غزة / سما / دعت دراسة أكاديمية فلسطينية حديثة إلى انجاز المصالحة الفلسطينية كمخرج للفصائل الفلسطينية من أزمة النظام السياسي التي تعصف ببنية المؤسسات الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو، مؤكدة أن النظام السياسية الفلسطيني عانى من أزمة بنوية مركبة طالت مؤسسات النظام وبرنامجه. بحيث لم يحافظ النظام السياسي الفلسطيني على الأهداف التى وجد من أجلها، وفي نفس الوقت، وأهمل مؤسساته بحث أصبحت عرضة لتأكل والتهالك. جاء ذلك في الدراسة التي أعدها الباحث حسام مصطفى محمد ربايعة بعنوان " أزمة النظام السياسي الفلسطيني بعد إتفاق أوسلو" ونال على اثرها درجة الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية قسم البحوث والدراسات السياسية. وقالت الدراسة إن النظام السياسي الفلسطيني لم يقوم بمعالجة تلك الازمة وقت وقوعها، أو فى وقت مبكر من حدوثها، مما أدى زيادة عمقها وتأثيرها على النظام السياسي والمجتمع فى نفس الوقت، وأشارت إلى أن النظام السياسي الفلسطيني لم يقوم بتطوير وتحديث آلياته بالشكل الكافى لمعالجة المشكلة. وقال الباحث في نتائج دراسته إن تأخر النظام فى حلال أزمته ومعالجتها من ناحية، وعدم تطوير آلياته بشكل كافي لمعالجتها من ناحية اخرى، أدى الى تفجر تلك الازمة بدلاً من إنهائها وحلها. وأضاف "ربايعة" إن أزمة النظام السياسي الفلسطيني موجود قبل أوسلو، إلا أن إتفاق أوسلو والمرحلة التى تلته أدت الى تكريس تلك الازمة وتعميقها وزيادة حدتها، ذلك لأن إتفاق اوسلو يقوم أساساً على جوهر الخلافات الفلسطينية_الفلسطينية، وهو حل الدولتين وعدم وجود إتفاق فلسطيني عليه. وأوضح إن ما تضمنه إتفاق اوسلو من إشتراطات والتزامات وقفت عائق أمام نجاحة محاولة النظام السياسي الفلسطيني حل أزمته، ذلك لأن ما قضايا الخلاف بين الفصائل الفلسطيني لا يمكن حلها في ظل بقاء النظام السياسي الفلسطيني ملتزم بإتفاق اوسلو. واكد "ربايعة" إن ما أوجدته مرحلة ما بعد أوسلو قد زادة من تكلفة معالجة تلك الأزمة، ذلك أن إتفاق أوسلو قد حمل النظام السياسي الفلسطيني أعباءاً إقتصادية وإدارية، ما كان ينبغي لحركة تحرر أن تقوم بها. وعملت الدراسة على توضيح إرهاصات تشكل النظام السياسي الفلسطيني قبل توقيع إتفاق أوسلو، الدوافع والاسباب، والمنطلقات الفكرية، والسياسية التي صاحبت نشؤه، والهيئة التى جاءت عليها مؤسساته، وما طرأ عليها من تعديلات، والخصوصية التى يتسم بها النظام السياسي الفلسطيني عن غيره من النظم السياسية، كما تطرقت الدراسة الى جذور الخلافات الفلسطينية_الفلسطينية، والعوامل التى أثرت بها، والأزمات التى ترتبت على ذلك وتعرض لها النظام السياسي الفلسطيني في تلك الفترة. وأشارت الدراسة إلى انه مع تعثر العملية السلمية وتعطل إتمام إتفاق اوسلو، وإندلاع إنتفاض الأقصى 2000م، دخل النظام السياسي الفلسطيني مرحلة جديدة، شهد خلالها النظام تطورات هامة، عملت الدراسة على رصدها وتحليل أثرها ودورها بالأزمات التى يعانيها النظام السياسي الفلسطيني. وكان من أبراز هذه التطورات إصدار القانون الاساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وإستحداث منصب رئيس الوزراء، على مستوى مؤسسة صنع القرار. أما على مستوى هوية النظام وبرنامجه السياسي، فقد تمثلت تلك التطورات بالحوارات التى دارت بين الفصائل الفلسطينية وما نتج عنها، كـ"وثيقة غزة" 2002م، و"إعلان القاهرة" 2005م. وقالت الدراسة انه بعد إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية 2006م، دخل النظام السياسي الفلسطيني مرحلة جديدة بدأت تتفاقم أزمة النظام السياسي الفلسطيني خلالها، وعملت الدراسة بتحليل نتائج الانتجابات والتطورات التى ترتب عليها من حصار للحكومة إثر فوز حركة" حماس" بالانتخابات، وعدم الاستقرار الامني والإنقسام الذي أصاب النظام السياسي الفلسطيني 2007م، والحرب على غزة 2008_2009م. وما صاحب ذلك من محاولات لحل الخلافات الفلسطينية_الفلسطينية، وفي مقدمتها وثيقة الأسرى وإتفاق مكة والورقة المصرية. ورأت الدراسة أن النظام السياسي الفلسطيني مرة منذ نشأته الى وقت إنتهاء الدراسة بأربع مراحل، كانت أولها قبل إتفاق اوسلو وهى مرحلة بدء تشكل أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وثانيها، مرحلة تكريس أزمة النظام وجاءت فى فترة إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وثالثها، مرحلة إنتقالية ما بين تكريس الأزمة وإنفجارها وجاءت هذه فى فترة إنتفاضة الاقصى، وبدء تحول موازين القوى داخل الساحة الفلسطينية، والمرحلة الرابعة والأخيرة، وهي مرحلة تفجر الازمات والتى بدأت بعد فوز حركة "حماس" وتأزم نظام الحكم فى النظام السياسي الفلسطيني. وذكرت الدراسة ان أزمة النظام السياسي الفلسطيني متواجدة قبل توقيع إتفاق اوسلو، بحيث لم تكون هناك مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني قوية وقادرة على إتخاذ القرار السياسي بالوقت والطريقة المناسبة، وذلك يعود اسباب اهمها: أولاً، غياب الاقليم الجغرافى للنظام السياسي الفلسطيني مما ترك النظام عرضة للضغوط الخارجية. ثانيا، تعدد الفصائل والتنظيمات الفلسطينية مما شتت القرار الفلسطيني وأهدار طاقته في كثير من الاوقات بمعارك جانية وداخلية. مما اضفى على أزمة النظام السياسي أزمة هوية، وعدم إتفاق على برنامج سياسي موحد قبل توقيع إتفاق اوسلو. وقالت في ظل عدم توقف النظام السياسي الفلسطيني على تلك الازمات ومعجالتها، وذهابه الى توقيع إتفاق اوسلو والدخول بمرحلة جديدة، إتضح للدراسة أن ذلك الاتفاق والمرحلة التى تلته، عملا على تكريس تلك الازمات وزيادة حدتها وتجذرها بالنظام السياسي. مما جعل النظام السياسي الفلسطيني بتلك الفترة اكثر إعتماداً على الخارج، ووضع نفسه تحت سيطرة صاحب أزمته الاساسية وهو الاحتلال، وزاد من تعقيد أموره التنظيمية بحيث لم يقم ببناء مؤسسات قوية ومنظمة، بالاضافة الى إستمرار هيمنة فصيل على النظام السياسي الفلسطيني. وخلصت الدراسة الى أن الأصل بأزمة النظام السياسي الفلسطيني هي أزمة هوية إنعكست مع مرور الوقت دون علاجها وحلها إلى أزمة نظام حكم، والعكس صحيح.