خبر : "فيوريو" ترك والده يعاني السرطان في ايطاليا وجاء الى غزة ..اغتيال جوليانو وأريغوني: مفارقة التزامن مع إعلان الدولة

الجمعة 15 أبريل 2011 02:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
"فيوريو" ترك والده يعاني السرطان في ايطاليا وجاء الى غزة ..اغتيال جوليانو وأريغوني: مفارقة التزامن مع إعلان الدولة



رام الله / فايز عباس / لم تمض أيام معدودة على اغتيال المخرج والفنان المسرحي جوليانو خميس في مخيم جنين، حتى سقط الصحفي والناشط المتضامن الإيطالي مع الشعب الفلسطيني فيتّوريو أريغوني، فجر اليوم الجمعة في غزة، في جريمة هزّت المجتمع الفلسطيني، وتركت تساؤلات كبيرة حول مغزى مصرع الرجلين بالتزامن مع بدء العد التنازلي لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة. وفي الوقت الذي  كان فيه رئيس الوزراء سلام فياض، يحمل معه عائدا إلى رام الله  الاعتراف ’التاريخي’ من الدول المانحة، أن السلطة الفلسطينية باتت على أعتاب دولة، كانت مجموعة ’مجهولة من المجرمين’ تقتاد المتضامن الإيطالي أريغوني إلى بيت مهجور في غزة حيث أعدمته بدم بارد.وفي الرابع من شهر نيسان الجاري، في خضم انشغال القيادة الفلسطينية بالتحضير لاستحقاق أيلول المقبل، موعد إعلان الدولة، أطلق ’مجهول’ أيضا، النار على جوليانو خميس وأرداه أمام ’مسرح الحرية’ في مخيم  جنين، حيث أمضى الراحل سنوات عمره القصير في خدمة المخيم وأهله.جوليانو، الممثل والمخرج الذي ظهر على أكبر المسارح في إسرائيل، وشارك ببطولة أفلام محلية وعالمية، كان يتمتع بالخبرة الكبيرة في التمثيل والإخراج.وكان بإمكانه أن يصل إلى هوليوود والعالمية، لكنه فضّل أن يعمل في مخيم جنين، لزرع الثقافة في صفوف الشبان الفلسطينيين، وسكن مع عائلته في المخيم، وعانى من الاحتلال كما عانى أهل المخيم والشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي، وعمل 24 ساعة في اليوم، وسافر إلى العالم من أجل الحصول على مساعدات للشعب الفلسطيني.كل ما فعله جوليانو، أنه أحب الشعب الفلسطيني، كرّس حياته لهذا الشعب، كما فعلت والدته الراحلة آرنا خميس، والتي وهبت حياتها لأطفال مخيم جنين.قبله، أقامت والدته آرنا رياض الأطفال وأصبحت جزا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الفلسطيني في مخيم جنين،  كان جوليانو الصغير يرافق والدته إلى المخيم، وأصبح هو أيضا ابن للمخيم ’هذا جول ابن آرنا’، هكذا عرف جوليانو في المخيم.وبالرغم من إصابتها  بمرض السرطان، رفضت آرنا مغادرة المخيم، كانت تتلقى العلاج في حيفا وتعود إلى المخيم لتتواصل مع أطفالها، وعند وفاتها أحضر جثمانها إلى المخيم ليودعها آلاف الأطفال والصبية، الذين تخرجوا خلال أكثر من عشرين عاما من رياض الأطفال التي أدارتها.المفارقة، أن جوليانو الذي رافق جثمان والدته إلى مخيم جنين، ودّعه طلابه وزملاؤه في المسرح ’مسرح الحرية’ كما جرى توديع والدته.ثمّة قواسم مشتركة كبيرة بين خميس وأريغونى، سيما وقوفهما مع  حق الفلسطينيين في الاستقلال، وخدمتهما المتفانية للفلسطينيين في كل من غزة وجنين، إضافة إلى اغتيالهما في الوقت الذي تزداد فيه المطالب الدولية بمنح الفلسطينيين دولة مستقلة.           الناشط أريغوني عضو في حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني، وصل إلى غزة للمرة الأولى في 23 آب من العام 2008، في أول قافلة قوارب لكسر الحصار والتضامن مع الشعب الفلسطيني.أصبح أريغوني وجها مألوفا في غزة، كان يرافق الصيادين لحمايتهم من اعتداءات زوارق الاحتلال، وكذلك المزارعين، حيث شاركهم في المسيرات المناهضة لما تسمى بالمنطقة العازلة شمال وشرق غزة، وكان يخرج للتضامن معهم في وجه قوات الاحتلال، التي ما انفكت تطلق عليهم النار في حقولهم.وبرز دور أريغوني في الحرب الإسرائيلية على غزة نهاية العام 2008 ومطلع العام 2009، حيث كان يرافق سيارات الإسعاف في إنقاذ المواطنين.كما برز دوره الإعلامي في كتابة قصص وتقارير من قلب المعاناة والحصار الإسرائيلي على غزة، ونشرها في الصحف ومواقع الانترنت الأجنبية.الناشط الايطالي، ترك بلاده وترك العيش الكريم في أوروبا، ترك عائلته وترك والدا يعاني السرطان، وفضّل البقاء في غزة إلى جانب الشعب الفلسطيني يدافع عنه، ويعرض حياته للخطر عندما كان يتصدى لدبابات الجيش الإسرائيلي، أو عند  مرافقته سيارات الإسعاف وهي تنقل الجرحى والقتلى.اغتيال جوليانو وأريغوني، ’عملية إجرامية لها أبعاد سياسية خطيرة على الشعب الفلسطيني، وهناك من سيستغل هذه الجرائم لترويج فكرة، أن الفلسطينيين لا يستحقّون الوقوف إلى جانبهم’.