اسطنبول. "مجموعة الازمة الدولية"، منظمة تحاول المساهمة في تسوية الازمات الدولية، عقدت هذا الاسبوع مؤتمرا في اسطنبول. وزير الخارجية التركي، احمد داود اوغلو، ألقى خطابا في الجلسة الافتتاحية. توجهت اليه وعرضت نفسي. وسره لقاء صحفي اسرائيلي. كيف يمكن انهاء المواجهة بين اسرائيل وتركيا في قضية "مرمرة"، سألته. "كل شيء منوط بنتنياهو"، قال. ليس باردوغان؟ تساءلت. "بنتنياهو"، قال. "هو مستعد لأن يحل المشكلة، ولكن ليبرمان لا يسمح له". أنا أفهم، قلت، انكم تطالبون اسرائيل بدفع تعويضات لعائلات القتلى التسعة وان تعتذر عن اجتياح السفينة. "بالتأكيد"، قال. "نحن سنصر على ذلك. هذه مسألة كرامة. الكرامة جد هامة لنا – فهي تنغرس عميقا في الثقافة التركية". قضية الاسطول أكثر تعقيدا من حديث خمس دقائق في ذروة وجبة عشاء. الحساسية تجاه الكرامة الوطنية لا تتوقف في البوسفور – فهي تؤدي دورا لا بأس به في اعتبارات حكومة اسرائيل. ناهيك عن ان الحديث يدور هنا عن كرامة الجسورين الخبراء من بين مقاتلينا: مقاتلي الكوماندو البحرية. الجهة الأكثر عطفا تجاه اسرائيل في تركيا هي الجيش. جهاز الامن هنا أقام علاقات متفرعة، بعضها علنية، بعضها سرية، مع الجهاز الموازي في البلاد. المشتريات الامنية التركية وفرت رزقا جميلا للصناعات الامنية. المصلحة المتبادلة التي ولدت العلاقات لا تزال قائمة. أحد قادة جهاز الامن الاسرائيلي قال لي قبل بضعة اسابيع انه مقتنع بأن التعاون سيُستأنف، شريطة ان تجد الحكومتان السبيل لأن تلقيا من وراء ظهريهما قضية "مرمرة". ما يُعيدنا الى نقطة الانطلاق. تحدثت مع أحد اعضاء لجنة التحقيق التي أُقيمت في تركيا في أعقاب الاسطول. قال ان الجيش شريك تماما في الغضب العام على اسرائيل. يوجد شبه لا بأس به بين قضية السفينة وقضية غولدستون: الفجوة الهائلة بين عدد المصابين في الجانب الفلسطيني في حملة "الرصاص المصبوب"، وبين المصابين في الجانب الاسرائيلي دفع غولدستون الى استنتاجات يندم عليها الآن. الفجوة بين عدد القتلى في السفينة (تسعة مقابل صفر) فاقمت احساس الاهانة في الرأي العام التركي. يوجد وجه شبه ايضا في رفض الطرفين التحقيق في الموضوع بشكل مشترك. اللجان الاسرائيلية أنهت عملها. اللجنة التركية يفترض ان ترفع استنتاجاتها في شهر أيار. لم يكن ضر اذا كان كدرس من قضية غولدستون، اقترحت حكومة اسرائيل على اللجنة التركية الوصول الى اسرائيل. فلم يتبق الكثير من الأسرار في هذه القضية – بالعكس، فليأت الاتراك وليستمعوا من مصدر أول ماذا كانت عليه الترددات، كيف اتُخذ القرار، ماذا حصل عند التنفيذ. التعاون لن يُغير استنتاجات اللجنة فيجعلها أكثر راحة، ولكنه كفيل بأن يشق الطريق نحو حل وسط. لست واثقا من انه سيقتطع من كرامة اسرائيل الكثير اذا ما دفعت تعويضا لعائلات القتلى. لا مجال للاعتذار عن مجرد القرار في السيطرة على السفينة، ولكن مع بعض الابداعية لعله يمكن ايجاد صيغة للاعراب عن الأسف على النتائج. عندما يقتل الجيش الاسرائيلي على سبيل الخطأ مدنيين في غزة، فانه يعرف كيف يعرب عن الأسف. صحيح ان القتلى في السفينة لا يستجيبون لذات التعريف، ولكن ليس دوما الحكمة هي أن يكون المرء محقا. احيانا تكون الحكمة أن يكون المرء حكيما.