خبر : مناورة فلسطينية:كيف الاعلان عن دولة دون الاعلان/بقلم: دوري غولد/اسرائيل اليوم 26/12/2010

الأحد 26 ديسمبر 2010 11:25 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مناورة فلسطينية:كيف الاعلان عن دولة دون الاعلان/بقلم: دوري غولد/اسرائيل اليوم  26/12/2010



رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، سلام فياض، أطلق تصريحا غريبا في مقابلة مع دانا فايس من القناة الثانية أُجريت في الاسبوع الماضي في واشنطن. فقد أعلن فياض بأنه معني بدولة فلسطينية، ولكن في ذات النفس شدد على انه غير معني بالاعلان عن دولة من طرف واحد. ولما  كان الحديث يدور عن مقابلة مع قناة تلفزيونية اسرائيلية، فمن غير المستبعد ان يكون حاول كسب النقاط في اوساط الجمهور في اسرائيل القلق من امكانية ان يشاهد فياض وأبو مازن قريبا يقفان على شرفة في رام الله ويعلنان عن دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس. هل هجر فياض المسار أحادي الجانب؟ هل حاول التلميح بأنه يعترف بذلك بأن الطريق الى الدولة والحدود المعترف بها تمر عبر المفاوضات؟. للاجابة على هذه الاسئلة، يجب التطرق بانتباه شديد لصيغة اقوال فياض الدقيقة، والذي قال عمليا فيها ان الفلسطينيين غير معنيين باعلان أحادي الجانب "اضافي" عن دولة. في المقابلة التي منحها لصحيفة "الشرق الاوسط" التي بملكية سعودية في 18 تشرين الثاني، كشف فياض النقاب عن قدر أكبر مما كان مستعدا لان يكشف عنه في المقابلة مع القناة الثانية. فقد شرح قائلا: "أنا أقول دوما ان الامر الذي علينا أن نركز عليه ليس الاعلان عن دولة بل بناء دولة، وذلك لانه عن الدولة سبق أن أعلنا في الجزائر في 1988". بتعبير آخر، حسب فياض، الدولة الفلسطينية قائمة منذ الآن ولا حاجة الى اعلان اضافي في 2011، وذلك لان عرفات أعلن عن الدولة في 15 تشرين الثاني 1988 في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر. ظاهرا، كل ما تحتاجه السلطة الفلسطينية الآن هو اعتراف بالدولة الفلسطينية القائمة. فياض يمكنه ان يصد شكاوى من جانب واشنطن عن سلوك أحادي الجانب بدعوى ان الفلسطينيين انفسهم لا يعلنون عن دولة ولهذا فانهم لم يعملوا بشكل غير مناسب. فياض غير ملزم بأن يأخذ المسؤولية عن اعتراف من جانب دول اخرى. يجدر بالذكر انه لو عملت اسرائيل أو الفلسطينيون بشكل أحادي الجانب وبادروا الى تغيير المكانة القانونية للضفة الغربية، لكان الامر شكل انتهاكا جوهريا لالتزام مركزي في اتفاقات اوسلو. ظاهرا، من خلال الاستناد الى اعلان 1988، فياض يحاول القيام بمناورة قانونية لتجاوز العائق الذي في التعهدات الفلسطينية للتسعينيات. غيّروا اليافطة غير ان هناك اخفاقات جوهرية في ادعاءات فياض. في العام 1988 جلست م.ت.ف في تونس ولم تكن لديها أي سيطرة من أي نوع كان على ارض جغرافية محددة ما – الامر الذي يشكل أحد الشروط المسبقة للاعتراف بدولة حسب القانون الدولي. ورغم انه في السنة التي تلت ذاك الاعلان أعلنت 95 دولة باعترافها بالدولة الجديدة إلا انه كان للعديد منها تحفظات. حتى الاتحاد السوفييتي، الحليف الواضح لـ م.ت.