يتملك الانفعال الساحة السياسية: رئيس الوزراء يفكر في مبادرة. رئيس الوزراء سيلقي خطابا. يا للروعة. بعد سنتين من المراوحة السياسية في المكان، فيما يسلط السيف السياسي فوق رأس اسرائيل، والعالم يقول انه مل سياستها، يقبل رئيس الوزراء التحدي. بل انه توفرت ساحة مناسبة للمشروع: "خطاب بار ايلان 2" سيلقى على مستوى تلة الكابيتول في واشنطن، ليس أقل. السؤال الاكبر هو اذا كان نتنياهو بالفعل يبحث عن الطريق للسلام. كل التسويات السلمية او الاتفاقات الانتقالية بين اسرائيل ومصر، الاردن والفلسطينيين لم تبدأ بخطابات ملتهبة. لم تنطلق الى الفضاء السياسي في خطابات في الكونغرس. بل نسجت في اتصالات سرية بين الاطراف، بعيدا عن الانف الحساسة للصحفيين، بعيدا عن العين المحدقة للادارات في واشنطن. نتنياهو يواصل خلق الانطباع بان خطته السياسية التي يصار الى نسجها ترمي الى غاية واحدة فقط: رفع الضغط الدولي الخانق عن اسرائيل. رئيس الوزراء لا يلمح للشعب بتطلع شديد لقيادته نحو اختراق للطريق. حتى لو لم يكن يؤمن بان السلام خلف الزاوية، حذار ان يعرضه كمشكلة اخرى ينبغي حلها، مثل شق خط القطار من تل أبيب الى القدس. وهكذا يفوت نتنياهو اساسا جوهريا لشرعية حكومات عديدة في اسرائيل – من اليمين واليسار على حد سواء، بما في ذلك حكومته في الولاية الاولى – السعي نحو السلام. الخطاب السياسي اليوم هو حزبي وائتلافي. خطاب كهذا عديم الادعاء، الرؤيا والامل. مذهل كيف ان كلمة سلام أصبحت كلمة فظة ويسروية. رؤساء وزراء من اليمين – بيغن، نتنياهو وشارون، تحدثوا عن السلام في بداية طريقهم. اما اليوم فهذه كلمة وجدت نفسها خارج القاموس. كدنا ننسى بان التطلع الى السلام كان في الماضي جزءا من الفكرة اليهودية والاسرائيلية للعقود الخمسة الاولى لوجود الدولة. هذا كان جزءا تأسيسيا في الدي.ان.ايه الثقافي والسياسي لدينا. على مدى السنين تفاخرنا في أن "السلام"، الكلمة العبرية الاكثر معرفة في أوساط ناطقي اللغات الاجنبية، تستقبل الناس بالترحاب، وفي نفس الوقت تعبر عن المصالحة والاخوة بين الشعوب. هل فكرة السلام انهارت في العمليات وفي الصواريخ؟ هل سنوات قاسية من الدم والثكل أبقت كلمة السلام في هوامش اليسار مثل يوسي بيلين؟ رئيس الوزراء محق – صحيح أن يكون حذرا وشكاكا. جدير ان يسير بحذر، ان يكون وعيا وان يستعد لكل معركة في كل وقت. ولكن فضلا عن ذلك مرغوب فيه أيضا قدر معين من الثقة والايمان. وهذان سحبا منا، الجمهور والقيادة على حد سواء. شيء ما تشوش: تشوش السعي نحو السلام، كتطلع وطني أساسي، في ظل الاستعداد للاخذ والعطاء، أن نكون ابداعيين ومبادرين في طرح خطة سياسية. القول القديم انه يجب "قلب كل حجر في الطريق الى السلام" اصبح غير شرعي، من نصيب مجانين القرية، هذاة ومقتلعي اسرائيل. في اسرائيل 2011، فكرة المجتمع الذي يتطلع قبل كل شيء لان يعيش بسلام مع جيرانه دحرت الى الزاوية. شعب يائس، مثير للشفقة، يحتاج الى قيادة تهزه، يحتاج لذلك أكثر حين يكون يائس من مفاوضات سابقة. وكذا في اللحظة التي يكافح فيها ايضا ضد من ينهضون لابادته. عندما يكون الشعب عديم الامل فان مهمة الزعامة هي النظر الى الامام وبث روح الامل في مسعى لمحاولة تصميم الواقع. رئيس الوزراء لا يفترض أن يتصرف كمواطن محبط. مهمته أن يحاول تصميم واقع جديد. "عندي مسؤولين عامة"، قال قبل بضعة ايام فقط. رئيس وزراء يتناول خطته السياسية كأمر اضطراري، ويعرضها كمن تملكه الشيطان، لا ينبغي ان يتوقع من نظرائه في العالم ان يصدقوه، ولا ينبغي أن يوهم نفسه بان الجمهور الاسرائيلي سيصدق نقاء نواياه. نتنياهو قادر على أكثر من ذلك، فقط إذا اراد.