رام الله / سما / اكد وزير الاقتصاد الفلسطيني الدكتور حسن ابو لبدة بأن بعض التجار الفلسطينيين يضطرون لاقامة شراكة مع تجار اسرائيليين للالتفاف على العقبات التي تضعها اسرائيل امام الفلسطينيين، نافيا ان يكون هناك استثمارات فلسطينية في اسرائيل. واضاف قائلا لصحيفة القدس العربي :"هناك مجموعة من الشراكات بين بعض المستثمرين الفلسطينيين والاسرائيليين في مشاريع محددة، وهذه الشراكات هي تجارية وتستخدم في غالب الاحيان للالتفاف على القيود التي تفرضها اسرائيل على تدفق السلع للجانب الفلسطيني حيث يضطر بعض الفلسطينيين المستوردين تحديدا للاستيراد عبر وكيل اسرائيلي’. وتابع ابو لبدة قائلا ’وهذا لا يعبر عن استثمارات فلسطينية. ونحن دائما نتحدث عن ميزان تجارة مختل بشكل فاضح ما بين اسرائيل وفلسطين حيث تبلغ قيمة ما يتدفق من سلع عبر اسرائيل للاراضي الفلسطينية 4 مليارات دولار سنويا، وما يتدفق من الاراضي الفلسطينية لاسرائيل حوالي 400 مليون دولار سنويا’. واضاف ابو لبدة ’الحديث عن استثمارات فلسطينية اسرائيلية مشتركة هو حديث اشبه ما يمكن ان يقال فيه انه حديث اكاديمي. فلا يوجد هناك إلا ما ندر بعض الاستثمارات غير الظاهرة وهي ارقام متواضعة جدا جدا، وما هو بارز هو بعض الممارسات التي يقوم بها بعض التجار الفلسطينيين للالتفاف على القيود والعقبات والمعيقات التي تضعها اسرائيل’. وضرب ابو لبدة مثالا على مصنع فلسطيني قد يضطر الى شراء ماكنة لا يسمح للفلسطينيين باستيرادها حيث يلجأ في هذه الحالة الى شخص اسرائيلي او مستثمر اسرائيلي او شركة اسرائيلية لاستيرادها، وقال ’ان تلك الممارسات تحدث احيانا’. واضاف ابو لبدة قائلا ’انا أؤكد انه لا توجد هناك استثمارات فلسطينية بارقام فاقعة في اسرائيل او في المستوطنات لان اسرائيل لا تسمح بمثل هذه الاستثمارات وتحديدا في المستوطنات لانها تعتبر مناطق عسكرية مغلقة على الفلسطينيين’. ونوه ابو لبدة الى امكانية ان يكون هناك بعض المستثمرين من القدس يستثمرون داخل اسرائيل لان القوانين الاسرائيلية تسمح لهم بالاستثمار كونهم يحملون بطاقة اقامة في القدس التي تعتبرها جزء منها. وحول الدراسة الفلسطينية التي اعدها الباحث الاقتصادي عيسى سميرات عن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية والتي بينت بأن هناك استثمارات فلسطينية تتراوح بين 2.5 و5.8 مليار دولار تم ضخها بإسرائيل والمستوطنات في 2010 قال ابو لبدة ’انا اقلل من اهمية هذه الدراسة لان فرضياتها غير صحيحة، وانا اعتقد بان من يطلع على تلك الدراسة التي هي دراسة ماجستير لاحد الطلبة سيكتشف فورا ان الاسس التي تقوم عليها الدراسة ليست بالضرورة اسس ذات علاقة باستثمارات فلسطينية في اسرائيل’. وحسب الدراسة فإن الاستثمارات الفلسطينية المشار إليها لو تم ضخها في الضفة الغربية لوفرت 213 ألف وظيفة للفلسطينيين، وذكر الباحث أنه حصل على سجلات رسمية تبين حصول 16 ألف رجل أعمال فلسطيني من الضفة على تصاريح دخول دائمة لإسرائيل، مشير الى ان هؤلاء المستثمرين أسسوا شركات ومصانع في إسرائيل والمناطق الصناعية التابعة للمستوطنات، وهم يدفعون ضرائب لوزارة المالية الإسرائيلية. ومن جهته رد ابو لبدة على ما ورد في تلك الدراسة التي سألته القدس العربي عن حقيقة ما ورد فيها من ارقام قائلا ’لا يجري الحديث عن استثمارات فلسطينية داخل اسرائيل تحت اي ظرف من الظروف ولكن هناك حالات يضطر فيها الفلسطيني للاستيراد عبر وكيل اسرائيلي لتجاوز بعض العقبات التي تضعها اسرائيل في مجال الاستيراد المباشر لان اسرائيل لديها قائمة طويلة جدا من السلع التي تمنع استيرادها المباشر وتلزم الفلسطينيين باستيرادها عبر وكيل اسرائيلي وهذا الذي تتحدث عنه الدراسة’. واضاف ابو لبدة ’هذه دراسة اكاديمية تناقش حركة التجارة اكثر منه حركة الاستثمار، على الرغم من ان عنوانها هو الاستثمار الفلسطيني في اسرائيل’، مضيفا ’مثبت في قيودنا