1- صواريخ قسام في الجنوب. لم يُصب أولاد رياض الاطفال الذين وصلوا بعد زمن قصير من سقوط الصواريخ "بمعجزة". ماذا كنا نصنع لو حدثت الكارثة التي يخشى الجميع الحديث عنها؟ أحربا؟! لي طلب الى وسائل الاعلام: أحصري العناية في روتين الحياة الصعبة في جنوب البلاد، وأسمعي صوت البلدات هناك، والمعطيات عن ضروب جنون نظام حماس المرعب الذي جلبناه بأيدينا على أنفسنا. سمعت مذيعا في المذياع يسأل في جدية: أهي حماس أم منظمات لا تسيطر عليها؟ واسأل ماذا يهم هذا حقا؟ والى ذلك: ألا يمكن ان يكون لحكم ديكتاتوري قاس - يطلق النار ويشنق ويدفن معارضيه أحياء – سيطرة على ما يحدث في هذا القطاع الصغير؟ هذا بالضبط نفس الكلام الذي سمعناه عندما دخل عرفات المنطقة وعقد اتفاقا صامتا مع عصاباتها المسلحة: فهي تستمر في زرع القتل بيننا، أما هو فيغسل كفيه ويدافع عن نفسه (مع صوت تأييد كثيرين من بيننا) قائلا "لست أنا؛ انهم هم. لا يستمعون إلي. أعطوني قوة أكبر". وأعطيناه. بنادق أكثر وارضا أكثر. فما الذي حصلنا عليه؟ إن كلام الصحفيين كهذا المذيع هو جزء من الاخفاق الآتي. 2- حزب العمل هو أمل اليسار الاسرائيلي. أحقا؟ قد سمعنا من سكرتيره السابق ايتان كابل أن "حزب العمل أنهى طريقه"؟ هذا هو الامر بالضبط. إن الأمل الذي يبثه حزب العمل بين عدد من المتحدثين من اليسار الاسرائيلي هو أن يعتزل الائتلاف آخر الامر كي نستطيع علاج الحكومة بالوسائل المعروفة: سلبها شرعية وجودها، وتسميتها حكومة فاشية ذات سِمات نازية، وإساءة سمعتها في العالم وضعضعة قدرتها على الحكم بما يُسعد كل أعدائنا وطالبي الشر لنا. لماذا يعتزلون؟ سمعنا مدة يوم كامل هذا الاسبوع، في نشرة بعد نشرة من جارتنا حقا. فقد وافق ياسر عبد ربه بجلاله وبنفسه على منح مراسل نشيط هب لنشر كلامه مقابلة صحفية إذ قال: "المسيرة السلمية قد تموت من غير حقنة تنشيط". بل إن عوفر عيني دفع دينه للسخف بقوله إن حزب العمل يجب أن يعتزل اذا لم يتم تقدم المسيرة السلمية. فماذا عن بنى فؤاد بن اليعيزر التحتية، ورفاهة هرتسوغ وأمن باراك وغير ذلك؟ لا مع المقاعد بل مع المشروعات المهمة التي يقدمها هؤلاء الوزراء في مكاتبهم؟ وماذا عن المسؤولية عن المجتمع الاسرائيلي؟ ليس سوى "مسيرة السلام". أنظروا ماذا بقي من هذا الحزب المجيد الذي انشأ الدولة وبناها. كيف يُخرج اليسار المتطرف اعضاءه الذين يحاولون دائما تسويغ تعاونهم مع الليكود لمصلحة الدولة، عن عقولهم. وكذلك قال كابل: "حزب العمل قضى على اليسار الاسرائيلي". كم أصبح مميِّزا للخطاب الديني أن كابل أصبح واحدا من حمَلَتِه: اذا وُجد الايمان لن تهم الحقائق. الحقيقة أن الذي قضى على اليسار الاسرائيلي هو الواقع. 3- لا يريد الفلسطينيون دولة. لا يريدون سوى الحديث عنها. انظروا كم مضينا نحوهم ولم يتحرك شيء عندهم. فقد كانوا يستطيعون التوقيع على اتفاق سلام مع باراك في كامب ديفيد قبل عشر سنين، وقبل أن تُبنى بيوت كثيرة في المستوطنات اليهودية وقبل جميع التجميدات. وقد كانوا يستطيعون فعل ذلك مع اولمرت وهربوا في آخر لحظة. والحقيقة انهم لا يملكون سلطة التوقيع على "انهاء الصراع". ليس سوى سُذج مبادرة جنيف هم الذين ما زالوا يحاولون نفخ روح الحياة في الأوهام التي باعونا إياها في التسعينيات. قبل "الاحتلال" و"المسيرة السلمية" بكثير، في مطلع الستينيات، عرّف أحد كهنة اليسار آنذاك، نتان يلين – مور وضع وعيه بقوله: "ليس اليسار تمسكا بنهج اشتراكي بل بنهج متقدم في السياسة. فاليسار يعني معارضة الحروب، ومعارضة الاستعمار، ومعارضة الولايات المتحدة في فيتنام". أي أن اليسار باختصار هو المعارضة. وهو كذلك معارضة الدولة اليهودية في جزء ما من البلاد. ويمكن أن نضيف الآن أن اليسار هو "مسيرة السلام". 4- ليس عمرام متسناع إسهاما جيدا في حزب العمل فقط بل في المجتمع الاسرائيلي ايضا. أتذكره إذ كان قائد منطقة المركز في جنازة ترتسا بورات التي قُتلت في فصح 1988 في قرية بيتا إذ أنشد شعرا لليئا غولدبرغ: "أحقا ستأتي ايام غفران وفضل، وتسيرين في الحقل وتمضين فيه وادعة".