خبر : رهان حياته/بقلم: ألوف بن/هآرتس 4/3/2011

الجمعة 04 مارس 2011 01:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
رهان حياته/بقلم: ألوف بن/هآرتس  4/3/2011



 رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصل الى نقطة الحسم، التي حاول تفاديها على مدى سنتين: الاختيار بين الايديولوجيا التي تربى عليها ومعتقداته الداخلية، وبين اضطرارات زعيم دولة صغيرة متعلقة تماما بالدعم الدولي. ومثل كل أسلافه، خضع نتنياهو ايضا للضغط الخارجي، وقرر الخروج في مبادرة سياسية تحطم العزلة الثقيلة التي علقت فيها اسرائيل.  نقطة انكساره جاءت في اعقاب تطورين متوازيين، من الخارج ومن الداخل. الفيتو الذي استخدمه الرئيس الامريكي براك اوباما على شجب المستوطنات في مجلس الامن، جسد لنتنياهو بان لم يعد لاسرائيل اصدقاء في الاسرة الدولية. فقط اصبع اوباما منع عن نتنياهو هزيمة دبلوماسية نكراء، والبيت الابيض تكبد عناء الايضاح بان الولايات المتحدة تؤيد الشجب وتصوت ضده لاعتبارات سياسية داخلية. والان حانت ساعة التسديد، والتي سيجبي فيها اوباما من نتنياهو ثمن الفيتو. في الساحة الداخلية، يهبط نتنياهو في الاستطلاعات ولا ينجح في استعادة الشعبية التي تمتع بها في بداية الولاية. خصماه الكبيران، تسيبي لفني وافيغدور ليبرمان، يتعززان فقط ويلمحان بالتعاون في ائتلاف مستقبلي يقوم على خرائب الليكود. الانتقاد على نتنياهو ينبع من احساس الجمود، ومن مظاهر انعدام الزعامة في قضية تعيين رئيس الاركان وادارة المكتب. مطلوب خطوة جريئة، زعامية، في محاولة لتغيير اتجاه الميل.  ارئيل شارون علق في ذات النقطة في خريف 2003: الجمهور تعب من زعامته، الامريكيون يئسوا من الجمود السياسي، وشعبيته أخذت في الانخفاض. الاسرة الدولية بدأت تلمح بتسوية مفروضة بروح مبادرة جنيف، وقدامى جهاز الامن حذروا من أن شارون يقود نحو الضياع. شارون انكسر واعلن بانه سيخلي غوش قطيف. من ذات اللحظة تحول حظه، الشعبية في الداخل ناطحت السحاب، والعالم عانقه.  في الايام الاخيرة كثرت المؤشرات على أن نتنياهو يسير في أعقاب شارون ويكسر من اليمين المتطرف نحو الوسط. هذا بدأ في خطابه في الكنيست الاسبوع الماضي، والذي ألمح فيه بتسوية انتقالية مع الفلسطينيين يبقي غور الاردن في يد اسرائيل، وينزل عن الشجرة الاعتراف الفلسطيني باسرائيل كدولة الشعب اليهودي. وقد استمر هذا في حملة الهدم في بؤرة مزرعة جلعاد الاستيطانية – الرمز الصرف لليمين المتطرف. يوم الاثنين توجه نتنياهو الى كتلة الليكود، ومثل شارون قبله، شرح بانه لن يضرب رأسه في الحائط امام الضغط الدولي الكبير. الان جاء دور "دولة ثنائية القومية هي خطر كبير"، وفجأة بدا نتنياهو مثل ايهود اولمرت، الذي أعلن في مقابلة مع "هآرتس" في مؤتمر انابوليس: إما دولتان أو تنتهي اسرائيل. وهذا نتنياهو الذي تنكر دوما للتهديد الديمغرافي، ورأى فيه فزاعة اليسار.  مشكلة نتنياهو، هي أن زعماء العالم لا يصدقونه. خلافا لاولمرت وشارون – اللذين تمتعا بعلاقات وثيقة مع الرئيس جورج بوش – يعاني نتنياهو من علاقات سيئة مع اوباما. جهده الاساس سيكون اقناع الرئيس الامريكي بان يعطيه فرصة اخرى. الا يلقي به الى الفكين المهددين لمجلس الامن والرباعية، ويدعه يقرر بنفسه العقاب في شكل وعود بانسحاب آخر في الضفة الغربية وشق الطريق الى دولة فلسطينية. هكذا فقط سيوافقون على محاولة احباط اعلان الاستقلال من طرف واحد الذي يخطط له الفلسطينيون. اوباما سيأتي نحو نتنياهو بلا مفر. الثورات في العالم العربي تركت امريكا بدون حلفاء في المنطقة يمكنها أن تعتمد عليه. بقيت اسرائيل فقط. وعليه فقد استخدم الرئيس الفيتو على شجب المستوطنات والتقى بمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية، وبعث بمبعوثين الى نتنياهو. اذا ما كانت المبادرة الاسرائيلية على ما يكفي من المعنى، ولا تتخذ صورة احبولة لفظية اخرى ترمي فقط الى كسب الوقت، فان اوباما سيمنحه الاسناد. في مثل هذه الحالة، سيتعين على لفني ايضا ان تدعم، كونها تحرص على الا تلتف على اوباما من اليسار. تحدي نتنياهو، مثل تحدي شارون، سيكون اقرار المبادرة في ائتلافه اليميني. وهو يعول على خوف أعضاء الليكود من الانهيار في الانتخابات القادمة وتسرب المقاعد الى لفني، ليبرمان وآريه درعي. كما يعول ايضا على لائحة الاتهام المقتربة ضد ليبرمان. ليس مؤكدا أن هذا سيكفي: وزير الدفاع ايهود باراك، الذي دفع نتنياهو نحو الخروج لمبادرة سياسية، يحذر من أن التشيكلة الائتلافية غير ملائمة لها.  نتنياهو يجري رهان حياته. يحتمل أن يكون الاوان قد فات، ومثلما في الولاية السابقة، فان رفاقه من اليمين سيلقون به عن الحكم بعد خطوة سلام فاشلة. ولكنه يفهم على ما يبدو، بان لا مفر امامه – فاذا لم يراهن على خطوة سياسية، ستعلق اسرائيل في ازمة سياسية خطيرة حيال اعلان الاستقلال الفلسطيني، ونتنياهو سيفقد الحكم بصفته مجرد خاسر.