نشر الاسبوع الماضي على هذه الصفحات مقالة عنوانها "يوجد شريك حقيقي" (23/12) بقلم: رئيس "سلام الان" يريف اوفينهايمر خلاصتها كالتالي: في 19 كانون الاول استدعي نحو من مائة اسرائيلي الى المقاطعة في رام الله. بدا المكان مثل "مطعم شرقي اوسطي فاخر حميم" بحسب كلامه وحضرته كل قيادة السلطة الفلسطينية. رأى كاتب المقالة وسمع وفهم الكلام الاتي: تحدثت كل قيادة السلطة عن رغبتها في السلام بوساطة التفاوض الذي في اساسه مبدأ الدولتين – دولة اسرائيل ودولة فلسطين؛ وابو مازن يسيطر على الضفة سيطرة قوية، ولم تكن قط هادئة آمنة للاسرائيليين الى هذا الحد؛ والتحلل من الارهاب هو الان عنصر مركزي في الخطاب الفلسطيني؛ ولا يخاف الفلسطينيون (او اولئك الذين في رام الله على الاقل) الحديث علنا عن تبادل الاراضي والتخلي عن "حق العودة". كذلك لم يكن الكاتب قادرا "بين اوراق العنب والكنافة الحلوة" الا يلحظ "التغير العظيم الذي طرأ على المجتمع الفلسطيني وقيادته في رام الله". أن تقرأ ولا تعلم أتبكي أم تضحك. أما الضحك فلانه كما كانت الحال في ايام اوسلو البهيجة، ينجح الفلسطينيون الان ايضا بطعام شرقي دسم وكلام عذب حلو بأسر قلوب اناس اليسار والتشويش على تقديرهم؛ وأما البكاء فلانهم يعودون ليعملوا ابواق تضليل للقيادة الفلسطينية. على نحو طبيعي، ازاء اناشيد تأثر رئيس "سلام الان" بالقيادة الفلسطينية، تثار الاسئلة البسيطة التالية: عندما تكتب عن مبدأ الدولتين باعتباره أساسا للسلام المأمول، لماذا لا تكتب عن دولتين للشعبين؟ ألانك توافق على الموقف الفلسطيني الذي يقول انه يوجد شعب واحد فقط وهو الفلسطيني ولا يوجد شعب يهودي؟ أتستطيع أن تضمن حياة عائلة اسرائيلية تدخل نابلس التي يفترض ان تكون بحسب استنتاجك مكانا آمنا لا نظير له بالنسبة اليها؟ وماذا يعني التخلي بالفعل عن حق العودة بالفعل؟ أسمعت مرة قائدا فلسطينيا ليعلن ذلك على الملأ؟ وعلى أساس ماذا تلحظ التغيير العظيم الذي طرأ على المجتمع الفلسطيني، أعلى أساس استطلاعات الرأي العام أم على أساس طعم الكنافة؟ بدل ان نعرض أسئلة اخرى على الكاتب، أريد أن أعرض عدة حقائق عن الواقع الفلسطيني في قضية التسوية مثلا. يقول لك الفلسطينيون انها ستحرز فقط بوساطة التفاوض بينهم وبين اسرائيل. والحقيقة ان قيادة م.ت.ف تبذل في الوقت الاخير جهدا خاصا كي يعترف أكبر عدد من الدول بدولة فلسطينية مستقلة في حدود 67. قبل يوم من تحدث صائب عريقات عن التفاوض أعلن في شبكة "العربية" ان هذه المحاولة من سياسة أبي مازن وأن الجهد في المستقبل سينحصر في دول في الاتحاد الاوروبي وفي آسيا. فأين التفاوض هنا إذن؟ وقال صائب عريقات نفسه في مقابلة صحفية مع صحيفة "الجارديان" البريطانية في السابع من كانون الاول هذا العام انه لن يكون أي سلام حقيقي اذا تجاهلوا الحقوق المقدسة لسبعة ملايين لاجيء وأنه لا سلطة لاي زعيم ان يتخلى عن حقوقهم. وقيل كلام مشابه في ختام جلسة "المجلس الثوري" التابع لفتح (وقائده ابو مازن) في السادس والعشرين من تشرين الثاني هذا العام. من يقرأ هذا الاعلام يشم العلقم لا الكنافة. لا يمكن الا نختم بكلام النبي ارمياء: "اسمع هذا ايها الشعب المغفل الذي بلا قلب: لهم أعين لا يبصرون بها وآذان ولا يسمعون بها".