ف قال انه "يعترف بالاعلان عن الدولة الفلسطينية، وليس بالدولة ذاتها". متحدثون فلسطينيون يطيب لهم أن يذكروا انه بعد اعلان 1988 اتخذت الجمعية العمومية للامم المتحدة قرارا في 15 كانون الاول 1988 بأنه أخذ علما (Acknowledge) بالاعلان عن دولة فلسطين من جانب المجلس الوطني الفلسطيني باغلبية 104 دول. القرار غيّر الاسم على يافطة مراقب م.ت.ف في الامم المتحدة الى "فلسطين". ومع ذلك، فان القرار ايضا يشير الى انه لا ينبغي رؤية التغيير للمفهوم الذي يُستخدم للتعبير عن ممثلية م.ت.ف مؤشرا على تغيير جوهري ما في صلاحيات ووظائف م.ت.ف في ساحة الامم المتحدة. بتعبير آخر، ما تم في الامم المتحدة بعد اعلان 1988 كان رمزيا فقط. السؤال العسير الذي ينبغي لفياض أن يجيب عليه هو كيف يمكنه أن يدعي بأن الدولة سبق أن أُعلن عنها في 1988، بينما الفلسطينيون انفسهم يكررون التهديد بأنهم سيعلنون عن الدولة في السنوات التي تلت ذلك؟. العديد من الزعماء الفلسطينيين ادعوا انه في 4 أيار 1999 انتهى مفعول الاتفاق الانتقالي الذي وقعه الفلسطينيون مع اسرائيل. هكذا مثلا، أبو علاء، في منصب رئيس البرلمان الفلسطيني، كتب يقول انه بسبب الفراغ القانوني الذي سينشأ كنتيجة لانتهاء الاتفاق، على الفلسطينيين ان يعلنوا عن دولة مستقلة في 1999، وفي النهاية هجروا الفكرة. في العام 2008، بعد أن اعلنت كوسوفو عن استقلالها، طرح الفلسطينيون مجددا فكرة الاعلان عن استقلال الدولة الفلسطينية. البروفيسور جيمس كروفورد من جامعة كامبردج الذي يعتبر خبيرا دوليا رائدا في موضوع الاعتراف بالدول الجديدة، كتب في العام 2006 في كتابه حول هذا الموضوع يقول ان حاجة بعض رجال م.ت.ف للمبادرة الى اعلان جديد من طرف واحد تثبت بأن اولئك الاشخاص يعتقدون بأن اعلان 1988 كان مخلولا وغير كافٍ. العمل مع السلطة تجدر الاشارة الى انه حتى عندما ظهر أبو مازن أمام الجمعية العمومية في الامم المتحدة في تشرين الثاني 2000، تحدث عن القدس كـ "عاصمة دولتنا المستقبلية". في شباط 2009 تحدث أبو مازن في البرلمان الاوروبي وعاد هناك وتطرق الى الدولة الفلسطينية بصفتها "الهدف النهائي" المستقبلي. الاستراتيجية الفلسطينية الحالية تشكل تحديا لدولة اسرائيل. كيف ينبغي لاسرائيل أن ترد عندما تعترف الارجنتين، البرازيل أو بوليفيا بدولة فلسطينية؟ وكبديل، ما العمل عندما نسمع في القدس بأن عشر دول تريد رفع مستوى تمثيل م.ت.ف في عواصمها؟ الجواب هو ان شيئا لا يحدث من تلقاء نفسه بل ان هذه الامور هي نتيجة ضغط مستمر من جانب السلطة الفلسطينية لنيل اعتراف دبلوماسي. عمليا،  موقع الانترنت لوزارة الخارجية في البرازيل يعترف بأن هذه الاعتراف نبع كرد على كتاب طلب أرسله أبو مازن الى الرئيس لولا في 24 تشرين الثاني. لاسرائيل توجد سلسلة من الخطوات التي يمكنها ان تتخذها ردا على الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة. واضح أن على اسرائيل ان تعمل مع العواصم في العالم في الاماكن التي يفكرون فيها بمنح اعتراف بالسلطة الفلسطينية كدولة. ولكن هذه الدول ليست العنوان الوحيد. اذا لم تحاول اسرائيل تعطيل هذه الخطوات وردع السلطة الفلسطينية في انه في نهاية المطاف المسؤولية عليهم، فبانتظارنا تصعيد في هذا النشاط في الاسابيع القريبة القادمة.