خبر : درس رئيس الموساد/بقلم: عوفر شيلح/معاريف 11/1/2011

الثلاثاء 11 يناير 2011 12:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
درس رئيس الموساد/بقلم: عوفر شيلح/معاريف 11/1/2011



كان في جملة الاقوال الآسرة التي نُسبت في نهاية الاسبوع الى رئيس الموساد التارك عمله مئير دغان، قول واحد من المفيد على نحو خاص التوقف عنده: فقد قال دغان في تلك الحلقات التي اقتُبس من كلامه فيها، إن الدولة لا تخرج للحرب إلا والسيف موضوع على عنقها. قيل هذا الكلام واقتُبس كما يبدو في السياق الايراني، لكن من المهم أن نتناوله في السياق الاسرائيلي العام. لم يقصد دغان بطبيعة الامر عملية محددة مثل "الرصاص المصبوب". فقد تحدث عن استعمال كبير للقوة العسكرية. وهو من الوحيدين في القيادة الامنية الذين يتذكرون كيف يبدو هذا الاستعمال: ففي هيئة اركان يوآف غالنت لا يوجد شخص حارب في يوم الغفران، والقليل فقط رأوا من قريب حرب لبنان الاولى. إن دغان، الذي كان قائد سرية في سلاح المظليين في حرب الايام الستة، حارب في فرقة شارون في يوم الغفران وتولى قيادة لواء مدرع في لبنان، وجُرح مرتين في اثناء خدمته. وأكثر من ذلك انه عرف جيدا حدود القوة العسكرية وكم هو مهم الحذر في استعمالها. من المثير ان نفكر في هذا السياق في صديق دغان وراعيه اريئيل شارون. لقد جسد شارون بجسمه وأفعاله تصور القوة الاسرائيلية: وكانت حرب لبنان الاولى ذروة فكرة أننا نستطيع أن نصوغ صورة المنطقة بالقوة، وأن نستعمل قوة الجيش الاسرائيلي لا لأهداف دفاعية فحسب بل لاحراز أهداف سياسية بعيدة المدى. لم يقل شارون قط في صراحة انه تعلم الدرس، لكن سلوكه إذ كان رئيس حكومة بعد ذلك بعشرين سنة شهد بأن الامر كذلك. وكان من جملة ما كان هو الشخص الذي جعل الموساد، ودغان على رأسه، في مركز جهود تثبيط المشروع الذري الايراني، وهي جهود نجحت في اطار التصور الذي يشتمل على ضغط دولي وعقوبات اقتصادية في إحداث ضرر أكبر كثيرا بالمشروع مما كانت تفعل عملية عسكرية ما، من غير دفع ثمن من شرعية العملية. هذا تطور يثير العناية: إن آخر أبناء الجيل الذي نشأ على مقولة "نحيا بسيفنا"، من اولئك الذين مضوا الى المدرسة بهراوة مثل شارون، واولئك الذين تولوا قيادة وحدات اغتيال مثل دغان في غزة، هم أكبر المتنبهين من وهم القوة. قال وزراء بعد حرب لبنان الثانية ان الرد المطلوب على اختطاف حزب الله عند شارون ما كان يتدهور ألبتة الى 34 يوم قتال. ربما كانت اسرائيل تلوح بسيف عملية عسكرية في ايران، لكن الطائرات ما كانت لتُقلع. لا تخرج الدولة للحرب إلا والسيف موضوع على عنقها. من المهم تذكر هذه الجملة. فهي للاسرائيلية الواثقة بنفسها التي أخذت تختفي تحت الخطابة المتباكية المدعية بأننا ضحية في السنين الاخيرة: خطابة كل عدو فيها هو هتلر، وكل تحرش بنا أو عملية علينا خطر وجودي، وإن قوى اسرائيل العظيمة تغرق في موجة رحمة الذات. من المهم أن نتذكرها في عالم الرجال العسكريون فيه في الحاضر أو في الماضي هم الصوت صاحب القرار في الغرف التي تتخذ فيها القرارات، واذا وُجد في الغرفة مدنيون فانهم يحاولون في احيان كثيرة ان يبرهنوا على انهم أكثر حبا للقوة من رجال القوة. إن الجيش الاسرائيلي هو جيش الدفاع عن اسرائيل، ويجب ان يكون استعماله بمقتضى الحاجة، وعلى حذر، مع فهم تام للآثار النابعة وتلك التي يمكن ان تكون. من المحزن، ومن المقلق خاصة ان رئيس الموساد التارك عمله خاصة، وهو رجل عاش المعارك الامنية نحوا من خمسين سنة، يشعر بضرورة مُلحة لذكر هذه الحقيقة البسيطة قبل أن يترك المنصة. هل يعني هذا انه يعلم شيئا يجب ان نعلمه عمن يمسك اليوم بمفاتيح القوة في يده؟.