سلام، إسمي ايلانيت وأنا يسارية. أنا يسارية في دولة أصبح كونك يساريا فيها في هذه الايام معادلا لأن تكون خائنا في اسوأ الحالات أو مزعجا لطيف النفس في أفضلها. أنا يسارية في دولة يطرح فيها وزير الخارجية اقتراحا، بل انه بُحث في جدية، أن تنشأ لجان تحقيق مع منظمات يسارية. أنا يسارية في دولة يدخل فيها جنود الجيش الاسرائيلي بيت فلسطيني، فيقتلون والد العائلة ابن السادسة والستين وهو نائم في سريره ثم يقولون "المعذرة، هذا خطأ"، ولا يعتقد أحد أن هذا مجنون ولا يحتج أحد. أنا يسارية في دولة صار الاعتراف بأنك يساري فيها يزداد هولا من يوم الى يوم. أنا يسارية في دولة يجري عليها يوما بعد آخر زيادة تطرف في القومية وكراهية كل من لا يفكر تفكيرك، وعدم تسامح سكانها. أنا يسارية في دولة أصبح أن تكون يساريا فيها غير شرعي ومن يعلم، ربما لا يصبح قانونيا في القريب. كلا، لست كارهة لاسرائيل. ولست أرى جانبا واحدا من الصراع فقط ولا اعتقد انهم "الأخيار" وأننا "الأشرار". وكلا لست حسنة النفس (برغم أنني لا أعلم لماذا أصبحت عبارة "جميل النفس" تعبير معابة عندنا)، وأعلم انه تحدث احيانا في الحرب اشياء فظيعة لا مناص منها. أجل، أنا أتألم لاختطاف جلعاد شليط، والقذائف التي تُطلق على سكان سدروت ولموت جنود الجيش الاسرائيلي ومواطني اسرائيل. وستعجبون أنني صهيونية قلبا وقالبا. اجل يا سيد ليبرمان، ثمة يساريون صهاينة هل تُصدق؟. لكن حان وقت رسم الخط على الرمل. حان وقت أن تفهموا أنتم – أيها الوطنيون في نظر أنفسكم الذين تجعلون لأنفسكم الحق في ان تقرروا ما يحل وما لا يحل أن يُقال هنا -: أنه لا يعني أن تكون صهيونيا وأن تكون يهوديا وطنيا أنه يجب عليك ان توافق على كل شيء تفعله هذه الدولة. وعلاوة على ذلك فان توجيه الانتقاد الى الحكومة والجيش هو حق شرعي بل هو واجب كل انسان يحب دولته ويخشى على الديمقراطية التي يعيش فيها. يجوز لي اعتقاد انه يجب صنع مصالحة مناطقية في دولة اسرائيل واعادة مناطق مقابل السلام. بل يجوز لي اعتقاد انه يمكن صنع مصالحة في القدس. ويجوز لي اعتقاد ان قتل فلسطينيين أبرياء خطأ أمر فظيع. ويجوز لي أن أُرعَب لذلك. ويجوز لي أن أشك في رواية متحدث الجيش الاسرائيلي (أحقا ماتت الشابة من بلعين بسبب علاج طبي غير مناسب؟ اسمحوا لي أن أشك في هذا). لم يكن يحل في الدول الأكثر تخويفا في تاريخ العالم فقط الاعتراض على أي قرار للحكومة والجيش (وكلا لست أُشير والعياذ بالله الى المانيا النازية، لانه يكفي ان نتوجه الى تشيلي بنوشيه). اجل، أنا يسارية وقد ضقت ذرعا بالخجل من هذا. وقد ضقت ذرعا بأنهم يجعلونني أشعر بأن من الازعاج لاسمه الحديث عن السياسة في هذه الايام، وضقت ذرعا بأنهم يجعلونني أشعر مثل مضطهدة تضطر الى اخفاء آرائها غير الشعبية، وضقت ذرعا بأن أرى جميع الصفحات "الوطنية" المتحمسة في "الفيس بوك" وألا أرد عليها، لانه من ذا يملك القوة للبدء بهذا. سلام اذا، أنا ايلانيت وأنا يسارية، بل إنني يسارية فخورة. عيشوا مع هذا.