رام الله سما استبعد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد أن تحقق المبادرة التي تروج لها «حماس» اختراقاً على صعيد إنهاء الانقسام واسترداد الوحدة الفلسطينية. وصرح لـصحيفة الحياة اللندنية بأنه «لا توجد أي بوادر من جانب حماس تعكس نيات وإرادة حقيقية باتجاه إنهاء الانقسام»، مشيراً إلى ما ذكره المبعوث الروسي مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية سيرغي فيرشينين عن محادثاته مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في دمشق الشهر الماضي. ونقل حماد عن فيرشينين قوله إنه «وجد مشعل أكثر تشدداً من ذي قبل، لأن حماس تجد أن التغيير الذي يجري في المنطقة لصالحها». وقال حماد: «لا يمكن وصف ذلك بأنه قِصَر نظر بل هو عمى». وتابع: «هم (حماس) يعتقدون أن التغيير الذي يجري في مصر سيجلب الإخوان المسلمين، وسيتم تبني برنامج حماس»، لافتاً إلى أن «اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وقعت، وهي قائمة، بل هي أمر واقع»، مشيراً إلى ما ذكره القيادي في تنظيم «الإخوان المسلمين» عصام العريان من أن أوضاع مصر الاقتصادية لها الأولوية، وأن طرح أي قضايا لها علاقة بهذا الشأن (في إشارة إلى معاهدة كامب ديفيد) تبحث من خلال البرلمان. ورأى حماد أن الفرصة سانحة حالياً لإنهاء الانقسام، داعياً «حماس» إلى التعاطي مع هذه الفرصة، وقال: «لم نترك وسيلة لإقناع حماس بالمصالحة إلا وقمنا بها. ويجب أن تفهم أن هذا الوقت المناسب لإنهاء الخلاف وإنجاز المصالحة». وأضاف «لا يوجد طرف الآن يمكنه أن يضغط على فتح أو حماس ليقول لهما لا تتفقا. فالأطراف الضاغطة أضعف من القيام بذلك». وأوضح أن الرئيس محمود عباس يحاول بكل الوسائل تقليص الفجوة وتقريب المسافات بين حركتين «فتح» و«حماس» وقال: «كلنا، أنا وغيري، يجري اتصالات مع قيادات وممثلين لحماس، وفيها قيادات غير متشددة»، لكنه أعرب عن خيبة أمله لأن الذي يأخذ القرار داخل الحركة هو الجناح المتشدد. وأشاد حماد بالنموذج التركي، «فتركيا دولة مدنية بمرجعية إسلامية»، معبراً عن أسفه لأن نموذج البرقع هو الذي يسيطر في غزة، ومعتبراً أن هذه بحد ذاته إشكالية. وتساءل: «كيف يمكن الاتفاق مع نموذج البرقع؟»، لافتاً إلى أن القضية ليست في المظهر، لكن الشكل يعكس العقلية ونمط التفكير والرؤية، وقال: «لذلك صعب أن نتفق طالماً أن القرار بيد الجناح المتطرف». ورداً على سؤال في شأن مطالبة بعض قيادات «فتح» برئاسة الحكومة المقبلة، أجاب ان هذا الاتجاه ليس قوياً في الحركة، لكن من حق «فتح» المشاركة في الحكومة، مرجحاً أن يكلف سلام فياض مجدداً تشكيل الحكومة المقبلة. واشار الى مشاركة كوادر شابة من أصحاب كفاءات داخل «فتح» في الحكومة المقبلة، مشدداً على أن معيار شغل أي حقيبة وزارية هي المهنية والكفاءة. واوضح أن أعضاء اللجنة المركزية في «فتح» لن يشغلوا أي حقائب وزارية لانشغالهم بالعمل التنظيمي داخل الحركة، لافتاً إلى أن هذا الأمر على رأس أولوياتهم. ورجح الإعلان عن تشكيل الحكومة المقبلة الأسبوع المقبل عقب عودة عباس من الخارج ليشرف بنفسه على قائمة الحقائب الوزارية. ونفى حماد أن يكون الجمود الحالي في عملية السلام، خصوصا بعد «الفيتو» الأميركي الأخير في مجلس الأمن، ووضع القيادة الفلسطينية في مأزق. وقال إن إسرائيل هي التي في مأزق، مضيفاً أن هذا «الفيتو» سبب إحراجاً كبيراً للإدارة الأميركية. وأضاف ان الأميركيين يشعرون بحرج بالغ نتيجة دعمهم للموقف الإسرائيلي من دون وجه حق، ويشعرون بأنهم أصبحوا معزولين بسبب سياساتهم، لافتاً إلى أن أقرب حلفاء أميركا (بريطانيا وفرنسا والمانيا) يدعم الموقف الفلسطيني ضد الاستيطان. ورجح حماد أن تطالب أميركا إسرائيل باتخاذ خطوات إيجابية على الأرض لحلحة الجمود الراهن من خلال القيام بإجراءات فعلية على الأرض من شأنها أن تدفع بعملية السلام أو تخلق أجواءً إيجابية لاسترداد الثقة وإبداء حُسن النيات تجاه الفلسطينيين. وقال إن «الأميركيين سيبذلون مساع لحض الإسرائيليين في هذا الاتجاه للخروج من عزلتهم التي يشعرون بها»، لكنه شكك في إمكان استجابة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو لهذا الطرح الأميركي، وقال: «أستبعد في ظل الائتلاف الحكومي الحالي أن يتمكن نتانياهو من تقديم شيء». واضاف: «إن الموقف السياسي الفلسطيني صلب ومتماسك وثابت على استراتيجيته»، وزاد ان «نتانياهو يترقب حدوث أي عملية انتحارية، بل هو يتمنى وقوع مثل هذه الغلطة كما حدث في الانتفاضة الثانية كي يتذرع بمسألة الأمن للتهرب من كافة استحقاقات السلام». وقال: «نحن واعون تماماً لذلك». وأشار حماد إلى أنه خلال اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الأسبوع الماضي في جنيف انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المواقف التي يتخذها المجلس ضد إسرائيل، ما دفع بالوفد الفلسطيني الى الانسحاب. وأضاف «بعد انسحاب وفدنا اتصل به الأميركيون لمعرفة سبب انسحابهم، فأجاب الوفد الفلسطيني: ماذا تتوقعون منا وأنتم تدافعون عن إسرائيل على رغم أن كل ممارساتها غير قانونية. فأجاب الأميركيون: نحن مضطرون لذلك. فهناك ضغوط كبيرة علينا من الكونغرس». وقال: «على رغم أننا الأضعف، لكن موقفنا صحيح لأننا نملك حجة قوية». ورأى حماد أن القرار في إسرائيل بيد المستوطنين، فهم أصحاب القرار، وقال: «إن غالبية الشعب الإسرائيلي ضد المستوطنين، لكن الجيش والمجتمع الإسرائيلي لا يستطيعون مجابهتهم»، مشيراً إلى أن هناك احتجاجاً رسمياً قُدِّم من 127 من ممثلي الاتحاد الأوروبي الى الحكومة الإسرائيلية ضد تصرفات المستوطنين، لأنهم يهددون الديبلوماسيين ويوقفون سياراتهم على الحواجز على مرأى من الجيش الذي لا يملك أن يضع حداً لتصرفاتهم. وتساءل عما إذا كانت القضية الفلسطينية ستظل هي القضية المركزية للنظام العربي أم أن الانشغال بترتيب الوضع الداخلي سيستغرق وقتاً، وزاد: «لن نستغرب إذا بدأنا نسمع نحن الفلسطينيين عبارة حلّوا انقساماتكم».