خبر : انهم يدمرون الحاضر ويسطون على المستقبل....خليل أبو شمالة

الأربعاء 27 أبريل 2011 04:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
انهم يدمرون الحاضر ويسطون على المستقبل....خليل أبو شمالة



تساؤلات كثيرة تدور بين المواطنين حول ما يجري في سوق العقارات في قطاع غزة ،فيما تجتاح حالة من القلق الشباب تجاه مستقبلهم ،وامكانية تحقيق الحد الأدني من أحلامهم  في الحياة على طريق تأدية كل واحد منهم رسالته في تأمين شروط حياة كريمة له ولأسرته في المستقبل ولمن بعده بعد وفاته.   التساؤلات مشروعة ،ومنطقية ،وتحتاج لوقفة المجتمع بأكمله من أجل وقف العبث في سوق العقارات ، والتوصل لمعرفة من الذي الذي يعطي الحق لمجموعة من تجار العقارات لكي يحددوا سعر متر الأرض كيفما شاؤوا ،ليصل الى أسعار فلكية خلال وقت محدد ؟؟ فيما تمارس هذه المجموعة الصغيرة حرية مطلقة في تدمير ممنهج لمستقبل الأجيال الحالية وفي عملية سطو لا اخلاقية على مستقبل الأجيال القادمة تصادر احلامهم وما تقى من بارقة امل في عيش كريم في قطاع غزة.   غزة التي تعيش حصارا ومقاطعة وارتفاع في نسب الفقر والبطالة ،غزة المعروفة  بصمود أبناءها وارادة شبابها لتحقيق الحرية والكرامة والاستقلال ، نجدها مسلوبة الارادة أمام اقتصاد سوق العقارات المحكوم بسياسة نفعية محضة ،لصالح مجموعة من التجار ،ربما البعض منهم مغلف بحماية سياسية تحت عناوين ومبررات مختلفة ،وأي كانت ،فانها في النهاية لا تفكر الا بجمع المال على حساب طموح مشروع للمواطنين .  الغرابة تكتنف كل من يتابع ويراقب هذا العبث ،حيث أنه في الوقت الذي تخلت فيه الرأسمالية عن اقتصاد سوق العقارات بشكله الوقح والقذر ،ولم تترك السلع حصرا محكومة لقوانين السوق ، واتاحة المجال لأفراد يقررون في شؤون العباد ، وتدخلت من أجل تقنين وتنظيم التداول لصالح المجتمع وضمان مصلحة المواطن ، في هذا الوقت نجد غزة تعيش الشكل الأسوأ ،والنموذج الأخطر في التعامل مع وقاحة سوق العقارات ،الذي يعطي الظهر للمعذبين في الارض الذين شاءت اقدارهم بان يتواجدوا في هذا السجن الكبير في تلك اللحظة التاريخية.  كيف يمكن أن نتحدث عن حصار وسعر متر الأرض يصل  من 300 ادينار لى ألف دينار أردني؟كيف يمكن ان يحدذ ان احدهم يشتري ارضا بسعر 50 دينارا للمتر ويقرر بيعها بـ 200 دينار وفي اليوم الذي يليه يرفع سعرها اكثر واكثر؟. كيف يمكن أن نواجه الحصار ونعيش حالة المقاومة ، وغزة يعيش بين ظهرانيها مجموعة ممن يدمرون  بوعي حاضرنا ويسطون على مستقبلنا ؟ كيف يمكن لأي مواطن أن يفكر بامتلاك شقة  زاد سعرها بنسبة 200 % وربما أكثر في العديد من الحالات ؟ من الذي أعطى هؤلاء الحق بتحديد مصير المجتمع؟ومن أعطاهم الضوء الأخضر لكي يسيطروا على مساحات أراضي غزة بأموالهم؟ وما هو دور الحكومة وسلطة الأراضي في حفظ مستقبل الأجيال ،وتخصيص أراضي للمرافق العامة تستوعب الزيادة السكانية الطبيعية في قطاع غزة ،بعد أن وسعت حكومة الاحتلال المنطقة العازلة شمال وشرق قطاع غزة ، اضافة الى استعداد غزة لاستقبال المهجرين من ليبيا والبلدان العربية الأخرى؟ لقد نزف الدم ،وقضى أعداد هائلة من الشهداء ،وعشرات الآلاف من المعتقلين في اطار الصراع مع الاحتلال على الأرض ،والصراع لا زال مستمرا بهدف تحقيق كرامة الفلسطيني واستقراره وتوفير حياة كريمة له ولأبناءه ،ولم تكن كل هذه التضحيات من أجل مجموعة من تجار العقارات ليسيطروا برؤوس أموالهم على مساحات الأراضي ،ويتحكموا في بيعها بما يضمن زيادة أموالهم وينفي طموح المواطنين . غير مسموح للذين استهزأؤا بنضالات شعبهم واعتبروها يوما ما "قلة عقل" ان يحددوا لنا مصير وثمن ارض دفعنا فيها الغالي والنفيس ..غير مسموح لمن امتلك في لحظة مالا واستثمره بجشع قاتل ان يذل ابناء شهيد امتلك بدلا من المال روحا بذلها في سبيل وطنه وذلك باجبارهم على تسول ثمن مائة متر لبيت ياويهم او يسترهم.  انها دعوة للجميع للوقوف أم ظاهرة لا تقل خطورة عن قضم الاحتلال للاراضي الفلسطينية ،ومصادرتها لصالح المستوطنات ، دعوة لكل الجهات الرسمية والأهلية للتصدي لهؤلاء التجار ،والتدخل من أجل تنظيم سوق العقارات بما يضمن المحافظة على مستقبل الأجيال القادمة ،واغتيال مع سبق الاصرار لطموح مشروع لكل المواطنين . وانها أمانة  سيسأل عنها كل من يقصر في ذلك أمام المولى عز وجل ، والتاريخ لن يرحم كل من يرى الباطل ولا يرفع صوته منددا ومصوبا . اننا الان امام لحظة مفصلية وتاريخية هامة تتعلق بمصير اكثر من مليون وسبعمائة الف فلسطيني محاصرين بالقهر والاستغلال والاحتلال ونعتقد جازمين ان التراخي في تحمل المسؤولية ستكون له نتائج كارثية وغير محمودة يستشعرها العديدون من ذوي الراي والحكمة.. الكاتب : مدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان بغزة