في حين ينفجر مشروع الغاز المصري في وجوهنا، أصبحنا مشغولين الى ما فوق رؤوسنا بمحاربة مزودات الغاز الاسرائيليات. إن الانتباه العام كله مصروف الى لجنة شاشنسكي ومقدار العائدات. وها هي ذي جبهة الغاز المصرية تشتعل. انفجر أنبوب النقل نفسه لكن ليس هو فقط: فشبكة تزويد اسرائيل بالغاز تهز الحياة العامة المصرية وتهدد الآن قطاع الطاقة الاسرائيلي. وليس عندنا سوى صوت خافت ضئيل. في مصر يتم تقديم دعاوى، وتُصادر أموال وتُسأل اسئلة صعبة، وعندنا يتحدثون عن شاشنسكي. لا يتطرق أحد الى حقيقة ان حسين سلام، شريك يوسي ميمان وبارونات استيراد الغاز الاسرائيلي، هرب من مصر مع نصف مليار دولار في حقيبة وقُدمت فيه دعوى قضائية لسرقة عشرات الملايين. ولا يتناول أحد ايضا حبة البطاطا الساخنة للسياسة المصرية. فسلام كان مقربا من حسني مبارك، ولا سيما ابنه جمال، وهو متهم ايضا بسطو ضخم على خزانة الدولة. إن فضيحة الغاز في مصر تُعلم اسرائيل باعتبارها عنصرا مركزيا في فساد السلطة القديمة وسلبها. إن الاشاعات عن فساد حسين سلام والشراكة مع مبارك ليست جديدة. لا يمكن ان تكون قد غابت عن أذهان جهاز الأمن والوزراء والموظفين الكبار. ومع ذلك كله – فان الاسئلة الصعبة المتصلة بالحكمة من ربط دولة اسرائيل بهذا الدُمّل لم تُسأل في الماضي. يدهشنا كيف خاطرت الجهات الرسمية للدولة مخاطرة هاذية الى هذا الحد تتعلق بـ 40 في المائة من استهلاك شركة الكهرباء للطاقة. ومما يثير العناية كيف لم يُفجر كبار محللينا الفضيحة، وفضلوا بدل ذلك اجراء مقابلات صحفية مستخذية مع حسني مبارك. لكن الاسئلة الصعبة لا تقف هنا. حصلت "إي.ام.جي" من دولة اسرائيل على اعفاء من الضرائب لعشرين سنة، وبهذا فُضِّلت على المزودين الاسرائيليين بالغاز. ولهذا يجب علينا ان نسأل: كيف يمكن ان يكون الغاز الذي يأتي من دولة عدو محتملة خاصة قد فُضِّل على غاز وطني – وهو غاز يُدخل في خزانة الدولة مالا حتى دون تحسينات شاشنسكي. وعلى العموم كيف تم تأخير تطوير الغاز الاسرائيلي وأُفسِد؟ هذا سؤال يزداد حدة الآن عندما يتبين ان كل شيء في الطرف الثاني للانبوب في مصر كان مبنيا على الفساد والرشوة. أُنضجت صفقة الغاز المصري مع بلاط مبارك، على أساس ما يشبه اتفاقات سياسية. همسوا في آذاننا أنه يجب اعطاء "إي.ام.جي" إفضالات مفرطة من اجل تثبيت الحلف الاستراتيجي بين الدولتين. غير أن مصر لم تكن قط صديقتنا، وتميزت حتى في أفضل الايام بتحريض فظ علينا والتآمر الأمني علينا وغض عينها عن تزويد الارهاب في سيناء. وعلى كل حال، ما كان يجوز اقامة مستقبل الاقتصاد والطاقة في اسرائيل على رمال حسني مبارك المتحركة. حان وقت التحقيق العميق. وأن نفحص من جملة ما نفحص عنه، ما الذي دفع اولئك الذين ترأسوا قطاع الطاقة في البلاد والمقربين جدا من حسني مبارك. وكيف يمكن ان يكون رؤساء الادارة الاسرائيلية قد مكّنوا عائلة مبارك وعددا من الفاسدين الآخرين من اقتطاع أرباح حاسمة الى هذه الدرجة. ولماذا قرر الوزراء والموظفون الكبار اقامة جزء كبير من قطاع الطاقة في دولة اسرائيل على غاز دولة عدو محتملة. ولا يقل عن هذا أهمية أن نفحص أين كان جميع المراقبين الغاضبين على مشاريع الغاز الاسرائيلية. وأين الصحف الاقتصادية وكبار المحللين، وأين صندوق اسرائيل الجديد، وأين اعضاء الكنيست والاستئنافات لمحكمة العدل العليا. لماذا لم يُكشف للجمهور الاسرائيلي عن الاسئلة الصعبة بكامل شدتها.