خبر : المفاوضات: تبرئة إسرائيل ...بقلم غيل هوفمان

السبت 30 أبريل 2011 09:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
المفاوضات: تبرئة إسرائيل  ...بقلم غيل هوفمان



واشنطن / وكالات / بحسب إحدى المنظمات الأمريكية، "تسريب وثائق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية" يقوّض رواية إسرائيل. هل تساعد هذه الفرضية إسرائيل على النجاح في طرح قضيتها أمام الأمم المتحدة في شهر أيلول/سبتمبر؟   التعليقات (8)  يُنظَر إلى قرار السلطة الفلسطينية بشأن السعي إلى التوصّل إلى تسويةٍ مع حركة "حماس" في القدس على أنه رهانٌ يُقصَد به استقطاب دعم المجتمع الدولي ومساندته للإعلان عن إقامة دولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول/سبتمبر القادم.   وتراهن السلطة الفلسطينية على أن تقديم صورةٍ للوحدة الفلسطينية القائمة في كلا الضفة الغربية وقطاع غزة أمام العالم قبل التصويت على إقامة دولة فلسطين يعتبر أهمّ من النأْي بنفسها عن الإرهاب الذي تمارسه "حماس". فمن خلال تشكيل حكومةٍ من الشخصيات المهنية (التكنوقراط) والتي تحدّ من الإرهاب – لشهورٍ قليلةٍ على الأقل – يحاول الفلسطينيون تقويض الأعذار التي يمكن إثارتها لمنع إقامة الدولة الفلسطينية.   يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يخبر القادة الأوروبيين في زيارته إلى لندن وباريس خلال الأسبوع المقبل بأن دعم قرار الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر سوف يمنح الفلسطينيين عرضًا زائفًا، وليس دولة. فلا يمكن أن تولَد الدولة – واتفاقية السلام – إلا من خلال المفاوضات.   ولكن الإعلان عن الوحدة الفلسطينية، والذي فاجأ أجهزة المخابرات الإسرائيلية، قد يصعِّب الأمر على نتنياهو في طرح الفرضية التي يسوقها، لأنه ليس هناك من فرصةٍ لإطلاق المفاوضات مع حكومةٍ فلسطينيةٍ تشارك فيها "حماس" التي ترفض نبذ الإرهاب. وبخلاف ذلك، فقد يكون الفلسطينيون قد تصرّفوا لمصلحة نتنياهو بتسهيل الأمر عليه في تحذير المجتمع الدولي وتنبيهه لمعارضة إنشاء دولةٍ قد توفر الأساس لانطلاق أعمال الإرهاب ضد أراضي إسرائيل.   سوف يجوب نتنياهو ومحمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أقطار العالم منذ الآن وحتى شهر أيلول/سبتمبر في إطار سعيهما للترويج لمواقفهما ووجهات نظرهما في هذه القضية. ويكمن أحد الأمور التي قد تكون محوريّةً في إقناع زعماء العالم بقبول روايتيهما قبل حلول شهر أيلول/سبتمبر 2011 في التأكّد من فهم السبب الذي أفضى إلى توقُّف محادثات السلام التي كانت تتطرّق إلى القضايا الجوهرية بين إسرائيل والفلسطينيين في أيلول/سبتمبر من العام 2008.    