خبر : أضرّ من ليبرمان وأخطر من نتنياهو/بقلم: جدعون ليفي /هآرتس 18/1/2011

الثلاثاء 18 يناير 2011 01:38 م / بتوقيت القدس +2GMT
أضرّ من ليبرمان وأخطر من نتنياهو/بقلم: جدعون ليفي /هآرتس  18/1/2011



يجلس في وزارة دفاع دولة اسرائيل من يعرقل على نشاطها. فهو يعمل في السر، ويحتال ويضرب في اللحظة غير المتوقعة، ويُضر بسكان مدنيين عاجزين ولا يخشى شيئا. لقد دخل اليسار الاسرائيلي مثل فيروس الدودة قبل 15 سنة وبدأ الفتك به من الداخل. أين الاستخبارات عندما يُحتاج اليها حقا؟ وأين القسم اليهودي في "الشباك"؟. أمس تم إتمام عمله: فقد جعل دولة اسرائيل رسميا هي الدولة الوحيدة في الغرب باستثناء الولايات المتحدة، من غير حزب عمال ومن غير حزب اشتراكي ديمقراطي ومن غير يسار. لا يوجد شيء كهذا في اوروبا التي نشتاق جدا الى ان نشبهها. أصبحنا الآن أكثر شبها بالعالم الثالث الذي نريد ألا نشبهه كثيرا أي دولة مع حزب ونصف تقريبا. قولوا منذ الآن: في اسرائيل (تقريبا) يمين قومي فقط ذو أسماء مختلفة عجيبة. فثم الليكود وكديما وشاس و"اسرائيل بيتنا" والاتحاد الوطني والبيت اليهودي، وزيد عليها أمس حزب "الاستقلال". عرّفه أحد عقائدييه الكبار وهو شالوم سمحون بأنه يقع بين الليكود وكديما. أهو عن يمين كديما اليميني، ويل للآذان التي تسمع هذا. إن عمل التخريب الذي بدأه اهود باراك في مؤتمر كامب ديفيد، بلغ أمس ذروته في مؤتمر الكنيست. لم يبق شيء. يجلس في وزارة دفاع دولة اسرائيل ايضا رجل مُفسد فاسد: فأمس أنزل السياسة الاسرائيلية غير الشمّاء على نحو عام، الى احدى دركاتها. ماذا سيقول للجنود في مراسم أداء اليمين القادمة؟ وماذا سيقول للآباء الثاكلين؟ أيقول انه يجوز بيع كل شيء مقابل مكان عمل؟ ونحن نسأل والجميع ما يزالون يُثنون على "مواهبه الأمنية": أي جيش سيكون لنا اذا كان هذا قائده؟ وماذا سيكون عندنا من اخلاقيات الحرب اذا كانت اخلاقيته الشخصية في زمن السلم على هذا النحو فهو ساخر وأناني طماع؟. أضرّ من افيغدور ليبرمان وأخطر من بنيامين نتنياهو، عرّف أمس باراك افيشاي برفرمان بأنه "بعد حداثي" وبنيامين بن اليعيزر بأنه "بعد صهيوني" – ولم يعلما أنهما كذلك. وبهذا عدل بالخريطة السياسية أكثر نحو اليمين، أكثر من اليمين نفسه. اذا كان الباقون من العمل "يسارا متطرفا"، فما الذي بقي عن يسارهم؟ وقد جلس مثل رفائيل ايتان الاول ورفائيل ايتان الثاني في المؤتمر الصحفي محاطا بأقزام حائرين جوف جروا هنا وهناك. وكان مبتسما ينطف رضى عن الذات وكأنما يقول: "هل ترون كيف أريت الجميع"؛ وتظاهر بأنه يصغي لتأملات سمحون واخلاقيات عنات وِلف ولم يكن يصعب تخمين مقدار ما يشعر به من احتقار لهما في قلبه كما يحتقر كل واحد الآخر. لم تُخرج أحداث أمس الجماهير الى الشوارع ولم تُدخلهم بيوتهم ايضا لملازمة التلفاز. إن حقيقة ان الرفاهة ستضطر الى ترتيب امورها منذ الآن من غير بوجي والصناعة من غير فؤاد والعرب من غير برفرمان؛ وأن نوريت نوكيد ستصبح وزيرة ووِلف نائبتها وأن سمحون ايضا تقدم في حياته – كل هذا أثار تثاؤبا كبيرا. فاليأس كبير جدا من السياسة. ولم ينطق سوى عدد من المحللين السياسيين متأثرين بمؤامرة أكبر المتآمرين عندنا. اجل، ما زلنا لم ننضج، وما زلنا نناصر أعمال الظلام – بيد أن عمل أمس لم يزرع سوى الدمار. وقد تأثر المحللون ايضا بـ "إحكام" باراك، وسارع هو نفسه بتواضعه الى مقارنة نفسه بدافيد بن غوريون واريئيل شارون وشمعون بيرس، ناسيا لسبب ما موشيه ديان – ممن فعلوا هذا قبله. وهكذا أخذ يتضاءل الجيل: إن بن غوريون قد اعتزل للكشف عن الحقيقة (حقيقته)؛ وديان كي يصنع السلام مع مصر؛ وشارون لاخلاء غزة؛ وبيرس وباراك وحدهما اعتزلا لانقاذ مكان عملهما فقط. إن اعتزال باراك أمس بدا مثل تقليد صيني رخيص سخيف. ما يزال البيت في شارع اليركون 110 على حاله. إن كلمة بيت مبالغ فيها شيئا ما لوصف الخِربة، وهي هيكل عارٍ لمبنى يرفض أن يُهدَم. بين هذه الجدران، في مركز حزب العمل السابق، قضيت عدة سنين من سنيّ الجميلة والعاصفة والآسِرة. عندما وعدوا ذات مرة بأن يُهدم البيت قريبا أسرعت الى هناك لاثارة الذكريات. كان أمس ما زال يقف على حاله عندما وطئته جرافة باراك نهائيا.