في هذه المهنة المسماة صحافة هناك ميل لتبني نظرة انتقائية، فحص ما حصل وما من المتوقع أن يحصل انطلاقا من نصف الكأس الفارغ، التهكم الصافي – النقد من اجل النقد. من الكوارث الطبيعية عبر القرارات الحكومية وحتى الحروب، دولة اليهود هي دولة تحب انتقاد نفسها حتى الجنون. بعد سنتين من حملة رصاص مصبوب، صواريخ القسام تسقط مرة اخرى، جرحى اسرائيليين، صافرة الانذار – وبالاساس الاحساس بالتصعيد. ظاهرا، ليس هناك أكثر طبيعية للصحفي من السير أسيرا خلف لوحة المفاتيح الجذابة: الانشغال بالردع، السؤال بحدة اذا كان هناك نجاح في الحملة واين هو الان؟ غير انه في ذلك شيء ما سيتضرر ايضا. دارج القول ان ليس هناك مثل الزمن لخلق زاوية نظر صحيحة الى الاحداث التأسيسية – هذا صحيح ولكن أحيانا فان الزمن ينسي ايضا امورا يجدر تذكرها. بعد سنتين، حين يسخن الجنوب أرغب في أن أتذكر الحملة بالذات بالايجاب. ولما كان الحديث يدور عن مفهوم ذاتي، فسأتنازل عن الابعاد الاستراتيجية التي في استخدام الجيش، عن موضوع المناورة، استخدام النار، الردع – بل وسأتنازل عن البحث في السياسيين الذين اخرجوا بسرعة بدلات الجلد من الخزانة لغرض الشقاق حول الحظوة. سأركز على المواطنين. رصاص مصبوب اختبرتها كرجل احتياط، بعد سنتين ونصف السنة من تجربة حرب لبنان الثانية. الفوارق بدت بارزة في كل مسار وزاوية، من تل أبيب وحتى غلاف غزة: الاجماع الذي أصبح كلمة منكرة مع السنين. الاسرائيليون، الذين كان يخيل أنهم لا يعرفون الا عدم الاتفاق. اولئك الذين انتقدوا الجيش والحكومة في غمرة الغضب في 2006 – ذات الاشخاص بالضبط اصبحوا ريح اسناد في الحرب ضد صواريخ القسام في 2009. ولعدة لحظات نادرة نزل الشعب من قطار الواقعية الدائخة، من التفكير الدارج بان القيادة فوقه دوما مخطئة ومرفوضة – وببساطة أيد. الان دوروا السنتكم وقولوا ان ليس في ذلك شيء، مع الاخذ بالحسبان قلة الاصابات التي وقعت لقواتنا، النتائج المعقولة للحملة. يحتمل، ولكن المهم هو ان هذا حصل. ريح الاسناد، التي كانت تنقص جدا في حرب لبنان الثانية، في حرب لبنان الاولى، في الانتفاضة، في واقع الامر في كل تصدٍ ذي مغزى كان لنا هنا منذ 1973 – طلت علينا لتزورنا قبل سنتين. لا يمكن ان نحلل ما حصل هناك من الجانب الغربي من الجدار، التأييد الجماهيري في الشارع والسياق الاعلامي المستعين بالمعطيات، الارقام والتحليلات المنمقة. يمكن فقط ان نصف الاحساس والذكريات للابس واحد للبزة الرسمية. سياج الكيبوتس في الطريق الى حاجز كيسوفيم، حيث علقت يافطة "نحن نحب الجيش الاسرائيلي". مجموعة نساء وصلن من تل ابيب وهن يحملن عصيرا طبيعيا وكعكا من انتاج ذاتي، لتوزيعه على الطريق نحو مناطق الدخول. سكان كفار ميمون، الذين مروا كل يوم بين القوات وهم يحملون الغذاء الساخن، المرق، الكعك وكل ما نبت في الحقل. ايتسيك، صاحب مقهى جو في مجمع رحوفوت التجاري، الذي أغلق محله لشهر ونزل مع عربة القهوة المتحركة وطباخ، ليوزع قهوة الاسبرسو والساندويشات على الجنود في الميدان. واولئك الذين بقوا في البيت صعدوا الى الجدران قلقين وتركوا بلاغات تأييد في اجهزة الرد التلقائية على هواتفهم.الانجازات المعقولة لرصاص مصبوب لن يتم تعليما على ما يبدو بعد عدة سنوات في الاكاديميات العسكرية. فليس فيها الكثير. نظرية القتال لا بد ستتغير وكذا حماس ستكون اخرى. اذا كان هناك درس واحد يجدر تعلمه وتذكره في المستقبل ايضا، فهذا هو قدرة الاسرائيليين، قدرتنا، على التغير. لزمن قصير نتحد في الاوضاع الصعبة. ليس لان هذا متوقع من شعب صعب المراس، بل لان هذا ممكن خلافا لكل منطق.