انها الحركة التي انشأت دولة اسرائيل. حركة امتازت بالعمل وبالمثاليات ايضا. حركة السيف والكتاب. والروح والجندي. الحركة التي قادت نضال استقلال اسرائيل تنهي حياتها مع اسم "الاستقلال". كان هذا ذات مرة واقعا وأصبح اليوم شتيمة ووقاحة. ليُسمح لي الاعتراف بأنني صوت لحزب العمل جزءا كبيرا من حياتي في النضج. كان ذلك تأليفا بين توجه صهيوني واعتراف بالواقع الدولي، والاستعداد للمصالحة، مع دعاوى العدل الاجتماعي ومجتمع أكثر مساواة شيئا ما، مع الاعتراف بحقوق الانسان دون فرق ديانة وجنس ولون. بيد انه لم تكن حاجة الى ازمة أمس لنعلم أن هذا الحزب قد لفظ أنفاسه. وبقيت الخطابة فقط. قرأنا منشور اعتزال "حزب الاستقلال" برئاسة اهود باراك. يوقع 80 في المائة من الجمهور على 80 في المائة مما ورد هناك. "بازاء جو الفساد والانحلال... يأتي اصرارنا خاصة على السلوك بحسب القواعد". ويوجد ايضا: "أراد بعض اعضاء الكتلة الحزبية رؤية حزب العمل حزب يسار موجودا في بيئة ميرتس... آمنا أن مستقبل حزب العمل يكمن في العودة الى مصادر المباي والرسمية البن غوريونية في مركز الخريطة السياسية". لنعترف ان اسرائيليين كثيرين أملوا هذا الحزب طول حياتهم. بقيت مشكلة واحدة فقط. وهي انه لا توجد أي صلة بين الحزب والخطابة المدهشة. ويتابعون قائلين: "لم نقبل ايضا جلد الذات ممن رأوا دولة اسرائيل هي المسؤولة وحدها عن عدم مسيرة سياسية. بالعكس اعتقدنا ان انذار بعض اعضاء حزب العمل في شأن المسيرة أحدث عند الفلسطينيين وهم ان الحكومة قد تسقط قريبا وانه يفضل انتظار حكومة أسهل". كل كلمة في صخرة. كان يجب ان يكون هذا هو حزب العمل. كان في ذروة قوته في الايام التي كان فيها حزب مركز صهيونيا. حزبا "يهوديا ديمقراطيا" قبل ان توجد هاتان الكلمتان. حزبا متجها الى السلام لكن بغير كراهية الذات واتهامها. بيد انه يوجد واقع يُزاد على الكلمات ايضا. إن الحزب الجديد ومن يرأسه هما خطيئة تهاوي اليسار الصهيوني كلها. ولا نعني فقط ان اهود باراك عندما كان رئيس حكومة أصبح أكبر البنائين للمستوطنات. حدث الامر قبل أقل من عشر سنين. إن باراك هو ايضا الشخص الذي شارك في أخطر المسارات على مستقبل دولة اسرائيل، فلا يتحدثن باسم الرسمية. إلا هذا. فهو شريك في كل قانون يجعل دولة اسرائيل أكثر حريدية. وهو شريك في كل نزوة لزيادة ميزانيات معسكر المتهربين من الخدمة. وقد أيد كل مبادرة دهورت دولة اسرائيل. وقد أصبح حزب العمل برئاسته وباشرافه ملصقا بميرتس. فاذا لم يكن يوجد اليوم معسكر صهيوني مركزي (سموه ذات مرة يسارا صهيونيا) فلأن هذا الحزب أصبح مسخا. فالصوت صوت ميرتس واليدان يدا الليكود. فهو يقاوم التهرب من الخدمة العسكرية ويموله ايضا. ويؤيد تهويدا أكثر حرية ويؤيد كل تطرف حريدي ايضا. أُتيحت بعد الانتخابات فرصة تاريخية لانشاء ائتلاف صهيوني ورسمي. وهو بالضبط ما ظهر في منشور الحزب الجديد. لكن باراك ورفاقه فضلوا تأييد ائتلاف يميني – حريدي ليحظوا بحقيبة وزارية اخرى ونصف حقيبة في الحكومة. وكان تأثيرهم صفرا. صحيح ان الفلسطينيين مذنبون أكثر من اسرائيل بالجمود ألف مرة. وصحيح أن أبا مازن يرفض استمرار المحادثات لا نتنياهو. لكن هذه الحكومة التي يشارك فيها باراك تخلت عن انجازات تاريخية كي تمتنع عن تجميد لا معنى له مدة ثلاثة اشهر. في هذا الشأن حيث كانت المصلحة الاسرائيلية ظاهرة شفافة الى هذا الحد، لم ينجح حزب العمل في التأثير. فلا تبلبلوا عقولنا من فضلكم بالحديث عن المصلحة الوطنية. هذا يوم محزن لان الخطابة السياسية لم تكن قط بعيدة الى هذا الحد عن الفعل السياسي الحقيقي. قد تعودنا هذه الفروق بين البرنامج الحزبي وتحقيقه، وبين الوعود والافعال. لكن باراك جاء وحطم جميع الارقام القياسية. تحتاج دولة اسرائيل الى مباي الذي كان ذات مرة. حزب رؤيا، ومثاليات وفعل، حزب أخطأ اخطاءا لكنه قام بمعجزات وأعاجيب ايضا. تحطم مباي الذي كان ذات مرة أمس الى شظايا كثيرة جدا. ليس الحزب هو الذي خسر ولا الحركة. الخسارة كلها مسجلة باسم دولة اسرائيل.