خبر : المعركة لم تبدأ بعد..صابر حسين

السبت 07 مايو 2011 03:42 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المعركة لم تبدأ بعد..صابر حسين



قد يظن قارئ هذا المقال أنني من المتشائمين ، لكني لست كذلك ، كل المتغيرات من حولنا تدعو إلى التفائل ، خاصة ما يحدث في عالمنا العربي و المجتمع الفلسطيني  من تغير في بعض أنظمة الحكم و التحول نحو الديمقراطية و التعددية . هذا التغير الذي بعث الامل من جديد في قدرة الشعوب ومنها الطبقات المسحوقة التي على هامش النظام السياسي الرسمي في امكانتها وقدرتها على التغيير.عملية التغيير تلك مجبولة بدماء الشهداء والكثير من الجرحى وآلاف المعتقليين السياسسين ومعتقلي الرأي. لا يمكن الحديث عن عملية التغيير تلك بدون هذا الاستحاق خاص في شروط وظروف تاريخية غاية في القسوة و التخلف كما الحالة العربية  تستدعي التغيير الجذري . التحول نحو الديمقراطية و المواطنة في بنية اجتنماعية ساسية كالبنية  العربية التقليدية على الاغلب يستدعي هذا النوع من التضحيات . لم يلحظ الكثير من النخب و المنظرين على اختلافهم القوة الكامنة في الجماهير، وخطاب النخبة بإستمرار كان يشوبه الكثير من الشك في قدرة و إمكانيات الجمهور على التغير، و على الاغلب كان ينظر الى الجمهور العريض باستعلاء وانه ليس ذو قيمة، و العمل السياسي هو مهمة تلك النخب و ليس الجمهور الواسع فهو عمل نخبوي بالدرجة الاولى. لهذا كان دور معظم الاحزاب السياسية في عالمنا العربي دور المتفرج خاصة في بداية عمليات التغيير. جيل الشباب الذي ينتمي إلى طبقات اجتماعية مختلفة خاصة الطبقة الوسطى لعب دور اساسي وجوهري في عملية التغيير هذا الجيل الذي شب وترعرع خارج الاطار التقليدي المتحجر للحزب و النظام العربي الرسمي .  هذا الامر ينطبق تماما على الحالة الفلسطينية التي لعب فيها الشباب دور مركزي في عملية التغير و المصالحة الجارية ، وحركة الشباب هذه هي ليست كغيرها من الحركات ذات الطابع السياسي فهي حركة اجتماعية سياسية بامتياز تلك الحركة و الحالة التي  كانت تفتقر اليها المنطقة العربية هي حركة تمول نفسها بنفسها ،هي حركة في شكلها الداخلي و الخارجي طوعية ،  ليس لها اجندة خارجية ، همها هو هم الطبقات المسحوقة، لديها وعي واحساس عميق بطبيعة المشكلة الاجتماعية – السياسية ، هي جزء أصيل من هذا الهم، هي لا تؤمن باشكال االعمل التقليدي الابوي  المتعارف عليه. هي حركة تاخذ وتغلب  المتغيرات الداخلية الاقتصادية الاجتماعية السياسية و المدنية  على المتغيرات الخارجية على عكس تماما الاحزاب و الحركات السياسية التي تعلب في كثير من الاحيان  المتغيرات الخارجية و لها حسابات وارتباطات  و أجندات خارجية.هكذا يعلمنا درس  التاريخ ، ان الديموقراطيات و المجتمعات الحداثية نجحت بوجود حركات اجتماعية تشكل صمام أمان ، تغلب المصلحة الداخلية على المصلحة الخارجية لديها وعي صلب حول مصالح المجتمع وهي تشكل واحدة من قوى الضغط  الاساسية التي تعمل على تحديد معالم النظام . وهكذ أيضا تعلمنا من تاريخنا الفلسطيني المعاصر ،أن الانتفاضة الفلسطينية الاولى كانت حركة اجتماعية سياسية من الدرجة الاولى لهذا نجحت، كانت طوعية في جوهرها   شاركات فيها كل فئات و شرائح المجتمع الفلسطيني، اسس لها وقادتها أطر واجسام طوعية من جيل الشباب . والان و المجتمع الفلسطيني على أبواب المصالحة و تشكيل حكومة جديدة ، يبرز أهمية دور الشباب في تحديد معالم المرحلة القادمة في تشكيل قوة ضغط على كل الاطراف ، لحماية الوحدة الوطنية من ناحية ووضع الاسس الاجرائية المناسبة لذلك . صحيح أن فتح وحماس هما الفصيلين الرئيسيين على الساحة وصحيح أن إتفاق المصالحة في القاهرة ينص على سبيل المثال على تشكيل الحكومة بالتوافق ، وصحيح أيضا أن الحكومة المستقبلية لها سقف زمني وبرنامج محدد. إلا أنه من المهم أن تستمر حركة الشباب في الاتساع  و الضغط  لضمان تشكيل حكومة  وفق معايير معينة طالما الحديث يدور عن حكومة من المهنيين  (التكنوقراط) . حكومة تضم أشخاص مشهود لهم بالكفاءة و النزاهة و الشفافية و الموضوعية  أشخاص مهنينن . يجب عدم ترك الامر لفتح وحماس للتنقرير في ذلك، ليرشحو من يشائوا ولكن لنا الحق كمجتمع وشباب في الاعتراض و التغيير. لقد ضرب الشباب المصري أروع  نموذج في هذا الاطار، كلنا يذكر تعيين أحمد شفيق كرئيس وزراء للحكومة المصرية مباشرة بعد نجاح الثورة  ولم يلق ذلك كبقول الحركة الشبابية ، هم الشباب أنفسهم الذين غيروا وفرضو التغيير على المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصري ، هم الشباب الذين جاءوا بعصام شرف و نبيل العربي .لم يعد مقنعا التبرير أن الحالة الفلسطينة لها خصوصيتها فكلنا يدرك ذلك ، ولم يعد مقنعا العودة إلى إطر العمل السابقة و نظام المحاصصة ، وتسمية أشخاص لرئاسة االحكومة وأعضاء فيها  على أنهم مستقليين و مهنيين وهم ليسوا كذلك وكأنننا كفلسطينيين أصابنا العقم ولم يعد بيننا لا مهنيين ولا  أشخاص مشهود لهم بالنزاهة وكأننا ما زلنا مجموعه من الرعيع . الشباب و المجتمع هم من يحدد من هو النزيه و المحايد و المهني ، ومهمتم الرئيسة  فرض أجندة المجتمع على نخبهم السياسية وغيرها ، هنا نحن لا نتحدث عن الشباب بالمفهوم الضيق للكلمة، فما حققة الشباب في عالمنا العربي هو جزء من أرثنا و تراثنا يجب حمايته و الحفظ و البناء عليه كشباب و كفلسطينيين .