خبر : الخطر الحقيقي / بقلم: موشيه (بوغي) يعلون/ معاريف 17/1/2011‏

الإثنين 17 يناير 2011 12:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
الخطر الحقيقي / بقلم: موشيه (بوغي) يعلون/ معاريف  17/1/2011‏



بعد وقت قصير من بدء ولايته كرئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي، حصل تعبير ‏‏"فوارق اجتماعية" على معنى حقيقي. من ناحيتي لم يكن هذا مجرد عنوان آخر في الصفحات الاقتصادية او ‏حالات موضعية وجهتها اليّ ضابطة الشؤون الاجتماعية في الوحدة. النبأ في أن هناك جنود شبان يصلون في ‏سيارات فاخرة الى قاعدة وزارة الدفاع في تل أبيب، بينما رفاقهم في الوحدة يعودون الى بيوتهم ليجدوا ‏ثلاجات فارغة، قضت مضاجعي حتى في السنوات التالية لذلك، وأكدت عندي أكثر فأكثر اهمية تقليص ‏هذه الفوارق كتحدِ وطني – اجتماعي من الدرجة الاولى.‏ في العصر الذي أخذت فيه الطبقة الوسطى تتقلص في صالح الثرى الفاحش او الفقر المدقع، علينا ‏أن نفهم باننا اذا لم نعالج المشكلة، فبعد عقد من الزمان، بل ربما أقل من شأننا ان نجد أنفسنا في شرخ ‏اجتماعي كبير يهدد استمرار ازدهار الدولة. قضيت معظم حياتي الراشدة في البزة العسكرية والانشغال ‏بالامن ليس غريبا عني، ولكن لا شك في قلبي بان تلك الفوارق وانعدام العدالة الاجتماعية تعرض للخطر ‏أكثر بكثير وجود اسرائيل من مجرد شاحنة اخرى محملة بالصواريخ تشق طريقها من دمشق الى بيروت. ‏ اقتصاد السوق الحرة اثبتت نفسها امام كل النظريات الاقتصادية الاخرى، ولكن ذات الاقتصاد ‏يستدعي ايضا حساسية اجتماعية، بالتأكيد محظور أن تسمح باستغلال العمال لدرجة ان يصبحوا فقراء. ثمة ‏حالات لا حصر لها نتعرض فيها لضرر شديد بالعمال وبحقوقهم، سواء في معاملتهم، الاستخفاف ‏باحتياجاتهم الانسانية وبشروطهم الاجتماعية، دفع رواتب مخجلة ومحاولة منعهم من الاتحاد في سبيل ‏الكفاح في امور اساسية هم جديرون بها، بفضل كونهم، قبل كل شيء وفوق كل شيء، بشر معنيون باعالة ‏عائلاتهم. ‏ غير قليل من المحافل في السوق الحرة تنسى احيانا بانه خلف السروال الازرق على خط الانتاج او ‏البزة من وراء الصندوق يوجد بشر. كل هدفهم هو نيل الرزق بكرامة، واحيانا، لشدة الاسف لا تكون ‏الامور على هذا النحو. معاملة مخجلة مع اولئك العمال والعاملات من القطاعات الاكثر ضعفا في المجتمع ‏تجعل حياتهم لا تطاق، وتثبط مشاعرهم تجاه الدولة.‏ لشدة الاسف اضطر المشرع، من خلال نشاط مبارك لنواب ووزراء، القيام بالعمل من أجل ‏اولئك الاشخاص. علينا أن نواصل الحرص والوقوف على أهبة الاستعداد دفاعا عن العمال من القطاعات ‏الضعيفة ممن يعانون ليس فقط من أجر زهيد، بل وايضا من معاملة مهينة، والحرص على التقديم للمحاسبة ‏ارباب العمل الذين لا يحرصون على معاملة نزيهة لهم. الرد الفوري على اوضاع من هذا النوع تجاه ارباب ‏العمل الاستغلاليين يجب أن يكون قاسيا ولا هوادة فيه، ليس فقط من اجل الردع بل ايضا لان دولة محبة ‏للحياة لا يمكنها أن تسمح لنفسها بمعاملة كهذه لمواطنيها. يخيل ان آية "لا تستغل أجيرا فقيرا يسكن في ‏بلادك"، تلخص ذلك بالشكل الافضل. ‏ شخص تربى في عائلة فقيرة او تعرض لمعاملة تشغيلية مهينة تجاه المقربين منه يشعر بنفسه مغتربا عن ‏الدولة والمجتمع. الاحساس بالجور سيرافقه على مدى حياته وقد ينعزل ويبتعد عن كل محاولة للمساهمة ‏للعموم والتجند من أجلنا. في اثناء حياتي التقيت بغير قليل من المواطنين ذوي الطاقات الكامنة الكبيرة ‏والرغبة الصادقة في المساهمة في المجتمع ممن ببساطة يئسوا. ‏ دولة اسرائيل هي خليط واسع من الفئات السكانية والقطاعات. وهذا هو تميزها. ولكن في هذا ‏الهامش توجد قطاعات بعيدة في الخلف في كل ما يتعلق بالقدرة على نيل الرزق بكرامة. واجبنا هو ان نمنع ‏ثبات هذا الوضع، والحرص على ان تتقلص هذه الفوارق الاجتماعية وتدفع بفئات سكانية كاملة الى دائرة ‏التشغيل لتحصل هي ايضا ليس فقط على الرزق بل وعلى الاحساس بالتعاون والانتماء. ‏