ريح شديدة تهب على العالم العربي والاسلامي، ونحن نوجد في عين العاصفة دون أن نعرف على نحو سليم ماذا ستزرع العاصفة وماذا ستحصد. عنف قاتل في ليبيا، مظاهرات متواصلة في اليمن وكذا في ايران وفي البحرين؛ في سوريا، في الاردن، في المغرب وفي الجزائر برزت أوائل شرارات الاحتجاج، في مصر وفي تونس اسقط الطغاة، ولكن النظام الجديد لا يزال بعيدا عن التبلور. لا يوجد حكم واحد لكل هذه الثورات، تلك التي توجد في ذروتها وتلك التي على الطريق، ولكن منذ الان يمكن القول بيقين بان ما كان – لن يكون. خير كان أم شرا، ديمقراطيا أم سلفيا، فان النظام العربي الجديد على وشك القيام. العالم العربي والاسلامي يمر بهزة لم يشهد لها مثيل، ولا يوجد احد يمكنه ان يتوقع نتائجه وأثارها. العالم ينظر، حاليا، الى الرياح العاتية التي تعصف في المدى. مصالح ضيقة، اقتصادية وسياسية، وقيم سامية تحركه في دوامة. وقد هرع الى تأييد المتظاهرين المصريين، ويبدي اهمالا وعدم اكتراث في ضوء التقارير عن المذبحة في ليبيا. السعودية، احدى دول الطغيان التي لم تسجل فيها بعد أي مظاهر للاحتجاج، لا تحظى باي موقف. هذه هي لحظة اختبار العالم العربي والعالم بشكل عام. في الاحداث المذهلة هذه يجب النظر بترقب متحفز. اذا ما استمرت المذبحة في ليبيا فان على العالم أن يتدخل كي يمنع قتل شعب. اذا ما نجحت المعارضة المصرية في اقامة نظام ديمقراطي، فان على العالم أن يتجند لمساعدتها. هناك نقاط زمن قليلة في التاريخ، مصائر عديدة توشك على ان تتقرر في غضون وقت قصير نسبيا – مصائر شعوب ودول، مصائر ملايين بني البشر التواقين الى الحرية والازدهار. الوضع الحالي محمل بالمخاطر ولكن تكمن فيه آمال في الغالب. محظور غض النظر عن المخاطر، ولكن في نفس الوقت لا ينبغي الاستخفاف بالفرص لمستقبل افضل للعالم العربي المظلوم. هذا العالم الغني بالمقدرات الطبيعية، الذي لم ينجح في أي مرة في ترجمة غناء الى الرفاهية لسكانه. هذا العالم الذي لم يعرف ديمقراطية حقيقية واحدة. والان وقعت في يديه الفرصة الكبرى. ينبغي عمل كل شيء كي لا تفوت.