رام الله / سما / الداخل الى بلدة بروقين غرب سلفيت يظن للوهلة الأولى أنها منطقة مخصصه لتصريف الصرف الصحي، فمشهد تشمئز له الأبدان ... قنوات تنتشعب في كل الإتجاهات ... روائح كريهة و حشرات تتكاثر لتزاحم المواطن في معيشته... أمراض تسببت في قتل الإنسان والحيوان والطبيعة ...وصرخات المواطنين داخل حدودو دوامة لا تنتهي ولا تجدي نفعا ...و حلول قد تكون مستحيلة مع عدو مجرد من معاني الإنسانية.. يصحبه إستسلام للواقع وتسليم الأمر لله ... معاناة متواصلة بصوت مخنوق بدأ عكرمة سمارة رئيس بلدية بروقين يحدثنا عن معاناة أهالي البلدة قائلا": أكثر من عشرون عاما ومعاناة أربعة الأف نسمة ما زالت وبتزايد مستمرة،ويكمل:" بلدة بروقين كباقي قرى وبلدات الضفة الغربية المحتلة جراء سياسات الإحتلال الهادفة لإفراغ الأرض من أصحابها الشرعيين، ولكن المعاناة تختلف عن باقي البلدات والقرى والتي تكمن في جريان مجاري مستوطنة "أريئيل" من الجهة الشرقية والمياه العادمة ومخلفات مصانع "برقان" من الجهة الشمالية لاراضي البلدة ويضيف " إن مجاري أرائيل تجري في مجرى الواد الذي يربط مدينه سلفيت ببلدة بروقين وبطول 1كم ، وبالتالي تصلنا المياه العادمة من مدينة سلفيت التي تختلط بالمياه العادمة مع مستوطنة ارائيل، ويخترق الواد منازل البلدة مما يسبب الكثير من المعاناة والأمراض للمواطنين بسبب إنتشار الحشرات الناقلة للعديد من الأمراض والأوبئة كالأمراض الجلدية والأمبيا وأمراض السرطان التي أخذت تظهر في البلدة في الآوانة الأخيره نتيجة المجاري والمخلفات الكيماوية لمصانع مستوطنة "برقان"، ويضيف سمارة :"أن المعاناة لم تتوقف عند هذا الحد بل تعداه الى إنتشار وتكاثر الحيوانات الضارة مثل الخنازير البرية التي تجد في المجاري مرتعا خصبا لتكاثرها والتي بدورها تقوم بتخريب المزروعات والتعدي على المنازل والمواطنين " دمار لكل شيء يصمت سمارة لدقائق وبتنهيده التي جعلتنا نشعر بخطورة الكارثة التي تحل بهم يكمل قائلا:"لم يكتف الإحتلال برسم معاناتنا على هذه الممارسات بل قام بمصادرة أكثر من ثمانية الف دونم من أراضي البلدة والتي تبلغ مساحتها 25 الف دونم "ويكمل حديثه بألم لما أصاب بلدته قائلا"::"حتى ثروتنا الحيوانية التي يعتمد عليها الكثير من المواطنين في معيشتهم، خسرناها بسبب هذه المجاري ، فكان المزارعين في السابق يكثروا من تربية المواشي والآن لا نجد سوى القليل منها، ويعود ذلك الى إزدياد التلوث في البيئة وكذلك خوف المواطنين من تناول منتجاتها، فكان منهم العزوف عن تربيتها، بالإضافة إلى إفتقارنا للمراعي بسبب مصادرة الأراضي، وبهذا يكون التأثير على الإنسان والحيوان والنبات. لم يترك بابا الا وطرقه ويلتقط سمارة أنفاسه مرة أخرى ليواصل حديثه قائلا":لم أترك بابا الا وطرقته ، ولم أترك مؤسسة الا وتم مخاطبتها بكتب رسمية تظهر مدى الكارثة الصحية التي يعيشها المواطنين في البلدة ، ولم أترك وسيلة إعلام الا وناشدت من خلالها، ولكن دون جدوى، وكأننا لسنا بشرا ، ويكمل قائلا": خاطبت رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض وشرحت له عن مدى الكارثة الصحية التي نعيشها، ووزارة الحكم المحلي تم مخاطبتها أكثر من مرة ، ومؤسسة أنيرا ، وجمعية الهيدولوجين الفلسطينية ومؤسسات حقوق الانسان من خلال زيارتهم للبلدة وإطلاعهم على الوضع على أرض الواقع ... ولا من مجيب، وما زلت أناشد المؤسسات المعنية الحكومية والخاصة ومؤسسات حقوق الانسان أن يعطوا بلدة بروقين الإهتمام وبأسرع وقت ممكن قبل حدوث كارثة بيئية وصحية والتي ستزهق أرواح المواطنين وهم أمانة في اعناقنا . امراض غريبة بحاجة الى حل "حياتنا أصبحت صعبه للغاية" بهذه الكلمات بدأ المواطن "جبر بركات" حديثه وكأنه يعلم