خبر : الشرق الاوسط: انه الاقتصاد يا غبي/بقلم: دانييل دورون/اسرائيل اليوم 22/3/2011

الثلاثاء 22 مارس 2011 12:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
الشرق الاوسط: انه الاقتصاد يا غبي/بقلم: دانييل دورون/اسرائيل اليوم  22/3/2011



 مثلما في اثناء انهيار الاتحاد السوفييتي، ومثلما في ايران اليوم، فان الخبراء في الشؤون المصرية وباقي الاضطرابات في البلدان العربية، لا ينتبهون الى الازمات الاقتصادية خلف الاضطرابات. هكذا، مثلا، الماضي الاشتراكي لمصر نُسي. ولكنه هو الذي أدى بالاقتصاد المصري الى التخلف وهو الذي ظلم الجماهير وملأهم بالمرارة والكراهية. كما انه هو الذي خلق توترا سياسيا حادا انتهى بالثورة. عندما استولى ناصر ورفاقه على الحكم نسخوا نموذجا اشتراكيا متطرفا كان سائدا في دول العالم الثالث، ولا سيما في افريقيا. الكثير من زعماء افريقيا، الهند والبلدان العربية، انتقلت اليهم عدوى الاشتراكية الراديكالية. ومع وصولهم الى الحكم أمموا "كل وسائل الانتاج" والمال، كما تفترض الماركسية، بمعنى انهم نصبوا السياسيين (باسم الدولة، بالطبع) على كل النشاط الاقتصادي. وكانت النتيجة تخلفا شديدا للاقتصاد والمجتمع. الاشتراكية تمنح قوة مطلقة للحكومة، وتخلق بالضرورة تحالفا مُفسدا بين السياسيين، البيروقراطيين وجبابرة المال. الأخيرون أقاموا احتكارات استغلالية أضعفت على نحو خاص الطبقات قليلة الدخل، التي يتضاءل فيها قسم كبير من مداخيلها الهزيلة من خلال رفع الاحتكارات وتحكمها بالاسعار. انعدام المنافسة أدى ايضا الى انعدام النجاعة، الى انتاج متدنٍ والى أجر بائس. المحسوبية والفساد ازدهرا. السياسة تطرفت وأصبحت عنيفة عقب التنافس المحتدم على "الامتيازات" الحكومية (التي مول بعضها من المساعدات الاجنبية). التسييس المتصاعد واهمال معظم الموظفين أديا الى توتر سياسي والى انعدام القدرة على الحكم، مما دفع الى التدهور بالاقتصاد وجعل النظام الذي يعيش في حالة تهديد، نظاما قمعيا يسوده الطغيان. قبل عقد شهد الاقتصاد المصري تحولا ليبراليا واسعا ولكن "الخصخصة" الوهمية تمثلت ببيع الاملاك بأسعار زهيدة لجبابرة المال أو للجنرالات الذين جعلوا الجيش مصلحة تجارية كبرى. وبدلا من توزيع الملكية وتشجيع المنافسة، فان الخصخصة الوهمية ركزت قوة اقتصادية كبرى في يد الضباط الكبار ورجالات المال الجبابرة. ومثلما هو الحال عندنا مس هذا بالمنافسة وبالنجاعة، شجع نظام الخاوة والفساد وأضعف قليلي الدخل. في مصر، معظم العاملين، أكثر من 40 في المائة – هم فلاحون (في الغرب 3.5 في المائة فقط يعملون في الزراعة)، ينجبون الكثير من الاطفال كي يوفروا لهم عملا مجانيا وأمنا لشيخوختهم. منظومة الاغاثة سمحت لهم ولملايين الفقراء الذين زحفوا الى المدن الكبرى (معظم سكان مصر)، بانجاب الكثير من الاطفال، وقلصت ايضا وفيات المواليد. وهكذا نشأت الفقاعة الديمغرافية (المتقلصة في السنوات الاخيرة). في مصر 50 في المائة تقريبا هم أبناء 25 فما دون (في اوروبا أقل من 35 في المائة). وحتى الاقتصاد المزدهر غير قادر على ان يستوعب مثل هذا العدد من طالبي العمل. عدد العاطلين عن العمل في مصر هو نحو 10 في المائة (حسب معطيات غير مصداقة). عمليا، هو أكبر بكثير. بالمناسبة، في السلطة الفلسطينية، التي اقتصادها أكثر نجاحا، البطالة هي نحو 40 في المائة (!) في اوساط الشباب. البطالة العضال وفريضة الدين الاسلامي التي تحظر الاتصال بالنساء حتى الزواج، تؤدي، حسب المستشرق برنارد لويس، الى ازمة عاطفية وجنسية خطيرة في اوساط الشباب. وتشرح هذه الازمة الشحنة العاطفية الهائلة التي تميزت بها المظاهرات. التخلف الاقتصادي في مصر نموذجي بالنسبة لما حصل في معظم بلدان افريقيا والبلدان العربية بعد وصولها الى الاستقلال وتبنيها النظام الاشتراكي وتحكم الحكومة (أي السياسيين) بالاقتصاد. وفيها جميعها أدى التخلف الاقتصادي الى ازمات، توتر سياسي وتطور انظمة طغيان غير قادرة على أداء مهامها. فيها جميعها، الجيش "سيطر على الامور" وعمّق الازمة. ولم يتبق للازمة غير دق طبول الحروب (الخارجية والأهلية) لتبرير وجودها. القمع، الضرائب العالية والبيروقراطية الخانقة دمرت الطبقة الوسطى والمجتمع المدني. الجيش، الذي توجد فيه ايضا توترات داخلية، استولى الآن على السلطة. الخطر هو أن يحفز استمرار التخلف الاقتصادي وانعدام الاستقرار الرتب المتوسطة في الجيش على عقد تحالف مع الاخوان المسلمين، الاستيلاء على الحكم وجعله أكثر تطرفا. فالمتطرفون يعرفون كيف يستغلون الاستياء أفضل من المعتدلين نسبيا. لعناية اهتمام اسرائيل.