاق المصالحة "القاهرة والدوحة" بشكل دقيق وأمين، موضحاً أن الاتفاق ينص على الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات العامة، مضيفاً أن "الأصل أن يتم ذلك قبل تشكيل الحكومة التوافقية". وبين أن موعد إعلان الحكومة الجديدة مرتبط بالتوافق على أسماء وزرائها في اللقاء المقرر اليوم بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة. وأجاب على سؤال حول إمكانية عودة الموظفين المستنكفين لأعمالهم بعد تشكيل الحكومة التوافقية، بقوله: التفاصيل وآلية التطبيق تناقشها اللجان المختصة، لكن هناك قواعد عامة وهي إطلاق الحريات والحكومة هي حكومة مؤقتة، وبعد ذلك ستأتي الانتخابات وستأتي حكومة هي التي ستقرر كل التفاصيل". وعبر عن اعتقاده بأن الوقت غير كافٍ لإجراء الانتخابات وفق الموعد المحدد في اتفاق القاهرة، ومضى يقول: لابد أن تكون الحكومة التوافقية مؤقتة بسقف معين، فإذا اتفقنا على عدد من الشهور فإنه من المفترض بعد هذا العدد أن تنتهي هذه الحكومة ونشكل غيرها". وأوضح أن حركة حماس لم تناقش حتى هذه اللحظة ما إذا كانت ستشارك في الانتخابات الرئاسية أو غيرها، وتابع: لكن الحركة لا تتخوف من المشاركة في أي مستوى من الانتخابات سواء انتخابات التشريعي أو الرئاسة أو المجلس الوطني الفلسطيني، ولا تتخوف أن تكون نسبتها أقل من السابق، بالعكس حماس ترى أنها ستحظى على الأقل بنفس النسبة التي حصلت عليها سابقاً"، وفق تقديره. وفيما يتعلق بضمانات عدم اعتقال النواب وفرض الحصار مجدداً في حال جرت الانتخابات وفازت فيها حماس، قال: كل هذا سيناقش في اللقاء مع حركة فتح ومع أبو مازن ومع الدول الراعية". وفيما يتعلق بالحديث عن دعوة أردنية جديدة لخالد مشعل، قال د. البردويل: سنشهد المزيد من العلاقات مع الأردن، ومن مصلحة الأردن أن تكون علاقاتها جيدة مع حماس سواء على المستوى السياسي أو المستوى الداخلي الوطني الأردني"، مبيناً أن الحركة صمام أمان للوقوف في وجه مشاريع التوطين التي تعد لإنهاء وجود الأردن. وأضاف أن حركة حماس لا تطمع أن يكون الأردن "مستقرًا للمكتب السياسي لحركة حماس، وكل ما نطمع به في هذه المرحلة على الأقل هو أن تكون العلاقات طبيعية". وفي سياق متصل، أوضح أن سويسرا لم تضع حركة حماس على قائمة الإرهاب، معقباً بذلك على سؤال حول استقبالها وفداً برلمانياً من حماس مؤخراً، وتابع قوله: شخصيات أوروبية عدة ومن خلال سويسرا جلست في حوار مطول مع حركة حماس تناول الكثير من القضايا والتفاهمات، لكن الذي يميز هذه اللقاءات أنها كانت تكشف تزحزحًا في العقلية الأوروبية وتسعى إلى رفع حركة حماس بالتدريج عما يسمى قائمة الإرهاب الأوروبية". وتابع "إن ما يميز هذه اللقاءات التي تمت من خلال سويسرا أن الأوروبيين باتوا أقرب للتعامل مع حركة حماس دون الشرط المسبق الذي كان دائماً يتم الحديث عنه وهو اعتراف الحركة بـ(إسرائيل)، وهذا انجاز كبير"، وأكمل قائلاً: يبدو أن بعض الدول الأوروبية لديها بعض التململ الآن فيما يتعلق بالتعامل مع حركة حماس، وتبعث رسائل استكشافية من أجل هذا الهدف، لكن لا نستطيع الحديث أكثر في هذا الأمر". وأوضح د. البردويل أن الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء إسماعيل هنية مؤخراً لعدد من الدول العربية والإسلامية "شكلت تطوراً كبيراً جداً في علاقات الحكومة الفلسطينية والدول العربية وعلاقات حركة حماس بشكل عام بهذه الدول"، واصفاً تلك الزيارات بأنها "ناجحة على عدة مستويات"، مفصلاً إياها بقوله: على المستوى السياسي نجحت في كسر حالة الجمود والتهيب وخاصة دول الخليج في علاقاتها مع الحكومة الفلسطينية، وعلى المستوى المادي أعتقد أنها فتحت أبواباً من الدعم المادي سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحكومة الفلسطينية". وأضاف "أهم ما في هذه الإنجازات، استعداد قطر لفتح صندوق للاعمار دفعت فيه 250 مليون دولار لإعادة اعمار قطاع غزة، وهذا الصندوق قد ينمو من خلال التواصل مع الدول العربية، وربما يتم إنشاء بنك قطري في غزة ليس فقط من أجل الإعمار وإنما من أجل إحداث حراك اقتصادي وفرص كبيرة جداً للعمل في قطاع غزة، وهذه ستخفف عن العمال وعن قطاعات كبيرة جداً من أصحاب الحرف والمصانع". ورداً على سؤال حول ما إذا كان مجلس شورى الحركة قد حسم موقفه من قضية عزوف مشعل عن الترشح لرئاسة المكتب السياسي مجدداً، أجاب البردويل قائلاً: الرجل كان لديه حرص كبير جداً على أن يفتح الباب لقيادات أخرى مع شعور الجميع بأنه مازال في قمة عطائه السياسي، وهو شخصية محبوبة ومجمع عليها، لكنه أراد أن يضرب نموذجاً لكل الأنظمة والجهات العربية أنه هكذا تكون القيادة الحمساوية تتنازل عن كرسيها، وأنها لا تهتم بالكراسي". وأوضح أن مشعل أبدى استعداده أن يكون مستشاراً لأي رئيس للمكتب السياسي، وأنه سيعمل بكل ما لديه من قوة لدعمه، كاشفاً أن قيادة قطاع غزة "أرسلت رسالة واضحة لأبو الوليد ترجوه أن يتراجع عن هذه الرغبة"، وقال: حتى في الاجتماع -الذي أعلن فيه (مشعل) رغبته- وجهت شخصيات من قيادة حركة حماس في قطاع غزة رجاء لأبو الوليد بأن يعيد النظر في قراره، ولذلك هذا مرهون باجتماع مجلس الشورى الخاص بانتخاب رئيس للمكتب السياسي"، نافياً بشدة حديث البعض عن سعي قيادة القطاع لنقل قيادة الحركة إلى الداخل.