تعتبر الرقابة البيئية إجراءً ملحاً في حالتنا الفلسطينية، وتمثل مرتكزاً مهماً في عملية الحفاظ على البيئة واستدامة مواردها، كونها الطريق لقياس مدى التزام المواطنين بكافة شرائحهم بقانون البيئة الفلسطيني.فالرقابة البيئية مفهوم اخذ حيزاً كبيراً في الدول المتقدمة التي ادركت اهمية العدالة البيئية وحق الاجيال القادمة بالانتفاع من الموارد الطبيعية، اما في حالتنا العربية وفلسطين على وجه الخصوص فنرى قصوراً في هذا الجانب، بالرغم من وجود عدة مرجعيات رقابية بيئية مختلفة، متداخلة المهام والصلاحيات بناء على القوانين التي تحدد اختصاصاتها.غياب ملف الرقابة على الأداء البيئي بشكل جدي ومهني عن اجندة صانع القرار بالرغم من ارتباطه بالتنمية والتنمية والمستدامة، يجعل الجهود للنهوض بالواقع البيئي تراوح مكانها، لأن الحكومة هي راعي عملية التنمية، وعلى عاتقها يقع توفير الكادر المتخصص والامكانات التي تسهم في انجاح هذا الجهد، في ظل غياب الثقافة المجتمعية بالمعايير البيئية التي تهدف الى ضبط الاجراءات والسلوكات سواء على المستويين الشعبي او المؤسسي ومحاكمتها وفقاً لقانون البيئة.كثيراً ما نسمع ان المواطنين لا يعرفون ان هناك قانوناً للبيئة ومثلهم يتذمر من تغييبه، وان المحاكم تخلت عن القضايا ذات العلاقة بالشأن البيئي، لذلك يتطلب منا توعية الجمهور بقانون البيئة الفلسطيني وضرورة الاحتكام اليه في حال التجاوزات البيئية لأنه كفل للمواطن العيش في بيئة سليمة، علماً ان قانون البيئة قانون سيادي، بحيث يستطيع المواطن التوجه الى القضاء دون مراجعة جهات الاختصاص لأن الاعتداء على البيئة اعتداء على سيادة الدولة.والرقابة على الاداء البيئي في ظل الامكانات المحدوة والضعف في القانون لافتقاره الى لائحة تنفيذية لتطبيقه على الارض، تتطلب جهداً مشتركاً بين المؤسسات ذات الاختصاص على مختلف مسمياتها من جهة والمواطن من جهة اخرى، فالمواطن اذا تسلح بالمعرفة بحقوقه البيئية وفقاً للقانون سيكون شريكاً فعالاً في تطبيق القانون وانزاله حيز التنفيذ كجزء من المسؤولية الاجتماعية المشتركة، بالإضافة الى وعي صانع القرار بالقضية البيئية كأولوية وطنية في عملية التنمية المستدامة، فالمؤسسات البيئية تراقب اداء الجمهور، وهنا لا بد من جهة عليا تراقب اداء المؤسسات او الدوائر البيئية الرقابية بمعنى ان يكون هناك رقابة مركزية على اداء الجهات الرقابية المختلفة، وان تتمتع هذه الجهة بالكفاءة العالية في مجال الاختصاص بحيث لا يمكن نجاح العمل البيئي الا بجهد جماعي، وعلى سبيل المثال، عملية مراجعة تقييم الاثر البيئي والتي تعتبر من اختصاص الحكومة عبر لجنة وطنية ترأسها سلطة جودة البيئة، هل بامكانها ان تأخذ دورها الحقيقي وان تخرج بنتائج مهنية ودقيقة في ظل محدودية الامكانات البشرية المتخصصة والمادية، وتهميش المشاركة المجتمعية للاعتراض والقبول، لذلك يجب اعادة النظر في الآلية المتبعة لمراجعة الأثر البيئي وتطويرها على المستوى الوطني لتكون فعالة وعلى مستوى التحديات. ومن هنا تنبع اهمية الرقابة المركزية والشاملة على الاداء البيئي بشكل كامل، لانه لا يعقل ان يقيم الاداء البيئي من غير اصحاب الاختصاص وخصوصاً في حالة الرقابة الشاملة على الاداء البيئي على المستويين الشعبي والمؤسسي، بالاضافة الى ضرورة اعادة هيكلة دوائر البيئة في المؤسسات والوزارات الشريكة في الرقابة البيئية ورفدها بالمختصين لتفعيل هذه الدوائر للوصول إلى نواة فريق وطني يأخذ على عاتقه وضع اسس ومعايير رقابية مهنية تتلاءم مع الواقع وطبيعة الحالة الفلسطينية وتكون هذه الخطوة الأساس المهني لفرض الرقابة البيئية ببعدها الفني كجزء اصيل في اطار الرقابة المالية والادارية.علاء حنتشمدير جمعية مركز الاعلام البيئي Alaa.hantash@hotmail.com