ويحتلّ هذا الأمر أهميةً خاصةً الآن لأن الفلسطينيين برّروا سعيهم لنيل الاعتراف بدولتهم من الأمم المتحدة والتوصّل إلى اتفاقيةٍ مع "حماس" بالقول بأن التوصّل إلى تسويةٍ مع إسرائيل لم يكن من بين الخيارات المطروحة. ومن بين الحجج المركزية التي يقدّمها الرئيس عباس لزعماء العالم أنه حاول الوصول إلى اتفاقيةٍ مع حكومة الحمائم السابقة التي كان إيهود أولمرت يتزعّمها قبل وصول نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وأنه كان قاب قوسين أو أدنى من إبرام تلك الاتفاقية، ولكن التحقيقات الجنائية التي تسبّبت في سقوط حكومة أولمرت قضت على الفرص المتاحة للوصول إلى السلام أيضًا.   وكان أولمرت قد ادّعى أن السبب الذي حال دون تحقيق السلام يكمن في أنه عرض تسويةً مُجزِيةً على الرئيس عباس، ولكن الأخير لم يردّ عليها مطلقًا. ويقول أولمرت بأنه عرض ما نسبته 100% من أراضي الضفة الغربية (باستثناء 6.8% من الأراضي التي سيجري تبادلها)، وعودة 10,000 لاجئٍ فلسطينيٍ إلى إسرائيل بحيث يقيمون ضمن الحدود النهائية لإقليمها، وخضوع الحوض المقدس في البلدة القديمة في القدس للإدارة المشتركة بين الحكومات الإسرائيلية والفلسطينية والأمريكية والأردنية والسعودية، وذلك في يوم 31 آب/أغسطس 2008، أي قبل ثلاثة أشهر من استقالته. وكانت المرة الأخيرة التي التقى فيها أولمرت بالرئيس عباس في يوم 16 أيلول/سبتمبر من ذلك العام – أي قبل خمسة أيام من استقالته وقبل أكثر من ستة أشهر من تركه منصبَه – ولكن الرئيس عباس لم يردّ على هذا العرض ولم يقدّم عرضًا مقابلاً له.    وينظر عددٌ كبيرٌ من المعنيّين في العالم إلى الوثائق الـ1,700 التي كشفت عنها قناة "الجزيرة" وصحيفة "الغارديان" البريطانية في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، والتي سُمِّيت بـ"الوثائق الفلسطينية" أو "تسريبات وثائق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية"، باعتبارها دليلاً على أن الفلسطينيين كانوا مستعدّين لتقديم تنازلاتٍ غير مسبوقةٍ حول القدس واللاجئين في المحادثات التي أجراها الرئيس عباس مع أولمرت. وقد غذّى هذا الانطباع التحليل الذي انتهجته المؤسستان الإعلاميتان المذكورتان في نشر الوثائق على نحوٍ انتقائيٍّ وبصورةٍ بدا فيها الرئيس عباس سخيًّا للغاية وإسرائيل مغاليةً في تعنّتها في المقابل.    ولكن قراءةً جديدةً خرجت بها إحدى المؤسسات المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية وجدت أنه على خلاف الطريقة التي أذيعت بها الوثائق الفلسطينية، فقد أثبتت هذه الوثائق في الواقع صحة وجهة النظر الإسرائيلية بشأن كافة القضايا الرئيسية.    وقد شكّلت مؤسسة "مسيحيون من أجل الشهادة العادلة حول الشرق الأوسط" (Christians for Fair Witness on the Middle East) فريقًا من الباحثين لقراءة كافة الوثائق الفلسطينية التي يبلغ عددها 1,700 وثيقة. وتصنف هذه المؤسسة نفسها كمنظمةٍ مسيحيةٍ ليبراليةٍ غير إنجيلية (حيث ينتمي معظم أعضائها إلى الطائفة البروتستانتية وطائفة الروم الكاثوليك) وتركّز عملها على تعميم الحقائق بشأن النزاع العربي الإسرائيلي على الكنائس الأمريكية.   وتحاول هذه المنظمة أن تقنع العالم بدراسة الوثائق المذكورة والنظر فيها بصورةٍ معمَّقة، وعدم الاقتصار على قبول إساءة نشرها باعتباره حقيقةً مسلَّمًا بها.   