خبر : من يخاف تونس / بقلم: ميراف ميخائيلي/ هآرتس 17/1/2011‏

الإثنين 17 يناير 2011 12:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
من يخاف تونس / بقلم: ميراف ميخائيلي/ هآرتس 17/1/2011‏



تناول رئيس الوزراء اليوم الثورة الشعبية في تونس بصفتها نموذجا عن "انعدام الاستقرار في ‏منطقتنا". بينما زعماء الغرب (والجامعة العربية!) يرحبون بالانجاز الهائل الذي في الصراع من اجل الحرية ‏وفي القضاء على حاكم طاغية – فان نتنياهو لا يرى الانجاز الذي في الاحتجاج المدني. فهو يريد فقط ‏‏"استعادة الاستقرار"، مع حرية أو بدونها.‏ أم لعله هو بالذات يرى ذلك وبالتالي لم يقل شيئا. د. دانييل زيسنوين من جامعة تل ابيب، الخبير ‏في الشؤون التونسية، شرح في مقابلة صحفية بأن ليست المعارضة هي التي أسقطت الرئيس: "فهذه شظايا ‏احزاب، وقد كانت في مواقع جد ضعيفة... بل وأساسا كانت منشغلة بالصراعات بينها وبين نفسها". ‏أيبدو معروفا؟ القوي، كما يقول، هم "الاتحادات المهنية والمنظمات العامة غير الحكومية. فقد استيقظت ‏ولعلها توقظ أكثر قليلا الحياة العامة في الدولة". لعل هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو يُسند ليبرمان في ‏موقفه من منظمات حقوق الانسان. فهو خا – ئف.‏ منظمات المجتمع المدني في اسرائيل جمعت مع السنين قوة شديدة. ليس فقط تلك المسماة "منظمات ‏اليسار"، بل وايضا المنظمات العاملة في مجالات مثل الفقر، العنف ضد النساء والاطفال، حقوق العمال ‏وغيرها. وكلها نشأت كي تعطي جوابا في مجالات تركتها الدولة سائبة. الدولة، من جهتها، فرحة من ‏سحب يدها من كل مجال يوجد أحد ما مستعد لأن يعالج فيه المشاكل بدلا منها. الاهمال كبير لدرجة ان ‏القطاع الثالث في اسرائيل هو بين الأكبر في العالم: وبصفته هذه فانه صاحب قوة لا بأس بها.‏ الآن يأتي الجلد المضاد. الكنيست والحكومة اكتشفتا فجأة قوة المنظمات وهما تريدان استعادة ‏القوة الى أيديهما. وبالتالي جاءت الحرب. وهي تُدار في هذه اللحظة ضد المنظمات الـ "سياسية"، ولكن ‏توقعوا محاولة السيطرة ايضا على منظمات الرفاه، وذلك لانها هي ايضا سياسية. هي ايضا تحرص على ‏حقوق الانسان، حتى وإن كان الحديث يدور عن النساء، الشبيبة، الاثيوبيين أو الفقراء.‏ غير انه في هذه الحرب تختار الحكومة والكنيست تجاهل اسباب تعاظم المنظمات. يمكن الشكوى ‏من المال الاجنبي، ولكن ليس هذا هو مصدر قوتها. مصدر قوتها هو القصور، الفراغ والسياسة الاجرامية ‏لحكومات اسرائيل في الاربعين سنة الاخيرة. مصدر قوتها هو حكومة تخون واجبها في الحرص على عموم ‏سكانها وانهاء الاحتلال، وكنيست تعززها بدلا من ان تضعها في مكانها. ولما كان هذا هو الحال، فان ‏الحرب لن تجديهما نفعا. نشاط المنظمات ينبع من التزام عميق ومن احتياجات ملموسة ووجودية؛ ولان ‏الحكومة تُهمل فقط مواطنيها أكثر فأكثر، فان هذه المنظمات لا توشك على الاختفاء.‏ لشدة الأسف، فان المنظمات تعمل ايضا كصمام لتنفيس الضغط. البروفيسور يغيل ليفي شرح ‏يقول ("منظمات حفظ الاحتلال"، "هآرتس"، 11/1) ان نتاجا ثانويا لنشاط "منظمات اليسار" هو حفظ ‏الاحتلال. بذات الشكل، فان منظمات مثل "لتيت"، "عليم"، "بسخوت" وغيرها تسمح للحكومة بمواصلة ‏التخلي عن مسؤولياتها تجاه المواطنين. وحسب د. زيسنوين، فانه مسؤول عن الثورة في تونس "سكان ‏مثقفون، مؤيدون للغرب، ارتبط بهم خليط من الضائقة الاقتصادية، الفساد الذي كان على أي حال ‏معروفا، اليد الحديدية التي استخدمها (الرئيس بن علي) وغيرها. لو كان بن علي طلب نصيحتي من قبل ‏لكنت قلت له ان يرخي اللجام قليلا وان يعطي مزيدا من الحرية لوسائل الاعلام وللانترنت".‏ هيا نأمل بأن تكون النوايا الشريرة لنتنياهو وليبرمان في تقليص حرية الفرد وحقوق المواطن في ‏اسرائيل ستؤدي الى نتيجة معاكسة. ربما، اذا لم تسمح للضغط بأن يتحرر، فستقع هنا أخيرا الثورة ‏المطلوبة.‏