خبر : "موجة العنصرية": حان الوقت لايضاح ماذا نريد/بقلم: أمونه ألون/اسرائيل اليوم 20/1/2011

الخميس 20 يناير 2011 11:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
"موجة العنصرية": حان الوقت لايضاح ماذا نريد/بقلم: أمونه ألون/اسرائيل اليوم 20/1/2011



يوجد شيء ما ايجابي جدا في الجدل الشديد الذي يجترف الآن المجتمع الاسرائيلي، حول مسألة اذا كانت "موجة من العنصرية" تجتاح الآن المجتمع الاسرائيلي. بعد 35 سنة من تمزيق سفير اسرائيل في الامم المتحدة، حاييم هرتسوغ، أمام ناظر كل العالم الورقة التي طُبع عليها قرار الامم المتحدة القاضي بأن "الصهيونية عنصرية"، وبعد 9 سنوات من قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة التراجع عن هذا القرار والاعلان بأن الصهيونية ليست عنصرية، يتبين بأنه لعلنا على ما يكفي من النضج والحصانة كي نفحص العلاقة بين "الصهيونية" و"العنصرية" بأنفسنا، وأن نُعرّف بوعي وشجاعة علاقاتنا مع العرب التي بين ظهرانيهم نحن نسكن. على مدى سنوات عديدة كبتنا مسائل قاسية، تنشأ عن شذوذ الشعب اليهودي في أسرة الشعوب. عرفنا بأنه في اماكن اخرى لا يوجد شيء كهذا أن شعبا منتشرا ومفصولا يتجمع فجأة  من اربع أطراف المعمورة و"يعود" الى البلاد التي سُبي منها قبل ألفي سنة. عرفنا انه لا يوجد شيء كهذا أن ذات الشعب يحتل لنفسه أجزاء من البلاد التي يدعي انه "عاد" اليها، ويقيم فيها دولة لنفسه. وعرفنا، جيدا جدا، ان لا يوجد شيء كهذا يُدعى "دولة المسيحيين" أو "دولة المسلمين" وكم مدحوضة تبدو فكرة تأسيس ما يُسمى "دولة اليهود"، بل وفي قلب الشرق الاوسط. ومع ذلك فضلنا ايجاد دولة عادية بدلا من مواجهة آثار تميزنا القومي. من الصعب على الشعب أن يستوضح جوهر وجوده الشاذ والمختلف، في ظل حرب ضروس ولا تنقطع في سبيل مجرد هذا الوجود. ولما كنا على مدى سنوات عديدة منشغلين ببقائنا ولم نتفرغ لنشرح للعالم – وقبل كل شيء لأنفسنا - بأن الصهيونية ليست عنصرية، ولكنها مخصصة فقط لليهود، وأنه على المستوى الشخصي يستحق كل عربي الاحترام والتقدير، ولكن على المستوى القومي ببساطة لا يزال غير ممكنا، مع كل النية الطيبة، الإحلال على الديمقراطية الاسرائيلية مقاييس المساواة الواردة في العالم المتنور. على مدى سنوات عديدة تمسك كثير منا بتبريرات اخلاقية متحطمة لوجودنا في البلاد، ولا سيما حجة أن الكارثة هي التي منحتنا الحق في المجيء والاستيطان فجأة في السهل الساحلي وفي الجليل وفي النقب. العرب لم يشتروا أبدا هذه الحجة، وعن حق، وذلك لانه ما لهم وجرائم النازيين ولماذا ينبغي لليهود أن يُعيدوا بناء أنفسهم بالذات على حسابهم؟ ولكن المجتمع الاسرائيلي واصل الاعتماد على الأحداث التاريخية، رغم أنف العرب، واستخدامها لشرح طرد عرب يافا، عكا بل وفي حرب الاستقلال، ورفضه الاعتراف بـ "حق العودة" لهؤلاء المطرودين الى نطاق دولة اليهود. حرب الوجود، التي تعيشها اسرائيل منذ بداية عودة صهيون في الزمن الجديد، منعتنا حتى اليوم من التوقف والاستيضاح لانفسنا لماذا حقا عدنا الى صهيون وما الذي حقا يبرر الدولة اليهودية هذه، التي حلمنا وحلمنا بها، واذا بنا نراها واقعا. الجدال حول "موجة العنصرية" التي هي عمليا جدال على حقنا في وجود دولة يهودية في بلاد اسرائيل يثور الآن لانه يخيل ان دولة اسرائيل تتمتع، هذه الايام، بنوع من المهلة الزمنية في هذه الحرب.  ولكن في حقيقة الامر لا يوجد هنا أي مهلة. العرب – في بلاد اسرائيل وفي الشرق الاوسط بأسره – لم يتوقفوا عن محاولاتهم تصفيتنا بل انتقلوا فقط، في الفترة الاخيرة، الى التشديد على تكتيكات تصفية ذكية ومتطورة. من جهة يواصلون اطلاق الصواريخ اليومية على اراضينا السيادية ويهددون بالتصفية الجسدية "العادية" من خلال الحروب والارهاب – ومن جهة اخرى، جهة لم يُقم فيها المجتمع الاسرائيلي على طوله تحصينات مناسبة، يحاولون تصفية الدولة اليهودية، سواء من خلال السيطرة عليها من الداخل أم من خلال خلق تشكيك دولي بحقها في الوجود. الحجة، وكأن الدفاع عن الاغلبية اليهودية في اسرائيل – التي ليست سوى أقلية زهيدة في الشرق الاوسط – هو فعل "عنصري"، تبدو، على خلفية المحاولات غير المنقطعة لتصفية اسرائيل، اشكالية جدا. الاحاديث عن "موجة عنصرية" في داخلنا من شأنها ان تفرح أعداءنا وتسود صورتنا الدولية. وعلى الرغم من ذلك، فان مجرد الجدال في طبيعة الصهيونية هو جيد وجدير وضروري. ولعلنا نخرج منه أكثر وضوحا، أكثر فهما ما الذي نفعله في هذه البلاد، ومستعدين أكثر للتصدي لكل ما لا يزال ينتظرنا في المسيرة المركبة والمعقدة هذه التي لا يوجد بعد، في العالم، شعب اختبر أي شيء مشابه لها.