الملاحقات والاعتقالات التي تقوم فيها سلطة حماس في غزة للمتظاهرين لإسقاط الانقسام لا تنبئ بخير ، فهل تتكرر قضية سقوط الشهيد الأول في الثورات الاجتماعية فتحدث العاصفة في غزة ؟؟ .. سؤال كبير سنرى الاجابة عليه قريباً في 15/3/ أي بعد أقل من أسبوع من اليوم . السلطة التي تحاول قمع المتظاهرين أو الثائرين سلمياً تنزلق في غالب الأحيان إلى مستنقع القتل والعنف حين تفلت أعضابها ويرتبك انضباطها نحو المتظاهرين فتطلق النار عليهم ومن ثم تضع الجمهور في حالة استنفار وتحدي يفوق مئات المرات القوة التي دعت هؤلاء المتظاهرين للتظاهر . إن المجتمع الغزي اليوم في حالة استنفار وتحدي للظروف التي أطبقت عليه من حصار ومعاناة وقصف واقتتال سابق وتعبئات حزبية عمياء وفقدان النموذج في الحكم الديمقراطي على مدى سنوات، وهو يرى أن الانقسام الحادث لا يمت للمسئولية الوطنية بصلة، وهو يشعر بالمهانة في سفره وترحاله ويشعر بالانكسار أمام مريض عزيز عليه عندما لا يتمكن من تحويله وسفره للعلاج. هذا المواطن الغزي تيقن من فشل أحزابه وفسادها وأنانيها التي أطاحت بآماله بالتحرر وهو يراكم في ذهنيته طوابير القادة المناضلين والمجاهدين وهم يبنون مجدهم على حساب دماء أبنائه وعلى حساب تطوير خدماته وعلى حساب العيش بكرامة مثل باقي شعوب الأرض. إن التركيب الفصائلي المعبأ بالعنف والقتل والذي انبثقت عنه ما يسمي بقوات الأمن أياً كانت تسميتها من شرطة أو أمن داخلي أو حفظ النظام أو العناصر المسلحة التي تتداخل مهماتها مع بعضها البعض عنوة أو عصبية أو انصر أحاك ظالما أو مظلوماً، ويضاف لها كثيرا من تصريحات السياسيين غير المسئولة تجاه المتظاهرين أو المعبرين عن آرائهم وفي المقابل المزاج العصبي الأصيل لشعب غزة مضافا إليه الضغوط النفسية التي تعرضوا لها في السنوات الأخيرة تظهر بما لايدع مجالاً للشك بأن سقوط الشهيد الأول وارد في أحسن الأحوال وعندها ستحدث المأساة. إن ما ندعو إليه ومن واقع الحرص على حياة أولئك الشباب الذي يريد التعبير والثورة على آفاقه المغلقة أن تكون قوات الأمن على درجة كبيرة من المسئولية لكي لا تحدث مآسي جديدة لهذا الشعب وشبابه أثناء تعبيرهم عن آرائهم وهو حق أصيل من حقوق الانسان أقرته القوانين الفلسطينية والدولية وشرعة حقوق الانسان. إن التحلي بضبط النفس من المتظاهرين ومن أجهزة الأمن مطلوب بأقصى درجاته ولكن دائماً تحدث المفاجأة من عناصر الأمن لأن المتظاهرين لا يحملون سلاحا وهم في مظاهرات سلمية ويجب حمايتهم. لو كنت مكان السلطة في غزة فلن أرسل قوات أمن للمتظاهرين وإن أردت أن أـرسل قوات للأمن فسأحتار أكثر العناصر وعياً وبطريقة منتقاة وأكثر العناصر هدوءاً وأن أبتعد عن العصبيين منهم والمعروفين باستخدامهم العنف فهؤلاء هم الأكثر عرضة للإنفلات واظهار علامات التحدي للجمهور. ونتمنى علي حكومة حماس أن تقدم نموذجاً مختلفاً عما هو راسح في ذهن جمهور غزة من استخدامهم القوة لأن هذا لن يفيد وسيفاقم الوضع لأن ما يحدث من قوة دافعة لدى الجمهور الفلسطيني هي حالة جديدة تختلف تماماً عما سبق من خصومات بينكم وبين الاحزاب أو السلطة. هؤلاء شعب وجماهير تريد التعبير عن واقعها ولا تنافس أحد على سلطة أو نفوذ وهم معارضون وليس مقاتلون هم معارضون لكل الحالة الفلسطينية الراهنة بما فيها فتح وحماس وكل الفصائل الأخرى ولا يريدون إلا إسقاط الانقسام والانتفاضة على الحال الفلسطيني البائس وعلى الاحتلال في طريق اقامة الدولة المستقلة للعيش في كرامة ومستقبل حر وآمن.