خبر : روسيا – نظرة جديدة الى المسيرة السلمية/بقلم: تسفي مغين/نظرة عليا* 30/12/2010

الخميس 30 ديسمبر 2010 11:30 ص / بتوقيت القدس +2GMT
روسيا – نظرة جديدة الى المسيرة السلمية/بقلم: تسفي مغين/نظرة عليا*  30/12/2010



عادت روسيا مؤخرا الى الانشغال بمسألة المسيرة السلمية في الشرق الاوسط. عدة اسباب أدت بها الى القناعة بأنه حان الوقت لطرح اقتراحات جديدة: 1- روسيا وجدت نفسها تسير في هامش المسيرة. 2- الاحساس بمزيد من الثقة بالنفس. 3- التقدير بأن مكانة الولايات المتحدة ضعفت في الساحة الدولية والمسيرة السلمية بقيادتها وصلت الى طريق مسدود.كما هو دارج في الممارسة الدولية الروسية، فان الطريق التي اختيرت للاعلان عن نواياها هي المؤتمر الاكاديمي الدولي في اطار منتدى "VALDAI"، كُرس هذه المرة لموضوع المسيرة السلمية في الشرق الاوسط (مالطا، 9 – 10 كانون الاول 2010). ويمكن التوقع بأن الافكار التي عُرضت في المؤتمر ستُرفع كاقتراحات عملية في الفترة القريبة القادمة على الساحة الدولية.يُشار الى ان روسيا تولي لموضوع المسيرة السلمية في الشرق الاوسط أهمية شديدة وترى فيه الموضوع المركزي في المنطقة. بالنسبة لها، أصبح الموضوع الفلسطيني أحد العناصر المؤدية الى عدم الاستقرار الدولي والمؤثر على تعاظم الميل الراديكالي في العالم الاسلامي. وتخشى روسيا من ان يكون العالم العربي يبتعد عن المسيرة السياسية والسلطة الفلسطينية توجد في تراجع مقابل حماس. وعلى حد فهمها، فان نجاح المسيرة السلمية هو السبيل الأساس لوقف هذا الميل المقلق وصد الارهاب الاسلامي بعمومه.بتقدير الروس وصلت المسيرة الى طريق مسدود سواء بذنب اسرائيل أم بذنب الولايات المتحدة. اسرائيل، برأيها، تختار الآن سياسة "الوضع الراهن"، بالأساس لاعتباراتها السياسية الداخلية. أما الولايات المتحدة، بزعمها، فقد فشلت في تطبيق سياستها، بينما اوباما آخذ في فقدان مكانته السياسية. سلوكه أدى الى تصليب الموقف الاسرائيلي وهو يتراجع بالتدريج نحو سياسة سلفه.جذر الشر، حسب الروس، يكمن في السيطرة الحصرية للولايات المتحدة على المسيرة السلمية بغير وجه حق، عقب إبعاد روسيا عن شؤون الشرق الاوسط. وتشكك روسيا بهذا الموقف الامريكي أحادي الجانب وتطالب بتغيير سلوك الولايات المتحدة. ومع ذلك، ليس لها، على حد قولها، أي نية لابعاد الولايات المتحدة عن انشغالها بالمسيرة السلمية بل مجرد أن تحقق لنفسها مكانة مساوية لمكانة الولايات المتحدة في المسيرة. كنقاط تؤهلها لهذه المكانة، يشير الروس الى تفوقهم النسبي بالقياس الى الولايات المتحدة: نجاح روسيا في أن تحقق لنفسها موقفا متوازنا ومتوازيا مع كل الأطراف في المنطقة (بما في ذلك العلاقات مع اسرائيل، التي اعتبرت "ممتازة")؛ تحولها مؤخرا الى قوة عظمى مؤثرة في الساحة الدولية بشكل عام وفي العالم الاسلامي بشكل خاص. ومع ان روسيا تعترف بأن ليس في وسعها ممارسة الضغوط على اسرائيل، ولكن الولايات المتحدة هي الاخرى آخذة في إضاعة هذه الميزة الحيوية.كمخرج من هذا الوضع المعقد، يقترح الروس انعاش فكرة المسار متعدد الأطراف، بدلا من الثنائي – الحالي، الذي أخذ يفقد نجاعته. وكبديل ملائم، يضمن قناة دولية واسعة ومقبولة بما فيه الكفاية، تُذكر "الرباعية". لغرض اعادة تحريكها، ينبغي رفع مستواها في ظل تحويلها الى هيئة دولية مؤثرة وذات صلاحيات (وليست جهة وساطة فقط مثلما تعتبر اليوم). كسبيل لتحقيق هذا الهدف يُقترح توسيع الرباعية بضم لاعبين هامين آخرين – الصين والهند (تُذكر ايضا امكانية ادخال ممثلين من دول الشرق الاوسط). كما يتم التشديد على حيوية تغيير مبعوث الرباعية الحالي الى الشرق الاوسط (طوني بلير) بمبعوث روسي، وذلك لان لروسيا وحدها المكانة المناسبة والمقبولة الآن في المنطقة.