خبر : كله كرسيلوجيا/بقلم: اودي منور/معاريف 23/1/2011

الأحد 23 يناير 2011 11:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كله كرسيلوجيا/بقلم: اودي منور/معاريف  23/1/2011



 انتقاد صحي مليء بالكراهية الذاتية يدفع الكثير من مواطني اسرائيل الى التعاطي باستخفاف، باستهتار وبعداء مع ساحتهم السياسية. وعلى نحو مفعم بالمفارقة فان مواطني اسرائيل يتلقون ريح اسناد هائلة بالذات من منتخبي الجمهور. باستثناء رئيس الكنيست روبي ريفلين، لا يوجد في المحيط نائب واحد يقف كالسور المنيع ليحمي طريقة الحكم الديمقراطية والبرلمانية.  ظاهرا ما نال حتى الان لقب "المناورة الاكثر نتانة في تاريخ الدولة" – انسحاب باراك وشركاه وانضمام كتلة "الاستقلال" الجديدة الى الائتلاف – هي مثابة الشاهد على قبر الحمار للديمقراطية في اسرائيل. في اليمين، في الوسط وفي اليسار المسلمة هي واحدة: الساحة السياسية فاسدة اولا لان المنتخبين لا يفون بوعودهم للجمهور. اليسار هو يمين، اليمين هو يسار، وكله كرسيلوجيا. اما الايديولوجيا فقد ماتت. أحقا؟ فلعل الواقع تغير والحراك الايديولوجي هذا هو مجرد انعكاس لهذه التحولات؟ واذا كان هكذا هو الحال، فلعل السياسيون، بعضهم على الاقل، ليسوا فقط غير فاسدين بتبنيهم الكرسيلوجيا بل انهم بالذات بفضل انشغالهم في هذه المهنة المعقدة، التي تسمى سياسة، يفهمون جيدا من الجمهور بان الواقع قد تغير بالفعل؟ امور في هذا الاتجاه يمكن ان نتعرف عليها، كالمعتاد، من المختبر الانساني النشط والدينامي جدا في تاريخ البشرية، الا وهو الولايات المتحدة الامريكية. من استطلاعات الراي العام التي تجرى هناك صبح مساء تنشأ صورة واضحة تماما. الجمهور الامريكي بشكل عام، والجيل الشاب بشكل خاص (اعمار 18 – 30) يظهر تحولا دراماتيكيا في مفاهيمه السياسية الكلاسيكية. ما يظهر من الاستطلاعات في السنوات الاخيرة هو أنه خلافا للحكمة الدارجة، ليس فقط كفت أغلبية الجمهور الامريكي عن السجود لـ "الرأسمالية"، بل انه في اوساط الجيل الشاب الموقف من "الاشتراكية"، تماما هكذا، هو موقف ايجابي للغاية.لماذا "الاشتراكية" و "الرأسمالية" بين هلالين؟ لان الرأي العام غير قادر على اعطاء جواب على سؤال ما الذي يفهمه كل واحد من المشاركين في الاستطلاعات من هذين الاصطلاحين. إذ كما رأينا في بلادنا، فان اشتراكيا نقيا ومعروفا ايضا كعمير بيرتس كاد ينضم الى كديما لو لم يسبقه ايهود باراك فينسحب من حزب العمل. ومن جهة اخرى فان رأسماليا معروفا مثل نتنياهو يقف بتصميم غير مميز الى جانب تقرير ششنسكي.هكذا بالفعل، الكلمات، حتى تلك ذات الحجم التاريخي كالرأسمالية والاشتراكية ليست مسلما بها. الاستنتاج الطبيعي واضح جدا وهو يتشكل من فرائض إعمل وفرائض لا تعمل. "لا تعمل لكَ صنما وقناعا"، بمعنى لا تقف خلف رمز، مفهوم او شعار. لا من اليمين ولا من اليسار. الواقع معقد وحساس اكثر من أن نتركه لتقلبات الشعارات في الصحف، في الاكاديميا او في الكنيست.ماذا يمكن للمرء أن يعمل إذن؟ ان يدفع الامور الى الامام بشكل موضوعي. إذ ان هذا ما يجري في الولايات المتحدة. استقرارها البنيوي ينسجم بشكل عام مع الانشغال بالشؤون التي تتجاوز الاحزاب. عندنا بعيد جدا بناء ساحة سياسية من قطبين مستقرة ومرتبة. ومشكوك فيه ان يحصل هذا في أي وقت من الاوقات. وعليه فان ما يمكن للامريكيين أن يعملوه على أساس سياسي مستقر، لا مفر للاسرائيليين من العمل في اطار سياسي متحرك. ولكن المهمة هي ذات المهمة: من المعارضة أم من الائتلاف، الحديث بموضوعية. ليس حسب الشعارات وبالتأكيد ليس حسب الاهواء الشخصية.