من الدخان المتصاعد ومظاهرات العنف في تونس العاصفة، وعلى خلفية المخاوف من مظاهرات مشابهة في دول عربية اخرى، كان من المشوق الانصات الى الصوت الواضح لصاحب فندق تونسي أيد ثورة الجماهير وأشار الى اسرائيل كدولة نقية ينتخب فيها الزعماء بديمقراطية حقيقية، وفيها يحاسب الحكام الفاسدون. وقد عكس الرجل مزاجا سائدا في الشارع العربي. المنشورات عن تحقيقات الشرطة التي تجري في اسرائيل ضد زعماء اسرائيل تشكل منذ زمن بعيد شارات على الطريق لمواطني الدول العربية، التواقين الى حكم سليم.* * *المتطرفون الاسلاميون ركبوا بالمجان على وصف شعب اسرائيل كـ "شعب صعب المراس في التراث اليهودي، وهم يقتبسون المرة تلو الاخرى الايات والتقاليد من الاسلام التي تصف اليهود بانهم "قتلة الانبياء". وبينما في الاسلام معصوم النبي من كل خطأ بشري، تصف اليهودية انبيائها كحملة رسالة الرب ولكن ايضا كبني بشر متعرضون للاخطاء، بل ويعاقبون على ذلك. حتى موسى، الذي يسمى في الاسلام "كليم الله"، عوقب على اخطاء ارتكبها في اثناء رسالته، ولم يدخل أرض الميعاد. على مدى تاريخ اليهود الذي يمتد على الفي سنة يتبين بوضوح اننا لم نقبل أبدا الابهة كأمر مسلم به. وعليه، حسب الاسلام، فاننا معروفون في اننا "قتلة انبيائنا" وذلك لانه عندما يخطىء زعماؤنا، انبياؤنا فانهم "يدفعون الثمن" لقاء ذلك بحريتهم، بمالهم وبكرامتهم. سواء بالتحقيق وبالمحاكمة أم بالسجن. تراث الاسلام يستدعي الطاعة التامة للزعماء، انطلاقا من النهج في أنه من الافضل العيش لسنوات تحت حكم ظالم على العيش يوم واحد دون حكم. حسب هذا النهج، لا مكان للمعارضة وكل من يتحدى الحكم – حكمه الموت. هذا كان مصير الشاعرة عصمة بنت مروان، التي أعربت عن معارضتها للرسول محمد. فقد صفيت بأمره بطعنة سيف في صدرها بينما كانت ترضع رضيعها. وعليه فان امكانية ان توجه الجماهير العربية – الاسلامية غضبها ضد حكم ظالم، مثلما حصل في تونس هي مفاجأة. هذه نقطة انعطافة في ثقافة القمع والطاعة العمياء السائدة في الدول العربية كتراث قديم. هذا التطور يزرع الاضطراب في اوساط الانظمة العربية واجهزتها الاستخبارية. ينبغي الافتراض بانه في هذه الدول سيسود عصف للعقول باتجاه المبادرة الى التقدم المدروس في حقوق المواطن وتحسين الوضع الاقتصادي لوقف الانجراف. هذه الخطوات ستتم الى جانب تشديد خطوات الاحباط ضد المتطرفين الاسلاميين، الساعين الى استغلال الظاهرة الناشئة في تونس لتنفيذ انقلاب اسلامي في كل دولة عربية تتخذ صورة الضعيف. تعبير الفندقي من تونس هو تحد ضد التراث الاسلامي المتطرف الذي يحرك ايران، الاخوان المسلمين، حماس ونصر الله. وهذا الاخير نفذ بأمر من هذا التراث اغتيالا سياسيا كريها فصفى رئيس الوزراء اللبناني الحريري كجزء من محاولته السيطرة على لبنان، في ما يحاول ان يلقي المسؤولية، وكيف لا، على اسرائيل.* * *في السياق الواسع فان الريح التونسية التي تهب في منطقتنا، ستصل، دون ريب، الى لبنان ايضا. في هذا السياق يجدر التعاطي مع التراث الاسلامي، الذي مصداقيته في شك، والذي يعزو للرسول محمد القول انه لن تقوم "الساعة" المصيرية الا اذا صفي آخر اليهود. وحسب هذه التقاليد، سيختبىء آخر يهودي خلف صخرة ولكن هذه ستفتح فمها وتسلمه لمسلم ليقتله. غير أنه في الواقع، مؤخرا فقط وجدت الصخرة في جبال لبنان، صخرة حسب المنشورات مشتبه بانها أخفت معدات استخدمتها بالذات الاستخبارات الاسرائيلية. اليوم، في السياق اللبناني، هذه الصخرة وشقيقاتها في تونس، تدل على تحذير لنصر الله من الشعب اللبناني.