بقرب انتهاء حياته، والذي توفي بعد يوم من التقائنا به نتيجة لإصابته بمرض السرطان، علما أنه لم يخبرنا بأنه مصاب، أكمل حديثه قائلا:"لم يعد بمقدور أي شخص أن يصل الأراضي التي تقع على جانبي الواد ،فكانت منطقة جميلة نذهب اليها لتمضية أوقاتنا ومن سنوات لم نذهب اليها فالروائح الكريهة والمنظر غير الحضاري الذي يبعدنا عن أراضينا، إضافة الى إنتشار البعوض والقارس ذو الحجم الكبير وقوارض غريبة التي تسبب الأمراض الغريبة ومرض السرطان الذي أصبح ينتشر في البلدة بنسبة كبيره، وينهي جبر حديثه قائلا :"أين مؤسسات حقوق الإنسان التي تدعي أنها تعنى بحقوق الانسان.. ؟؟ أما الطفل"أحمد" والذي تحدث إلينا بدون توجيه أي سؤالا له قائلا:" ساعدونا في حل هالمشكلة،ما بنعرف نام في الليل من البعوض والقارس ولا بنعرف نقعد في بيتنا في النهار لأنه يقع بجانب الواد والروائح كريهة ومزعجة، إضافة الى ذلك أن الواد يفيض علينا خلال فصل الشتاء، ويضيف قائلا": أنا وأختي صابتنا جرثومة ولغاية الآن نتعالج لها والطبيب قال أن هذا المرض بسبب هذه المجاري،" ويضيف المواطن عبد الله قائلا:" أن هذه المجاري سببت لنا خسائر كثيرة وحرماننا من ذهابنا لأراضينا التي أصبحت مرتعا للخنازير البرية التي يقوم بتسريبها المستوطنين وبالتالي تعتبر بيئة مناسبة لها مما يساعد على تكاثرها مشكلة تهديدا خطرا على حياة المواطنين وتخريب الدونمات الزراعية، إضافة الى الأمراض المختلفة والغريبة لم نكن نسمع عنها سابقا كإنتشار الأمراض الجلدية منها إنتشار مرض ذبابة أريحا وأمراض السرطان بكافة أشكالها. وينهي عبد الله حديثه بمناشدته قائلا:" أناشد المؤسسات المعنية أن تساعدنا في حل هذه المشكلة والتي تدمر الإنسان والحيوان والنبات " ما باليد حيلة وبعد مغادرتنا بلدة بروقين توجهنا الى مديرية صحة سلفيت لنتعرف على دورها في مواجهة الكارثة الصحية في بروقين، قابلنا الدكتور محمد المصري القائم بأعمال مديرية صحة سلفيت والذي أكد لنا مدى خطورة هذه المجاري على المواطنين قائلا":إن المجاري التي تسير بأراضي المواطنين وبين البيوت في منطقة الواد، إضافة لمخلفات المصانع الإسرائيلية والتي تسبب مخاطر كثيرة على صحة الإنسان، فتكثر الحشرات بكافة أشكالها وأنواعها والتي تسبب وتنقل الأمراض وخصوصا مرض "اللشمانيا"، ومن ناحية أخرى تؤثر على التربة المحاذية لهذه المجاري لأنها تحتوي على معادن ثقيلة وبالتالي تم تحذير المزارعين بعدم السماح للرعي في هذه المناطق وعدم السماح للمواشي بالرعي من هذه الأعشاب لأنها تحتوي على نسبة عالية من المواد الخضرة ، فتؤثر على الحيوان والذي يمتد تأثيرها على الإنسان بطريقة مباشرة أوغير مباشرة من خلال تناول لحومها والبانها، ويضيف المصري قائلا": أن هذه المواد بدورها تتسرب الى داخل الأرض وبالتالي تؤثر على المياه الجوفية في المنطقة وتلويثها، إضافة الى ذلك أن وجود هذه المجاري يؤدي الى تشويه البيئة ومحبط من الناحية النفسية بسبب الروائح الكريهة ، "عبد الكريم بولاذ" رئيس قسم صحة البيئة في مديرية صحة سلفيت تحدث إلينا عن دور مديرية الصحة في مكافحة الامراض قائلا": يقوم قسم الصحة والبيئة بمعالجة والتخفيف من التلوث البيئي برش المنطقة المحاذية للواد ورش الأعشاب، وبعدها نقوم بفتح مجرى المياه العادمة بالتعاون مع المجالس البلدية لعدم وجود مستنقعات والتي تؤدي الى توالد و تكاثر البعوض" ويضيف " أن دائرة الطب الوقائي تقوم بتزويدنا بأعداد وأسماء المصابين بالأمراض الناتجة عن الحشرات والبعوض وخصوصا مرض "اللشمانيا" من خلال الحشرات التي تتكاثر في مناطق المجاري، وبالتالي نقوم بزيارة ميدانية لمعرفه أسباب الإصابة لأخذ الاجراءات اللازمة المتمثلة برش المناطق والبيوت من الداخل والخارج"