بالنسبة لادارة المسيرة نفسها، الاعتقاد هو انه لا يجب طرح افكار جديدة، بل الاستناد الى ما هو قائم، الذي ينبغي تحديثه وتحويله الى خطة واضحة، تُعرض على الطرفين. كما أن التشديد الأساسي يجب توجيهه نحو المفهوم متعدد الأطراف. كما تُطرح اقتراحات لخطة حل وسط ايجابية، من المتوقع ان يقبلها الطرفان. بين هذه الاقتراحات: "تبادل الاراضي"، حل وسط في القدس وكذا تأجيل أو تغيير مسألة اللاجئين. كما ستُعرض على الطرفين حلول لترتيبات أمنية شاملة بل واقتراحات لترتيبات في مجال الاقتصاد، الطاقة، البيئة، المياه وغيرها.بالنسبة للاعبين الاقليميين، تتضح الصورة التالية فيما انه ضمنيا تكون روسيا مستعدة لأن تأخذ على عاتقها مهمات التوفيق حيالها: 1- الفلسطينيون يوجدون في ضائقة والانشقاق الداخلي يطاردهم. القوى الراديكالية في ميل تعزز (ولحماس، التي تعارض المسيرة السلمية يوجد احتمال للتغلب على السلطة الفلسطينية في المستقبل).2- سوريا، التي تُقيم تعاونا ايجابيا مع روسيا، غير مرشحة، في هذه اللحظة، لفتح قناة للمفاوضات مع اسرائيل قبل الفلسطينيين، وذلك، ضمن امور اخرى، لان السوريين لن يوافقوا على الامتثال وحدهم في مسيرة سلمية حيال اسرائيل.3- اسرائيل هي الجهة الأساسية التي بوسعها ان تؤثر على استمرار المسيرة. ولهذا يجب ممارسة الضغوط عليها. رافعات كهذه توجد فقط في يد الولايات المتحدة، ولكن سياسة هذه هرّبت الاسرائيليين نحو مواقف سلبية في تفضيل "الوضع الراهن". وتعتقد روسيا ان بوسعها ان تعمل بحيوية أكبر في الساحة الاسرائيلية بسبب علاقاتها الايجابية مع اسرائيل وصورتها المُحسنة كـ "وسيط نزيه" وإن لم يكن في يدها ما يكفي من رافعات الضغط على اسرائيل. (في هذا السياق، تُبحث امكانية خلق التأثير من خلال طائفة سليلي روسيا/ الاتحاد السوفييتي في اسرائيل، ولكن هذه الامكانية رُفضت). ايران، عرضها الروس كـ "دولة خطيرة" بسبب مساعيها لعرقلة المسيرة السلمية وبسبب كونها تهديدا على استقرار المنطقة بعمومها. تركيا، فقدت مكانتها كـ "وسيط نزيه" في الشرق الاوسط بسبب توجهها الى العالم الاسلامي ومن غير المتوقع ان ترمم مكانتها بسرعة. "المبادرة العربية" تُعرض كظاهرة ايجابية، تثبت بأن اللاعبين في المنطقة بالفعل معنيون بالوصول الى تسوية. ومع ذلك، فالدول المعتدلة، مثل مصر، السعودية والاردن، لا تعمل بما فيه الكفاية في صالح المسيرة السلمية ويجب العمل على تصعيد التنسيق بينها وبين اسرائيل. وختاما، نشهد جهدا روسيا متجددا للانخراط والتأثير على المسيرة السياسية في الشرق الاوسط. في أساس هذه الاستراتيجية، التي هي جزء من السياسة الخارجية التأكيدية الحالية لروسيا، تنطوي الفرضية (الحقيقية أو الوهمية) بالنسبة لضعف الادارة الامريكية، والذي الطريق المسدود في المسيرة السلمية هو أحد مظاهره. الطريق المقترحة الآن هي المفهوم القديم للنموذج متعدد الأطراف، مع تغيير في الصيغة من حيث رفع مستوى الرباعية. ويتلخص هذا الرفع للمستوى بتوسيع الرباعية من خلال ضم لاعبين اضافيين – الصين والهند وربما آخرين، وتحويلها الى هيئة ذات صلاحيات. هذا النموذج، اذا ما أُقر، سيمنح روسيا فضائل جوهرية في اوساط الشركاء الآخرين في الرباعية ويجعلها لاعبا مؤثرا في الشرق الاوسط. الهدف العاجل لروسيا هو المسيرة السلبية من ناحيتها، التي تعصف بالعالم الاسلامي، واعتقادها ان في وسع المسيرة السلمية أن تحقق تأثيرا ايجابيا عليها. من الصعب ان نلاحظ حماسة من جانب الامريكيين مثلما ايضا من جانب معظم اللاعبين الآخرين للاقتراح الروسي المطروح واعتباره بديلا مناسبا. ولكن على خلفية التغييرات في مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، لا ينبغي أن نستبعد تماما استعدادها لتنازلات معينة لروسيا وقبولها، وإن كان جزئيا، لهذه المبادرة الروسية.