خبر : حاجز للجيش الإسرائيلي في بروكسل

الإثنين 14 مارس 2011 09:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حاجز للجيش الإسرائيلي في بروكسل



بروكسل / وكالات / فوجئ عابرو الشارع الأكثر ازدحاما في بروكسل، ظهر السبت  بحاجز يقف أمامه شباب بزي عسكري، وترتفع إلى جانبه أعلام إسرائيلية، وتجمع الكثيرون منهم ليتابعوا كيف يتم الإيقاف على الحاجز ومنهم من جرب عبوره ومقاومة حراسه عبثا، في حدث أقيم ضمن "الأسبوع العالمي لمناهضة التمييز العنصري الإسرائيلي". جاء ذلك بمبادرة من عشر منظمات بلجيكية، ناشطة في دعم القضية الفلسطينية، مستثمرة أجواء يوم العطلة الذي يزدحم فيه شارع "نيو سترات" (الشارع الجديد) بالخارجين للتسوق وسط العاصمة البلجيكية. وتقول الشابة البلجيكية لارا دو وافرين، التي كانت إحدى المنظمين، لوكالة "فرانس برس"، إنهم يريدون "توعية الناس لما يعيشه الفلسطينيون يومياً في الأراضي المحتلة"، وأضافت "قلنا لأنفسنا أن الطريقة الأكثر واقعية لنظهر التمييز الإسرائيلي هي أن نقيم حاجزا كالذي يقيمونه". الحاجز كان عبارة عن مجسم معدني على شكل جدار مطلي باللون الزيتي، في أعلاه جزء يبدو شبيها بأعلى برج المراقبة، وأمامه وقف عدة شبان وفتيات يرتدون الزي العسكري، ويعتمر بعضهم الخوذ ملوحين ببنادق ومسدسات بلاستيكية. الجزء المخطط من القصة جاء مشهدا تمثيليا. درب المنظمون بعض الشبان على لعب دور الجنود الإسرائيليين، والبعض الأخر لعب دور فلسطينيين يحاولون عبور الحاجز، وكان المارة المحتشدون للمشاهدة يتابعون كيف يصرخ الجنود ويلقون أمتعة الفلسطينيين، قبل أن يفتشوهم بعنف ويطردوهم. وبين من لعب دور الجنود كانت الشابة ليري اشنداش التي تضع نظارة شمسية داكنة وتعتمر خوذة عسكرية. تقول لـ"فرانس برس": "إنها تجربة صاعقة"، قبل أن توضح "أنا مصعوقة وأحس بالارتعاد تقريباً وأنا أقول وأفعل كل هذه الأشياء، يجب أن تكون باردا جدا وتعاني رهابا كي تتصرف مثل الجنود الإسرائيليين". ويعتبر من وقف على الحاجز أن إقامته تأتي كحل بديل عن تجربة ربما لن يتسنى للجميع عيشها، وتقول اشنداش إن "ليس بالضرورة أن يسكن الجميع هناك كي يفهموا ما يحصل على الحواجز"، وتشرح أنهم حاولوا الاقتراب من الواقع قدر الإمكان من دون استخدام عنف زائد عن اللزوم، وتضيف "ليست الفكرة أن نضرب أحدا، بل أن نظهر للناس ما يحصل هناك". ولم يقتصر الأمر على المشهد التمثيلي الذي كان يعاد مرارا، فبعد انتهائه دعا المنظمون، صارخين في مكبر يدوي للصوت، من يريد تجربة عبور الحاجز أن يتقدم، وهذا ما فعله البعض. ولم يتصرف الممثلون الجنود بطريقة ألطف مع من بادروا للتجربة. حاول عدة شبان التحدث إلى الجنود للعبور، لكن الأخيرين كانوا يكررون الصراخ والدفع، ويصدونهم بكل الطرق حتى لو اشتبكوا جسديا معهم. في الدائرة القريبة من ساحة المشهد، كان الشاب حمزة الثني، البلجيكي من أصل مغربي، يلتقط الصور بكاميراته، قبل أن يبادر لتجربة عبور الحاجز حينما سمع دعوة المنظمين للمشاركة. وبعد أن تلقى شتائم الجنود وتهديداتهم عاد أدراجه، ليقول لـ"فرانس برس"، بعد هذه التجربة "أحسست نفسي محتقرا وأقل من لا شيء، شعرت أني معزول مع أن هذا فقط تمثيل بينما الفلسطينيون يعيشونه في حياتهم اليومية". ويرى هذا الشاب الذي يعمل موظفا حكوميا أن مشهد الحاجز "يرينا ما لا يظهرونه على التلفزيونات الأوروبية، فنحن نرى صورة (إسرائيل) الجميلة التي يقدمونها على أنها البلد الديمقراطي في الشرق الأوسط". وقبل أن تعود اشنداش لإعادة تمثيل دورها كجندية إسرائيلية، تقول إنهم يأملون عبر ما يفعلونه أن المارة "سيتحققون أنهم لم يكونوا يعرفون ما يحصل على الحواجز"، وتضيف: "ربما يأخذون هذا النقاش إلى بيوتهم وعائلاتهم ويستعلمون أكثر عما يحصل في الواقع، ليكونوا رأيهم الشخصي". ويجري هذا النشاط في إطار "الأسبوع العالمي لمناهضة التمييز العنصري الإسرائيلي"، الذي يقام للمرة السابعة بين 7 و21 آذار/مارس، ونظمت فعالياته العام الماضي ما يزيد عن 40 مدينة حول العالم، كما يبين القيمون عليه. ورغم أن المشهد تمثيلي لكن البعض اعترض عليه، واستوقف أحد المارة، وهو شاب في الثلاثينات، واحدا من المنظمين وقال له "يجب أن تروجوا للحوار وليس للعنف، كيف تفعلون ذلك فهذا يصدمني"، فيرد عليه محادثه بالقول "هذا ما نريده، أن يحس الناس بالصدمة، فنحن لا نروج للعنف بل ننقل جزءا بسيطا من الواقع". بين المارة المتجمهرين، حضر فلسطينيون قالوا إن المشهد أثر فيهم أيضاً. وسيم حسين طالب فلسطيني من غزة، يقيم في بروكسل منذ عام ويعد في جامعتها لشهادة ماجستير في الإدارة، ويقول بعد متابعته مشهد الحاجز "إنه مشهد مؤثر، لقد جعلني استرجع كل شيء"، ويوضح أنه "عندما تعيش في غزة وترى الشهداء يتساقطون يوميا يصير العنف بالنسبة لك مشهدا معتادا، لكن عندما تبتعد وترى هذا المنظر تتأثر". وإلى جانب الحاجز، كان بعض الناشطين في الجمعيات المنظمة يوزعون على المارة قطع الخبز المغمسة بالحمص، وأيضا أوراقاً تبين كيفية تحضيره. وتقول ماريون غوتنغ، الشابة البلجيكية التي تطوعت للمشاركة، إنهم يريدون "تقديم شيء خاص من الشرق الأوسط"، وتضيف "يأتي الناس ليتذوقوا، وهذه مناسبة لنحدثهم عن نشاطاتنا". واللافت أن المنظمين لم يعلنوا عن الحدث، وتقول لارا دو وفرين معللة إن داعمين لـ(إسرائيل) "جاؤوا مؤخرا وخربوا نشاطات كنا نقيمها بعدما علموا بها"، وتضيف "لم نعلن عن الأمر كي نتجنب المشاكل نفسها".