يتمثل التنازل الرئيسي الذي نُقِل عن الفلسطينيين أنهم قدّموه في السيطرة على الأحياء اليهودية في القدس. فقد نقلت قناة "الجزيرة" أن الفلسطينيين عرضوا "السماح لإسرائيل بالاحتفاظ بجميع الأحياء اليهودية التي شيّدتها في القدس الشرقية باستثناء حيٍّ واحد"، وهو مستوطنة "هار حوما"، والمستوطنات المقامة على الخطّ الأخضر والتي تبلغ تساوي مساحتها ما يقرب من 2% من الأراضي التي كان الأردنّ يسيطر عليها بين عاميّ 1948 و1967.   غير أن المؤسسة المذكورة وجدت أن الوثائق الفلسطينية لا تشير إلى أن الرئيس عباس قدّم عرضًا مقابلاً للمقترح الذي عرضه أولمرت في تاريخ 31 آب/أغسطس. وكشفت المؤسسة عن الوثائق التي تشير إلى أن الفلسطينيين قرّروا عدم تقديم عرضٍ مقابلٍ خلال الاجتماع الأخير الذي عُقِد بين أولمرت والرئيس عباس في يوم 16 أيلول/سبتمبر، وأن أعضاء فريق الرئيس عباس نصحوه بالتريّث في الردّ إلى حين خروج الرئيس جورج بوش من البيت الأبيض.   وأشارت مذكرةٌ صدرت في يوم 2 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى أن د. صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، أخبر ديفيد ويلش، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، في سياق الردّ على سؤاله حول العرض الذي قدّمه أولمرت، "إننا عرضنا تبادل أراضٍ تبلغ نسبته 2%، وهو ما يسمح لـ70% من المستوطنين بالبقاء."    بيْد أن نسبة الـ2% غير مذكورةٍ على الإطلاق في مذكرة "نقاط الحوار" التي قُدِّمت في الاجتماع الأخير الذي عُقد بين الرئيس عباس وأولمرت بتاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر 2007، ولا في مذكرة "نقاط الحوار التي قدّمها الفلسطينيون بشأن المقترح الإسرائيلي" بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2008. ولذلك، يبدو أن نسبة الـ2% لم تستحوذ على تفكير الفلسطينيين عند تقديم الردود المحتملة على العرض الذي تقدّم به أولمرت. وعلاوةً على ذلك، فليس هناك من إشارةٍ من أيّ نوعٍ إلى أن هذه النسبة قُدِّمت لأولمرت بعد تاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر 2008.    وقالت مؤسسة "مسيحيون من أجل الشهادة العادلة حول الشرق الأوسط" بأنه "ليس هناك من إشارةٍ في أيّ موضعٍ في الوثائق الفلسطينية تقول بأن أن عباس قدّم هذا ‘العرض المقابل المتعلّق بتبادل الأراضي والذي تبلغ نسبته 2%’ – أو أي نسبةٍ أخرى – لأولمرت."   ويتضمّن التنازل الثاني الذي نُقِل عن الفلسطينيين تقديمه خلال المباحثات مع أولمرت مصير الحرم القدسي الشريف (الذي يشير إليه الإسرائيليون بـ"جبل الهيكل") والحوض المقدس.   وتقول التقارير ذات الصلة بأن "[السلطة الفلسطينية] اقترحت إقامة سيطرةٍ دوليةٍ على الأماكن المقدسة الرئيسية في القدس".   ولكن الوثائق التي كشفت عنها مؤسسة "مسيحيون من أجل الشهادة العادلة حول الشرق الأوسط" وجدت أن قناة "الجزيرة" أخطأت في نقل الأخبار عن السيطرة الدولية على الحوض المقدس حين صورتها على أنها مقترحٌ قدمته السلطة الفلسطينية. ففي الوثيقة ذات الصلة، صرّح د. عريقات للمسؤولين الأمريكيين – وليس لأولمرت – بأنه كان يتحدث بصفته الشخصية. وبحسب ما تقوله المؤسسة المذكورة، "لم يكن هذا المقترح عرضًا، بل كان مجرد كلام".    