ان اجمالي السلع التي يتم استيرادها من اسرائيل او عبر اسرائيل للاراضي الفلسطينية يفوق الـ4 مليارات دولار، وبالتالي الحديث لا يجري عن استثمارات بقدر ما هي تجارة تتم مع تجار اسرائيليين او عبر تجار اسرائيليين للنفاذ للاسواق العالمة للحصول على معدات وسلع وغيرها من الاشياء’. وتابع ابو لبدة قائلا ’انا اطمئن كل الفلسطينيين والعرب بأنه لا توجد هناك حركة استثمار مشتركة ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين’، مشيرا الى ’ان الفلسطيني اذا استثمر مع اسرائيلي لا يوجد لديه القدرة على تثبيت كيان قانوني لاستثماره بالنسبة للسلطة الوطنية الفلسطينية. فاين سيثبت حقوقه؟ ولذلك الحديث يجري عن تجارة وهذه التجارة نصرح عنها باستمرار وتتعلق بالاستيراد وليس بالاستثمار’. وبشأن التأثير الذي تلحقه اسرائيل بالاقتصاد الفلسطيني جراء احتجاز اموال الضرائب الفلسطينية وعدم تحويلها لخزينة السلطة قال ابو لبدة ’الاموال المحتجزة هي اموال فلسطينية وتمثل ثلثي الايرادات الفلسطينية وبالتالي هي مهمة جدا ليس فقط لدفع رواتب الموظفين الحكوميين بل للاقتصاد الوطني الفلسطيني’، مشيرا الى انها اموال ضرائب وجمارك على السلع المستوردة للاراضي الفلسطينية وتتقاضى اسرائيل عمولة على جمعها كونها هي التي تتحكم في المعابر والموانئ الحدودية. واضاف ’اكثر من 85 بالمئة من وارداتنا تتم عبر اسرائيل، لاننا لا نتحكم بالمعابر’، ووفق الاتفاق الاقتصادي يجب ان تتحول هذه الاموال للسلطة شهريا، متابعا ’وهذه الايرادات تتراوح شهريا ما بين 90 - 110 مليون دولار وتمثل تقريبا ثلثي الايرادات الفلسطينية الذاتية ولذلك فان احتجازها يشكل تحدي كبير بالنسبة للجانب الفلسطيني’. وشدد ابو لبدة على ان احتجاز تلك الاموال من قبل اسرائيل يأتي من باب العقوبات الجماعية ’التي تفرضها اسرائيل على الشعب الفلسطيني لان حجز هذه المبالغ لا يؤثر فقط على قدرة السلطة على دفع رواتب الموظفين الحكوميين لكن يؤثر على قدرة السلطة في الايفاء بالتزاماتها تجاه القطاع الخاص وتجاه المؤسسات الخدماتية وبالتالي فان حجز هذه الاموال يمس قوت الشعب الفلسطيني بشكل عام ويؤدي الى الاضرار بالنشاط الاقتصادي الفلسطيني، ولذلك اعتقد نه قد يكون من المفيد ان تلجأ الجهات الفلسطينية المختلفة للقضاء الدولي للبت في هذا الموضوع الذي تتجاوز فيه اسرائيل الاتفاقيات مع السلطة الوطنية الفلسطينية’.واضاف ’نحن لا نتحدث عن الاموال التي تحتجزها اسرائيل فقط بل عن اي ضرر يلحق بالاقتصاد الوطني الفلسطيني’، متابعا ’انا اعتقد انه من حق كل مواطن فلسطيني يتضرر بشكل مباشر من احتجاز اسرائيل للاموال الفلسطينية لديه الحق الكامل بان يرفع قضية على الجانب الاسرائيلي خاصة وان حجز هذه الاموال قد يؤدي الى عدم التمكن من دفع الرواتب’. واشار ابو لبدة الى انه يقترح اللجوء الفلسطيني للقضاء الدولي مؤسساتيا وفرديا، وقال ’فكل موظف من موظفي السلطة لا يتقاضى راتبه نهاية الشهر هو متضرر وكل متضرر عليه ان يحاول ان يرفع قضية على المتسببين بهذا الضرر، وفي هذه الحالة المتسبب بالضرر هو وزارة المالية الاسرائيلية والحكومة الاسرائيلية’، مضيفا ’وانا اعتقد انه آن الاوان لتجاوز مسألة التحفظ والاستنكار والشجب والشكوى للجنة الرباعية وغيرها. على اسرائيل ان تمتثل للقانون الدولي وانا اتمنى لو تقوم المؤسسات الحقوقية والاقتصادية الفلسطينية بالبدء باجراءات للحفاظ على حقوقها التي تمس من قبل الاجراءات العدوانية الاسرائيلية’. وطالب ابو لبدة المؤسسات الحقوقية بتبني شكوى المواطنين المتضررين من احتجاز اسرائيل للاموال الفلسطينية والبدء بملاحقتها امام القضاء الدولي، مشيرا الى ’انه يتم المس برواتب 163 الف موظف فلسطيني ’يسبب احتجاز اموال الضرائب الفلسطينية. واضاف ’من حق هذا الموظف ان يلجأ للقضاء بشكل فردي او عبر مؤسسات حقوقية لملاحقة الجهات المتسببة بالحاق الضرر بقوت يومه’.