خبر : قتل الوهْم الفلسطيني/بقلم: نداف هعتسني/معاريف 7/4/2011

الخميس 07 أبريل 2011 11:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قتل الوهْم الفلسطيني/بقلم: نداف هعتسني/معاريف  7/4/2011



إن قتل جوليانو مير قد قتل ايضا وهم دولة الهاي تيك الفلسطينية، وهو وهم رعاه في السنين الاخيرة أصحاب مصالح سياسية ورؤى خلاصية. والقتل ايضا طاقة اخرى في حبل شنق رؤيا المجتمع الديمقراطي العربي العام – دولة التويتر والفيس بوك. إن القتل يعطي كل من تبلبل أو تجاهل تجسيدا آخر للعنصر الغالب في المجتمع العربي والفلسطيني – رصاصة مسدس أكثر المتطرفين تطرفا. إن جوليانو مير كما كان عدوا لدودا لدولة اسرائيل والصهيونية كان محبا متطرفا للرؤيا الفلسطينية. وكما امتدح قتل اليهود على أيدي مخربين، أخلص لبيئة إرسال القتلة الى درجة ان انتقل للسكن في مخيم اللاجئين في جنين. إن حقيقة ان مير ترعرع وتربى في المجتمع اليهودي الذي كرهه جدا بلبلت عالم مفاهيمه الى درجة أن فاتته ماهية المجتمع الاسلامي – الفلسطيني. تجاهل خصائص القتل التي تسيطر عليه، وحقيقة أن كل مجتمع عربي يُكيف نفسه في نهاية الامر بحسب معايير الأشد تطرفا؛ وتجاهل أن عدد المسلمين الذين يقتلهم مسلمون في أنحاء العالم يزيد كثيرا على عدد المسلمين الذين يقتلهم آخرون. فمن ليبيا الى باكستان، ومن جنين الى طهران – يقتل المسلمون ويضطهد بعضهم بعضا ويخنقون كل تبشير بالحرية والثقافة والفكر المستقل. إن جوليانو مير الذي تربى على كراهيتنا، رضع مع ذلك كله التصور الاسرائيلي – الاشكنازي، المفصول والمسيحاني الذي ينسب الى العرب عالم قيمه. وهو عالم يستطيع المسرح فيه تغيير الواقع ويمكن فيه تقديم رؤيا بواسطة الثقافة. وقد رفض أن يستجيب للتحذيرات والتهديدات البارزة له لأنه رفض الاعتراف بالصورة الحقيقية للمجتمع الذي أجلّه كثيرا. لم يكن مير بالمناسبة وحيدا في البلبلة والوهم. سبقته في مخيم جنين عربية اسرائيلية حاولت ان تنشيء فرقة فنية وهربت بسبب التهديدات. وكان قبلها عدة فلسطينيين حاولوا تطبيق معايير غربية على نضالهم ولُذعوا بالنار. هذا هو مصير جميع الثورات شبه الغربية التي تحدث في العالم العربي. إن جيل الفيس بوك والتويتر في مصر اضطر الى ان يُسلم الدولة لجماعة عسكرية تعمل مع الاخوان المسلمين يدا بيد؛ ويلمع بين المتمردين في ليبيا نجم عناصر من القاعدة؛ وتُحرك الثورتين في البحرين واليمن ايران والقاعدة. في كل مكان في العالم العربي تنطلق فيه الروح الطبيعية والديمقراطية يقمعها آخر الامر اسلاميون متطرفون أو مستبدون فاسدون. المشكلة الكبيرة هي أن عناصر بيننا وفي الغرب تتجاهل على عمد ما هو مفهوم من تلقاء ذاته. كم حاولوا ان يبيعونا رؤيا دولة جيل الهاي تيك الفلسطينية التي ستعيش في سلام الى جانبنا. وكم حاولوا أن نأتي "لقضاء السبت" في جنين كي نشم الهدوء والأمن. كم كان من الحماقة وتجاهل الواقع في كل ذلك. يكمن بعض الظاهرة في مصالح واعمال خداع لعناصر انتهازية – فلسطينية ودولية. لكن بعضها ينبع من تلك الخلاصية المنقطعة عن الواقع التي أُصيب بها جوليانو مير. انه نفس الانقطاع عن الواقع الذي يجعل اليساريين في اسرائيل وفي العالم يتجاهلون الواقع. حتى انه يوجد بينهم من يرسلون شابات لمساعدة الفلسطينيين في بلعين ورام الله، واخفاء ظاهرة واسعة شديدة من العدوان الجنسي على المتطوعات الغربيات. إن من يأتين لمحاربة المحتل الصهيوني يغتصبهن ويتحرش بهن من يرعونهن. لكنهن ومن يرسلوهن يستمرون في الصمت والاخفاء كي لا يُفسدوا وهم الأمة الفلسطينية النبيلة. دفع جوليانو مير حياته عن خداعه لنفسه. ويجب علينا أن نتعلم الدرس وأن نكف عن خداع أنفسنا.