وأخيرًا، نقلت قناة "الجزيرة"، فيما يتعلق بقضية اللاجئين، عن الفلسطينيين أنهم وافقوا على أن تستقبل إسرائيل ما لا يزيد عن 10,000 لاجئٍ في السنة على مدى عشر سنوات، بحيث يصل مجموعهم إلى 100,000 لاجئ، وهو ما يشكّل تنازلاً عن المطالبة بعودة جميع اللاجئين وأولادهم الذين نزحوا عن ديارهم وأراضيهم في عام 1948 – والذين يصل تعدادهم إلى عدة ملايين – إلى إسرائيل.    ولكن الوثائق التي أبرزتها مؤسسة "مسيحيون من أجل الشهادة العادلة حول الشرق الأوسط" تنقل محادثةً جرت بين الرئيس عباس وأولمرت وأعاد د. عريقات سرْدها. ففي هذه المحادثة، قال الرئيس عباس لأولمرت "هل أنت تمزح؟"، تعقيبًا على المقترح الذي قدمه هذا الأخير بعودة 10,000 لاجئٍ على مدى عشر سنوات. وتقول مذكرةٌ داخليةٌ صدرت في يوم 22 أيلول/سبتمبر 2008 للردّ على عرض أولمرت "بأننا في الوقت الذي نوافق فيه على التفاوض على عدد العائدين في ضوء قدرة إسرائيل على استيعابهم، فلا يمكننا أن نأخذ هذا العرض المحدّد على محمل الجدّ".    ويقدّر الفلسطينيون بأن قدرة إسرائيل على استيعاب العائدين تزيد بقليلٍ عن مليون لاجئٍ على مدى فترة السنوات العشر المقترحة. وهذا هو التنازل الوحيد الذي أبدى الفلسطينيون استعدادهم لتقديمه في هذه القضية. وحتى هذا التنازل يُعتبر ذا طابعٍ مؤقت.   بل كان الفلسطينيون يتوقعون "عودة" المزيد من اللاجئين في مراحل لاحقة.  وقالت المؤسسة المذكورة بأنه "بينما ظهرت ادّعاءاتٌ في وسائل الإعلام بأن السلطة الفلسطينية كانت مستعدةً لتقديم تسوياتٍ كبيرةٍ في قضية اللاجئين، فإن الوثائق الفلسطينية تبيّن بأن الأمر لم يكن كذلك". "ففي حين كان المفاوضون الفلسطينيون يتحدثون على الملأ حول تسوية بشأن قضية اللاجئين، فقد كانوا يتحدثون فيما بينهم عن ‘حق العودة’ باعتباره أمرًا يرتبط بالاختيار الشخصي، بحيث يتوجب أن يشمل كل لاجئٍ من اللاجئين الفلسطينيين الذين يربو عددهم على سبعة ملايين لاجئ. وتوقّع الفلسطينيون احتمال ‘عودة’ الملايين من اللاجئين الفلسطينيين إلى دولة إسرائيل، مع احتفاظ الفلسطينيين بحقهم المفتوح في محاولة التفاوض حول ‘عودة’ المزيد من هؤلاء اللاجئين دون التقيد بأي عددٍ يجري التوافق عليه بصورةٍ أولية في معاهدة السلام."    وعبّرت مؤسسة "مسيحيون من أجل الشهادة العادلة حول الشرق الأوسط" عن أملها بأنه مثلما ساد الفهم بأن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رفض العرض الإسرائيليّ السخيّ في مفاوضات كامب ديفيد في عام 2000 قد أسهم في تحسين صورة إسرائيل على الصعيد الدولي بأن يحدث ذات هذا الأمر إذا أدرك العالم أن عباس كرّر خطأ عرفات في شهر أيلول/سبتمبر 2008.    وقالت المؤسسة بأنها تصلّي لكي يساعد هذا الأمر إسرائيل على تجنُّب أزمةٍ كبرى في شهر أيلول/سبتمبر القادم. عن جيروزاليم بوت الانجليزية الاسرائيلية