خبر : قبة صلبة وافتتاح ليِّن/بقلم: عوفر شيلح/معاريف 29/3/2011

الثلاثاء 29 مارس 2011 11:35 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قبة صلبة وافتتاح ليِّن/بقلم: عوفر شيلح/معاريف  29/3/2011



 إعتيد الحديث في عالم الاعمال عن "افتتاح ليّن" – وهو إدخال منتوج جديد في السوق دون حملة دعائية ضخمة، ودون إحداث توقعات مفرطة، عن أمل أن يقوم المنتوج نفسه بالعمل في بطء من زبون راض الى زبون آخر. لو ان الامر متعلق بالجيش الاسرائيلي وحده لتم أول نشر لبطارية "القبة الحديدية" بافتتاح ليِّن جدا الى درجة انه حتى أصحاب الآذان المدربة تدريبا خاصا ما كانوا سيسمعون ضجيج الناقلات التي تقيم النظام في موقعه. تحدث ضباط كبار عن "تجربة عملياتية"، وأوضحوا ان هذه مرحلة ضرورية في نضج نظام جديد. هذا تعريف عجيب: ما كان أحد يخطر في باله ان يقول ان لواء المظليين يدخل الحرب من اجل "تجربة عملياتية"، لان قادته وجنوده الحاليين لم يتم تجريبهم بعد في المعركة. يمكن أن نتفهم ناس نظام الدفاع الجوي في الجيش الاسرائيلي. انه لا يحمل فوق ظهره إدخال نظام جديد تماما فقط لم يُجرب مثله بمقدار كهذا في العالم، بل أسطورة أثقل من أن تُحمل ايضا هي تلك التي سماها الراحل عمانوئيل فيلد ذات مرة "وهْم الأمن المطلق": أي توقع مواطني اسرائيل أن يحصلوا على أمن تام في مواجهة كل تهديد مقابل نفقتهم الضخمة على الجيش – عبء ميزاني ثقيل، وخدمة الزامية واحتياطية وشرعية وتفخيم شأن في أعلى مستوى. تُغذي السلطة هذا الوهم تغذية جيدة. ليس لها مصلحة في الحديث عن نظم الأمن على نحو واع بأن تقول مثلا إن "القبة الحديدية" التي ثمنها مليارات الشواقل لا تستطيع أن تُقدم سوى رد جزئي على تهديد القذائف الصاروخية القصيرة المدى التي هي في ذاتها ذات ضرر هامشي نسبيا اذا قيست بالترسانة العظيمة من الصواريخ والقذائف الصاروخية لمدى متوسط التي يملكها حزب الله وسوريا. وأن تُبين أن عدد قذائف التثبيط الحالية التي تُقدر بعدة عشرات ستكفي وقتا قصيرا فقط – حتى في حالة تحقق الفروض الأكثر تفاؤلا في شأن قدرة الرادار على التفريق بين قذيفة توشك أن تسقط على منطقة مأهولة واخرى تسقط على منطقة مفتوحة لا حاجة لتثبيطها. باختصار، أن تعطينا تفسيرا دقيقا لما نحصل عليه مقابل النفقة الضخمة من الميزانية والقوة البشرية. وقد نعتقد في المستقبل، والعياذ بالله، ان الجدوى لا تسوغ الكلفة – أو أن نشك في تقدير مُتخذ القرارات. هذا معروف جيدا في نظام الدفاع الجوي نفسه. الى درجة ان قائده العميد دورون غبيش، وزن ان يغير اسم "القبة الحديدية": فهو يعلم ان هذا الاسم المتبجح يعزز وهْم الأمن المطلق وكأن المواطنين منذ الآن فصاعدا سيمشون تحت غطاء محكم الاغلاق يحميهم من كل سوء. لا يمكن اليوم بطبيعة الامر تغيير الاسم كما لا يمكن حقا اعادة نظام التثبيط الى "افتتاح ليّن". منذ اللحظة التي خرج فيها الوهْم من الزجاجة لم يعد من الممكن اعادته فيها. ليس غبيش ورجاله مذنبين في ذلك. وليسوا مذنبين ايضا لان جهاز الأمن يحاول كعادته أن يمسك بالعصا من طرفيها بأن يُجند اليه موارد ضخمة وبأن يحافظ ايضا على سلطة الحكم وحده على ما هو خير صحيح لأمننا، وأن يُعد لنفسه شبكة أمن لغوية لحالة لا ينجح فيها هذا الامر. وُلدت "القبة الحديدية" عن الحاجة الى فعل شيء ما في مجابهة تهديد جديد يُبطل كثيرا من مزايا بنتها اسرائيل بعمل ومال كثيرين. قد يكون هذا هو الحل المؤقت الأفضل، وقد يكون مساويا للمال والوقت بيقين. لا يمكن أن نستمر في قبول احتكار الجيش والمتصلين به للنقاش الأمني وأن نهز الرؤوس موافقين عندما يوضحون لنا أن المال والجهد كلهما لم يُنشئا سوى "تجربة عملياتية" لا تضمن شيئا.