بحملة دعائية آلية ما كانت لتُخجل أكثر ماركات الموضة بريقا، خرجت حلقات اليمين في هجوم اعلانات على حكومة اسرائيل. لم يتم التعبير عن الاحكام بالتكتيك والرسوم فقط بل بالمضمون في الأساس. فبابداعهم الكائن السياسي المُتخيَّل "اهود نتنياهو" يريدون في اليمين أن يُذكروا رئيس الحكومة بالفترة التي كان فيها "بيبي"، قبل ان يسيطر اهود باراك على حكومته ويصبح في زعمهم رئيس الحكومة بالفعل. ما هي خطيئة حكومة نتنياهو – باراك؟ انها "التخلي عن أمن المستوطنين" الى درجة "دعم الارهاب" و"إحداث جو مكّن من تنفيذ عملية القتل في ايتمار". لكن الحقائق تدل على العكس تماما. ففي ايام حكم بنيامين واهود عرفت الضفة الغربية أكثر سنتين هدوءا. وليس الحديث عن صدفة وحظ لانه في كل يوم تقريبا يجري اعتقال مطلوبين في أنحاء يهودا والسامرة. لكن اليمين لم يكن قط قويا بالحقائق. فهي قد مالت دائما الى بلبلته. منذ الايام المنسية لـ "ضفتي الاردن" و"السور الحديدي" الى الفرق بين الكلام الكبير عن "ارض اسرائيل الكاملة" وامتناع كل حكومات اليمين عن ضم متر واحد حتى في الضفة الغربية والقدس (حيث طُبق كما تعلمون القانون الاسرائيلي). تواصل الدعاية المحكمة وتتهم حكومة اهود – نتنياهو بـ "محاربة الاستيطان". ومرة اخرى لا تشوش الحقائق على اليمين الهاذي. مهما يكن الامر اتخذت حكومة نتنياهو قرارا نادرا على إفراد مليار شيكل للاستيطان. لا للاستيطان الوحشي لحفات جلعاد بل لذاك الذي استُعمل طبقا فضيا لدولة اسرائيل. لكن اليمين عرف دائما غسل الكلمات بحيث ان الكلام الذي يردده الجميع مثل الاستيطان يصبح له معنى معكوس ومعوج وسخيف. هاجمت الدعاية "فقدان الطريق والسلطة"، تقصد قضايا مثل "مرمرة" وغالنت. يعتقدون في اليمين مثل أفضل قادة حماس ومثل رئيس تركيا نفسه أن قضية "مرمرة" يفترض ان يتم تسجيلها في فضل رئيس الحكومة اهود نتنياهو أو بنيامين باراك، أما قضية غالنت و"قضايا اخرى" كما يقول التصريح فتتطلب مستوى آخر من النقاش. السطر الساحق من هذا الاعلان اليميني هو ان "اهود نتنياهو يُدبر مع الامريكيين اجراءات وقرارات سياسية من وراء ظهر بيبي". اجل. يبدو ان بيبي قد مضى وعاد الينا بدلا منه لائتلاف ثان بنيامين نتنياهو رجل المعسكر الوطني الذي أدرك ما لم يدركه شباننا الممتازون الذين تدور أعينهم وهو أن الأمل الوحيد للمعسكر الوطني الواسع الذي انشأ الدولة (اليسار الصهيوني) وذاك الذي ما زال يحافظ عليها (جميع الباقين) هو الانفصال عن الضفة وعن الفلسطينيين بتسوية بينية شاملة وجدية (كما يعرف باراك أن يصنع)، ويحسن ان يكون هذا في أسرع وقت.