بعد ترددات استمرت حتى اللحظة الاخيرة، قرر الرئيس الامريكي براك اوباما، استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن على مشروع قرار لشجب المستوطنات. المشروع الذي بادر اليه الفلسطينيون سعى الى القول ان المستوطنات الاسرائيلية في المناطق ليست شرعية. وقد حظي المشروع بتأييد 14 عضوا في المجلس، والتصويت الامريكي المضاد وحده هو الذي منع إقراره. لقد خسر الفلسطينيون في التصويت، ولكنهم حققوا مسعاهم: كشفوا أمام ناظري الجميع العزلة الدولية التي تعيشها حكومة بنيامين نتنياهو، وأحرجوا الادارة الامريكية التي انكشفت في ازدواجية الوجه. وفي تعليلها لاستخدام الفيتو، هاجمت السفيرة الامريكية في الامم المتحدة المستوطنات ووصفتها بأنها "غير شرعية"، فأوضحت بذلك بأن اوباما يشارك موقف مبادري المشروع، ولكنه مكبل باضطرارات داخلية تلزمه بالاعتراض عليه. مرة اخرى بدا أن القوة العظمى الامريكية تفقد اعتباريتها ومكانتها الدولية كي تدافع عن مشروع الاستيطان الاسرائيلي، الذي يتمتع برعاية شديدة القوة في الكونغرس. يحتفل نتنياهو بانتصاره على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولكن عليه ان يرى في الفيتو الامريكي اشارة تحذير. صبر العالم ينفد أمام مشهد البناء المتواصل في المستوطنات. الفلسطينيون يطالبون بتجميد البناء كشرط للمفاوضات، وموقفهم يحظى باسناد دولي. محاولات نتنياهو القاء المسؤولية عن الجمود على عباس تلقى عدم الثقة، حين تتسع المستوطنات. نتنياهو يدعو الآن الى سباق تسلح جديد، ردا على الثورة في مصر ("ميزانيات الدفاع ستزداد"، على حد قوله في جلسة الحكومة أمس). وبدلا من تهييج الخواطر في المنطقة، وتعظيم عزلة اسرائيل أكثر فأكثر، عليه ان يعمل على تبديد التوترات، أن يُنصت الى الأسرة الدولية فيعرض مبادرة عملية لانهاء الاحتلال وحل النزاع. وبدلا من ان يستجيب لمطالب وزراء الليكود، ويُقر مخططات بناء واسعة خلف الخط الاخضر، عليه ان يعترف بالضرر السياسي الذي تلحقه المستوطنات باسرائيل وأن يستأنف التجميد. هذه ستكون المساهمة الايجابية من اسرائيل في تصميم الواقع الجديد في المنطقة، والحفاظ على مكانة الولايات المتحدة التي تضررت جراء استخدام الفيتو.