ما هو القاسم المشترك بين السعودية، افغانستان، العراق، مولدافيا وارتيريا. فيها جميعها يوجد حظر على منظمات اجتماعية او سياسية تلقي تمويل من مصادر اجنبية. في كل روسيا، مصر، الاردن، الجزائر، سوريا والسودان توجد حاجة للحصول على إذن حكومي مسبق لمنظمة اجتماعية كي تتلقى تبرعا من مصدر خارج الدولة. في دول الصين، بيرو وتركمانستان، توجد بالمقابل، حاجة الى رخصة خاصة تصدرها الحكومة من أجل تلقي تبرعات أجنبية. في مراجعة لقائمة الدول هذه يجد المرء نفسه غير قادر على أن يمتنع عن الاستنتاج بان الحديث يدور عن نادي دول ليست مؤتمنة على الحفاظ على حقوق الانسان، المواطن ومبادىء الديمقراطية. الضرر الذي تلحقه هذه الدول بمنظمات المجتمع المدني من خلال الرقابة والتقليص لمصادر تمويلها، يشكل جزءا من الحكم غير الديمقراطي الذي يحاول تقليص حرية عمل منظمات مدنية لا تتوافق اعمالها مع سياسة الحكومة. في تقارير الامم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية وصفت هذه الدول بانها تمس بالقانون الدولي الذي يحمي حرية التنظيم لمنظمات المجتمع المدني وتضر بمبادىء الديمقراطية في ظل الفهم بان هذه المنظمات تشكل حجر الاساس للمجتمع الديمقراطي. مؤخرا يبدو أن دولة اسرائيل تتخذ خطوات تقربها من الانضمام الى هذا النادي المهزوز، حين ينضم القرار باقامة لجنة تحقيق في مصادر تمويل منظمات حقوق الانسان اى مشروع القانون الذي يلزم بنشر خاص للتبرعات من هيئات اجنبية لمنظمات المجتمع المدني. المذهب الفكري الذي يرى في منظمات المجتمع المدني، بما فيها منظمات حقوق الانسان محافل خطيرة، ويحاول تقليص بل ومنع مصادر تمويلها من العالم، هو مذهب غير ديمقراطي على نحو ظاهر، تتميز به دول تسعى الى منع نشاطات مدنية لا تنسجم وفكر السلطة.عمليا، المطالبة في اسرائيل بالتحقيق مع منظمات حقوق الانسان هي احبولة متزلفة للجمهور على نحو متطرف وليست رغبة حقيقية في اكتشاف مصادر تمويل المنظمات، وذلك لانه على أي حال منذ اليوم ينطبق على الجمعيات واجب قانوني بالتبليغ عن كل تبرع يزيد عن 20 الف شيكل تتلقاه من أي مصدر كان، سواء كان خاصا، حكوميا، من البلاد او من خارجها، وكل شكوى تفحص بعمق من جانب مسجل الجمعيات. ظاهرا، اذا كان التطلع هو نحو شفافية تمويل المجتمع المدني، فكل ما كان ينبغي عمله هو فرض مناسب وأكثر تشددا للقانون القائم. فضلا عن ان هذا مطلب غير ديمقراطي ولا حاجة او منعة منه، فعمليا تعاني هذه المطالبة بازدواجية أخلاقية شديدة. فعلى مدى سنوات وجود دولة اسرائيل بنيت الدولة من أموال وتبرعات من الخارج، واليوم ايضا يتم التبرع بعشرات مليارات الشواكل كل سنة من متبرعين من خارج البلاد لمنظمات اسرائيلية. الى جانب منظمات حقوق الانسان، تتمتع معظم مؤسسات التعليم العالي، منظمات الصحة، العلم، البحث والثقافة، في كل أطراف الطيف الاجتماعي والسياسي بتبرعات سخية تساهم في نشاطها. فهل بمطالبتها الاخيرة تسعى دولة اسرائيل الى الاضرار بهذا الوضع؟ هل اضافة الى العزلة الدولية المتزايدة تسعى اسرائيل الى الانقطاع حتى عمن يريد التبرع لها ومساعدتها؟لا ريب انه اذا كان هذا هو السبيل الذي تختار اسرائيل العمل به الان، فانه سيكون ممكنا اعداد كرسي اضافي، وان كان منعزلا، لها في النادي غير الديمقراطي.