خبر : القطان للطفل ينفذ مشروع "منطقة صديقة" لأطفال السموني بغزة

الثلاثاء 01 مارس 2011 10:56 ص / بتوقيت القدس +2GMT
القطان للطفل ينفذ مشروع "منطقة صديقة" لأطفال السموني بغزة



غزة / سما / في خطوة للدمج ما بين الترفيه والعلاج النفسي، أنهى مركز القطان للطفل بغزة الجزء الأول من مشروع منطقة صديقة للأطفال "مشروع السموني"، والذي نفذه بالشراكة مع المؤسسة الألمانية "أصدقاء التربية والتعليم" (Friends of Waldorf Education). ويستهدف المشروع أطفال عائلة السموني الذين تعرضوا لصدمات نفسية حادة جراء المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق عائلتهم خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي أوقعت عشرات الشهداء والمصابين من بينهم أطفال ونساء. وبدأ تنفيذ المشروع، بحسب مديرة الأنشطة والبرامج الثقافية في مركز القطان للطفل هيام الحايك، في بداية شهر أغسطس 2010 واستمر حتى نهاية شهر فبراير من العام الحالي، مع قابلية تمديده لعام قادم. وأوضحت أن المشروع تم تنفيذه مع 100 طفل من عائلة السموني بواسطة فريق متخصص من مركز القطان كان قد تلقى التدريب على تطبيق هذا المشروع على يد خبراء من المؤسسة الألمانية. وقالت الحايك، " إن المشروع يهدف إلى إعادة الحياة الطبيعية المنتظمة لأطفال عائلة السموني، من خلال العديد من الأنشطة الحركية والفنية التي أعدها خبراء ومتخصصون، إذ أن فكرة المشروع تدور حول كيفية خلق منطقة صديقة للأطفال يعيشون فيها ذكريات ممتعة من مكان القتل والدمار". وأشارت إلى أن المؤسسة الألمانية اصطحبت معها من ألمانيا فريق يضم أطباء ومتخصصين لهم تجربة في التعامل مع أطفال الصراعات والحروب في دول العالم. من جهة أخرى، قال مساعد مدير مؤسسة أصدقاء التربية والتعليم الألمانية "لوكس مال"، " لقد حضرت إلى غزة ولأول مرة بعد 10 أيام من انتهاء الحرب الأخيرة على غزة، وأول مكان زرته منطقة عائلة السموني، وشاهدت مأساة كبيرة لدى الأطفال، وشعرنا بحجم المشاكل التي خلفتها الحرب لهم من  صدمات نفسية ومشاكل في الحياة". وأضاف، " فكرنا أن ننفذ في هذه المنطقة مشروع خاص فيها، ونقدم الدعم النفسي الكامل للأطفال لتمكينهم من تغيير حياتهم بنفسهم، واخترنا مركز القطان للطفل لتنفيذ هذا المشروع، لأنه مركز متخصص في هذا المجال، وهو المناسب لذلك، ولديه عمل وتعاون جيد". وأوضح مساعد مدير مؤسسة أصدقاء التربية والتعليم، أن أطفال السموني أصبحوا أكثر اعتمادا على أنفسهم، وبات التعامل معهم سهل وسليم بشكل يختلف عن حياتهم وسلوكهم قبل تنفيذ المشروع. وفيما يتعلق بالأنشطة التي كانت تنفذ للأطفال في منطقة سكناهم، قال منسق المشروع من مركز القطان للطفل سلمان النواتي، " إن فلسفة الأطفال المعرضين لصدمات، تقتضي أن يمارسوا أنشطة روتينية يومية كي يعود مفهوم الحياة لهم بشكل منتظم، فقد اعتمدنا أسلوب الروتين اليومي كي يعود الأطفال إلى طبيعتهم، إذ يصطفوا كل يوم مع بداية النشاط في دائرة توحدهم، يرددوا إيقاع يوحدهم بالحركة والتصفيق، ويرددوا أغنية جماعية". وأضاف، " إن الأطفال في سن السادسة ننفذ لهم أنشطة مخصصة من خلال الألعاب الحركية، ورواية القصة، بالإضافة إلى ممارسة ألعاب فنية مثل