القدس المحتلة سما تواصل الاجهزة الامنيّة في الدولة العبرية متابعة التطورات في الضفة الغربيّة المحتلة، بعد ان سرّب الجيش الاسرائيليّ في الاسبوع الماضي خبرا لصحيفة هآرتس العبرية جاء فيه انّ الجيش اعدّ خطة كاملة ومتكاملة لاحتمال اندلاع انتفاضة ثالثة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وانّه يُجري تدريبات من اجل السيطرة عليها، وعلى الرغم من انّ رئيس السلطة، محمود عبّاس، حاول طمأنة الاسرائيليين عبر حديثه مع الاذاعة العبريّة الاثنين، عندما قال انّه سيمنع اندلاع الانتفاضة ولن يسمح بالفلتان الامنيّ وبانّه سيواصل التنسيق الامنيّ مع الاجهزة الامنيّة في تل ابيب، على الرغم من كل هذه العوامل فقد رأى الخبير مناحيم كلاين، المحاضر في العلوم السياسية في جامعة بار ايلان، في مقال نشره امس في صحيفة ’هآرتس’ انّه في ظل الثورات في العالم العربي وانسداد الافق امام الفلسطينيين، وادراكهم ان الخلاص لن يكون عن طريق الولايات المتحدة الامريكيّة فان مسألة اندلاع انتفاضة لا تنقصها الا شرارة لاشعالها. وكتب الخبير الاسرائيليّ ايضا انه اذا نال جنوب السودان وتيمور الشرقية استقلالهما قبل الفلسطينيين، فان ذلك يعني ان خطبا ما قد حصل، فمن غير الممكن المقارنة بين مكانة هذه المناطق، وبين المكانية الدينية والدولية لفلسطين. وبحسبه فهكذا يفكر بالتأكيد الفلسطيني الذي يجري حساب ربح وخسارة شخصية ووطنية منذ اتفاق اوسلو، على حد تعبيره. وزاد قائلا انّ الانتفاضات ضد رؤساء متسلطين وملوك وسلاطين في مصر وشمال افريقيا والجزيرة العربية تسبب عدم الارتياح للفلسطينيين؛ فكيف حصل وان حققت الشعوب هناك انجازات كهذه في مواجهة السلطة القامعة، في حين ان الفلسطينيين عالقون تحت الاحتلال الاسرائيلي الذي يفرض على محمود عباس ما يفعله وما يجب الا يفعله. ويتساءل الكاتب عن النتائج التي يستطيع الفلسطينيون استخلاصها من الهزات التي تضرب العالم العربي، فالخلاص لن يأتي عن طريق الولايات المتحدة فهي لا تدعم رئيس السلطة، ابو مازن، رغم التنازلات الكبيرة التي قدّمها، في حين كشفت وثائق فضائية (الجزيرة) القطريّة مدى التنازلات التي قدمها عباس في المفاوضات مع اسرائيل، ولكنه لم يتلق اية مساعدة من واشنطن. وكأنما لم يكن ذلك كافيا، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار ادانة الاستيطان في مجلس الامن، وذلك بعد ان اذاقهم نتنياهو العلقم، وقام بتوسيع المستوطنات في القدس وفي سائر انحاء الضفة الغربية. ويتابع الكاتب ان احداث الاسابيع الاخيرة تشير الى ان التنازلات السياسية لا تجلب الدعم الامريكي، وانما انتفاضة غير عنيفة من قبل المواطنين. ويشير في هذا السياق الى انّ عباس قد عارض بشدة الاقتراحات التي طرحت في دوائر مختلفة لتنظيم انتفاضات شعبية غير عنيفة، وعملت قيادة السلطة الفلسطينيّة والحرس القديم من حركة فتح على فرض قيود واحتواء المظاهرات الاسبوعية التي تجري في بلعين وقرى اخرى، فهم لم يخشوا من صعود منافسين سياسيين فحسب، وانما من التوجه نحو مواجهات عنيفة ستجلب للفلسطينيين الضرر، مثلما حصل في الانتفاضة الثانية. وبحسبه فان ميزان القوى في المواجهات العنيفة هو لصالح اسرائيل، وان لديها مصلحة في التوجه نحو العنف من اجل اخضاع الفلسطينيين. ويضيف ان الوضع الان مختلف، فالنموذج الناجح الذي يضعه المنتفضون (بدون العنف) في انحاء العالم العربي والانضباط الذي يبدونه من الممكن ان يعلّم الفلسطينيين بانه هكذا يمكن تحقيق انجازات تاريخية. وفي حال لجأت اسرائيل الى قمع المظاهرات الفلسطينية فسوف ترتسم على انها تنضم الى القذافي او احمدي نجاد. واشار الباحث كلاين الى انّ عدم الارتياح في الشارع الفلسطيني كبير جدا. فاليأس من العملية السياسية ومن اسرائيل والولايات المتحدة يشمل دوائر واسعة. ويشير الى وجود بنية تحتية تكنولوجية في المجتمع الفلسطيني، وفي الوقت نفسه يشير الى انه في اماكن اخرى حركت شبكة الانترنت والهواتف الخليوية المظاهرات الحاشدة، ويلفت الى انّ المجتمع الفلسطيني هو مجتمع شباب انسدت الافاق في وجوههم بسبب الاحتلال. ويضيف ان الانتفاضة الثانية والقبضة الحديدية لاسرائيل صاغت العقد الثاني من حياة شباب العشرينيات ولقاءهم الاول بالسياسة، فالمستوطنات والجنود والحواجز والقيود على التحرك يعيشها الفلسطينيون يوميا، ولم ينقص سوى الشرارة التي ستشعل العملية. واختتم مقالته بالكلمات التالية: العنوان مكتوب على الجدار، على حد قوله.