وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن يفاجيء ولا يبدو أنه قصد فقط شق كتلة العمل، الذي أزال التهديد السياسي عن حكومته. الآن، عندما عاد الائتلاف الى الاستقرار، ينبغي لنتنياهو ان يعالج المخاطر من الخارج – وعلى رأسها الضغط الدولي المتعاظم على اسرائيل. منذ أن رد اقتراح الرئيس الامريكي براك اوباما لتجميد الاستيطان تسعين يوما تجري فيها مفاوضات مكثفة على الحدود المستقبلية بين اسرائيل وفلسطين، يُعرض نتنياهو في العالم كرافض للسلام. خصمه، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يجمع الدول التي تعترف بالاستقلال الفلسطيني ويشرح بأن اسرائيل وحدها تعرقل تحققه. عباس قال في نهاية الاسبوع ان الدولة الفلسطينية ستقوم فقط بالاتفاق مع اسرائيل وليس في خطوة من جانب واحد، وهدد بأنه اذا لم يتحقق الاتفاق، فستندلع انتفاضة جديدة في ايلول. نتنياهو يحتاج الى خطوة مضادة، تنفض عنه عباس، تعرض اسرائيل كمحبة للسلام، واذا كان ممكنا – تُري بأن الفلسطينيين الرافضين فوتوا مرة اخرى الفرصة للتسوية. ولكن نتنياهو مقيد في قدرته على اقتراح حلول وسط وانسحابات في الضفة الغربية. كل تنازل اقليمي من جانبه، وحتى الاقتراح النظري بمثل هذا التنازل، من شأنه ان يكلفه انحلال الائتلاف الذي لتوه فقط نجح في استقراره. ما العمل؟. حل محتمل يكمن في الفكرة التي طرحها في الماضي معهد البحوث "رؤوت": اسرائيل ترفع مستوى السلطة الفلسطينية القائمة وتعترف بها كدولة مستقلة في الحدود القائمة. الدولة التي ستقوم في جيوب المدن الفلسطينية تجري مفاوضات مع اسرائيل على اراضي الضفة المتبقية وعلى جملة مسائل التسوية الدائمة. هذه الفكرة تنص عليها المرحلة الثانية من خريطة الطريق والتي دعت الى اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة. يؤيد هذه الفكرة ضمن آخرين اعضاء السباعية، موشيه بوغي يعلون وافيغدور ليبرمان. نتنياهو هو الآخر ألمح بتأييده، في حديثه عن تأييده المبدئي لدولة فلسطينية. وحسب نهج المؤيدين، فان رفع مستوى السلطة الى دولة سيصفي دفعة واحدة كل تهديدات الفلسطينيين على اسرائيل: التهديد الديمغرافي، التهديد بانهيار السلطة وفرض عبء الاحتلال على اسرائيل، والتهديد بدولة ثنائية القومية (حل الدولة الواحدة). وسيكون للفلسطينيين دولة، وسيكون لمواطنيها حق الانتخاب خارج اسرائيل. التهديد الديمغرافي ذهب. وكلما اعترف مزيد من الدول بفلسطين، هكذا تتآكل التهديدات بانهيار السلطة وامتزاجها باسرائيل. ربما لهذا السبب لا تعارض اسرائيل تماما موجة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وتكتفي باحتجاجات هزيلة للبروتوكول. زعماء اليمين ونتنياهو على رأسهم يعارضون كل انسحاب أو تنازل اقليمي، حتى عن ملليمتر واحد، الى أن يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة الشعب اليهودي ويعلنوا عن نهاية النزاع وانتهاء المطالب. خطة ليبرمان للتسوية الانتقالية تحاول ان تصب مضمونا في هذه الفكرة. عباس عارض في الماضي دولة في حدود مؤقتة، وبالاحرى سيتمسك بمعارضته ايضا حين سيأتي الاقتراح من نتنياهو. اذا غيّر رأيه ووافق، ستظهر اسرائيل في صورة جيدة. واذا رفض، فان الاعلام الاسرائيلي سيحتفل: مرة اخرى اقترحنا دولة، وهم لم يرغبوا فيها. هذا هو الوضع الأفضل لنتنياهو، حين يوجد الفلسطينيون من جديد في الجانب الرافض – دون ان تدفع اسرائيل الثمن بالاراضي أو بتفكيك المستوطنات. وذلك الى أن يعثر عباس على حيلة الاعلام المضادة. أو تندلع الانتفاضة مرة اخرى في نهاية الصيف، حين تتبدد التوقعات بالتسوية الدائمة وبالاستقلال الفلسطيني.