اللعب في الطين والرسم في الألوان، والمساعدة في عمل دمى وأشكال فنية". أما الأطفال من سن 7 إلى 15 نقدم لهم أنشطة متقاربة، إذ يتم تقسيمهم مجموعة في قسم الحركة، ومجموعة أخرى في قسم الأنشطة الفنية، ويتم التركيز معهم على عمل إيقاع حركي معين، ويتم تطويره في كل مرحلة حتى يزداد صعوبة، إذ أن هذه الإيقاعات تنظم حركة الجسد لدى الأطفال، وذلك بحسب النواتي. وقال منسق المشروع، "نمارس معهم طريقة العلاج بالرسم، إذ نتيح لهم المجال ليرسموا ويعبروا ما يدور بداخلهم، ومن خلال الرسم نتعرف على مشاكلهم وحاجتهم، ونقوم بعلاجها من خلال الأنشطة". وبالانتقال إلى منطقة عائلة السموني وتحديدا في المكان الذي كان يتم تنفيذ المكان فيه وهو ساحة أحد منازل العائلة، كان الشقيقان عبد الله 11 سنة ونور الدين السموني 8 سنوات، واللذان شاهدا الاحتلال وهو يقتل والدهم وشقيقهم بعد أن اقتحم منزلهم، ينتظران فريق مركز القطان، والذي اعتادوا عليهم منذ 7 أشهر، بالقرب من منزلهم، وقد بدت معالم الفرحة على وجهيهما. وقال الطفل نور الدين، " لقد فرحت كثيرا لأني تعرفت على المنشطين وعلى الألمان، وأفرح كثيرا لأنهم يلاعبونا ألعاب ممتعة، ويتيحوا لنا المجال لنرسم، فأنا أرسم أشجار ومنزل". وأضاف، " لو ما حضروا إلينا لا نشعر بفرحة، لأنه لا يوجد أي أحد يلاعبنا غيرهم". أما شقيقه عبد الله فيحرص أن لا يغيب عن الأنشطة اليومية التي ينفذها القطان، بل يخصص في كل يوم وقت لهذه الأنشطة بعد المدرسة، حتى يعود إلى البيت وهو فرحان ونشيط ومستعد لمراجعة الدروس. وقال عبد الله، " كنا في السابق نحلم أحلام مزعجة، ولا نعرف النوم المريح، ولكن اليوم نفكر في اللعب والفرح، لقد تعودت على المنشطين وأعتبرهم مثل إخوتي، فقد اعتدت على وجودهم في حياتي بشكل يومي، بل أن وجودهم يمل لنا الفرح واللعب، ونعيش أوقاتا جميلة بصحبتهم، لأنهم عوضونا عن الحزن و أدخلوا إلى حياتنا جزء من الفرح". وأضاف، " نلعب ألعاب حركية وممتعة، مثل لعبة صياد السمك، ولعبة الكرة، ولعبة الزجاجة، وعندما ينتهي النشاط ويغادر المنشطين المكان نبقى قليلا ولا نغادر فورا حتى لا ننسى أوقات الفرح بسرعة، وبعد ذلك نعود إلى البيت ونحاول أن نلعب هذه الألعاب حتى نشعر بالفرحة". من جهتها، قالت رنا الحلو المنشطة في مشروع السموني من مركز القطان، " كان الطفل نور الدين انطوائي وكئيب بدرجة كبيرة، وكان يفقد الثقة بأي شخص من حوله، والجميع في نظره كذاب، وفي أول المشروع لم يتفاعل مع الأنشطة، ولكن نحن تفاعلنا معه بإستراتيجية معينة". وأضافت، " أتحنا له المجال ليرسم ويفرغ كل ما بداخله من خلال اللعب، وكنا نشاركه نحن شخصيا، وكان يرسم ويمثل المشاهد المؤلمة التي لم ينساها، وكنا نشجعه على ذلك حتى يفرغ كل ما بداخله". وأوضحت الحلو أن الطفل نور ومع مرور الوقت أصبح يتفاعل بشكل كبير مع الأطفال والمنشطين، وبدأ يتخلص من المشاكل النفسية التي كانت تسيطر عليه. وذكرت أحد المواقف التي تدل على تحسن نفسية نور، حيث قالت، " في إحدى المرات رسم مجموعة ورود، وقلت له هذه لوحة جميلة، ولكن لو كان الورد الأحمر أكثر، ليفاجئني في اليوم التالي وقد أحضر لي ضمة ورد حمراء، وكانت أجمل هدية وأعظم إنجاز بالنسبة لي".