كان يمكن توقع أنه عندما يشعر ريتشارد غولدستون بواجب متأخر للعودة عن اساءته الأصلية المزعزعة بسمعة اسرائيل، أن يختار وسيلة الاعلام الملائمة للادلاء بتصريحه لا كتابة مقالة غامضة في صحيفة في واشنطن. كان يجب على غولدستون على الأقل أن يطلب على نحو رسمي من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، الذي استدعى تقريره، أن يُمكّنه من التصريح عن ذنبه من فوق منصة خطبائه. لكن لا يجوز لنا التعلق بالأوهام. فلن يستطيع أي تصريح أو عمل أن يعيد الى الوراء الضرر العظيم الذي جلبته فرية غولدستون على الشعب اليهودي. انه بكونه يهوديا يدعي أنه صهيوني، جعل التقرير يأخذ صبغة أشد عند كثيرين. فالكراهية التي انطلقت على أثره غير منعكسة تقريبا وأصبح تقريره أحد العناصر الأشد فاعلية في حملة سلب الشرعية والشيطنة الموجهة علينا. لقد عرضنا على العالم الواسع بصفتنا برابرة ومجرمي حرب نستمد الرضى من القتل العمد للنساء والاولاد الفلسطينيين الأبرياء. كما كانت الحال في افتراءات الدم في العصور الوسطى، هذه الأكاذيب الآثمة التي عرضت الجنود الاسرائيليين بصفتهم قتلة عن وعي، يتوقع ان تظل راسخة في وعي الناس مدة مئات السنين. يواصل غولدستون الآن ايضا الاصرار وبحق على انه لو تعاونت اسرائيل مع المحكمة الميدانية المتنكرة بلباس لجنة التحقيق، لما نشر التقرير بصورته الحالية. ولا يذكر أن اسرائيل زودت على نحو غير رسمي بالمعلومات، لكن لجنته زورت وعرضت الحقائق عرضا مشوها قصدا الى تعظيم شيطنتنا. يوجد بطبيعة الامر شركاء آخرون في هذه الجناية. وهم يشملون يهودا واسرائيليين تعاونوا مع غولدستون على جهوده لاساءة سمعتنا. يوجد بين الأبرز اولئك المتصلون بصحيفة "هآرتس" التي مهدت قبل ذلك بعدة شهور الطريق لغولدستون بسلسلة اتهامات هوجاء موجهة على الجيش الاسرائيلي. إن الاستعراض المكثف الذي قامت به الصحيفة لهذه التقارير الداحضة تم عرضه فوق الصفحات الافتتاحية لصحف في أنحاء العالم، وساعدت في انشاء الجو المعادي الذي مهد الطريق لاساءة سمعتنا باعتبارنا مجرمي حرب. ليس من داع الى أن نذكر ان هذه الامور ذات صلة ايضا بالمنظمات غير الحكومية وباليهود المعادين لاسرائيل خارج اسرائيل الذين قبلوا معطيات التقرير، وبمنظمات مثل "جي ستريت" استقبلت غولدستون ليواجه اعضاءا من مجلس النواب الامريكي. ليس من المعقول ان يمضي اولئك الاشخاص وتلك المنظمات على أثر غولدستون ويعتذروا ايضا. من المناسب ايضا أن نُنبه الى ان ليبيا وسوريا وايران والعربية السعودية – وهي دول قادت الحملة الدعائية لاساءة سمعتنا – موجودة كلها في عين العاصفة، وعندما نفحص عن سلوكها مع مواطنيها، يمكن أن نُقدر التزوير المطلق في الامم المتحدة ولجانها الثانوية. في بيئة سليمة كانت لجنة حقوق الانسان – التي لا يلائمها اسمها – تُحل منذ زمن. ومفهوم ان هذا لن يحدث، ومما يشبه الفكاهة ان ننظر الى غولدستون الذي يدعو الآن اللجنة الى التنديد بمنظمة حماس المتهمة بقتل شعب وبـ "نشاطاتها الوحشية بأقوى الكلمات". قد يكون تدريبا مجديا أن نستوضح كم من الضحايا المدنيين سبب قصف الولايات المتحدة وحليفاتها في ليبيا، وهل تواجه لوائح اتهام بجرائم حرب لانها قتلت خطأ مدنيين أبرياء. ومن المثير أن نعلم هل نشرت قوات التحالف قبل القصف منشورات واتصلت بالمواطنين هاتفيا من اجل تحذيرهم كما فعل الجيش الاسرائيلي في غزة.