مقال الكاتب الشهير توماس فريدمان في "نيويورك تايمز" ينتهي على النحو التالي: "الامر الأهم الذي يمكن للرئيس اوباما ووزيرة خارجيته أن يفعلاه الآن هو ببساطة الخروج من الصورة: على امريكا ان تزيح عن الطريق".باستثناء التحفظ على الطريقة التي توصل فيها الى استنتاجه، اسلوب مهين، إنقاص من الكرامة بسبب القرب الزائد (ربما بسبب أصله اليهودي)، حكم زائف – يوافق على ذلك كل وطني اسرائيلي. وذلك لانه بالفعل على حد قوله: "لا يمكنك ان تتطلع الى السلام أكثر من الطرفين نفسيهما، وهذا ما تفعله امريكا. للاشخاص الذين يُديرون اسرائيل وفلسطين اليوم توجد أولويات اخرى. حان الوقت لندعهم لحالهم – يعيشون مع النتائج".فريدمان المغرور والممتليء بنفسه سيتفاجأ للسماع بأن "الاغلبية الصامتة" التي يزعم انه يتحدث باسمها، ترى في التدخل الامريكي مشكلة، وليس حلا.رفض طلب التجميد الامريكي يسميه فريدمان "خيار سائب" من جانب المُتلقين للمساعدات بلا شروط، مثابة مستهلكي المخدرات "الذين يعتقدون بأن بوسعهم أن يتحدوا قوانين التاريخ، الجغرافيا والديمغرافيا"، ويطلبون المال كي يقوموا بما تستوجبه مصلحتهم الواضحة.من المشوق ان نفحص كيف تمكنت امريكا من خدمة مصالحها الواضحة في فيتنام، ولماذا من شأن ايران والقاعدة أن تحلا محلها في العراق وفي افغانستان. وهناك، ساحة القصور البعيدة آلاف الكيلومترات. أما هنا فهي قرب البيت."قوانين التاريخ"؟ هل للفلسطينيين تاريخ؟ وماذا تقول "قوانين الجغرافيا" عن مسافة طلقة مسدس في القدس المُقسمة، وعن دولة محوطة بالأعداء عرض خاصرتها أقل من 20 كم؟.في المجال الديمغرافي أضاف فريدمان لـ "الضفة الغربية" ("2.5 مليون") مليون لم يولدوا بعد ولعرب اسرائيل نحو 300 ألف. ومن أين يعرف ان "الاغلبية الصامتة" من اليهود والعرب تؤيد تقسيم البلاد، خلافا لنتائج الانتخابات والاستطلاعات – بين العرب بالتأكيد؟.وجملة مهينة اخرى: "اسرائيل، عندما تطلب امريكا – الدولة التي أنفقت عليكم المليارات ودافعت عنكم في قدر لا حصر له من الأطر الدولية – منكم ان توقفوا الاستيطان لثلاثة اشهر... فان هناك جوابا صحيحا واحدا، وهو ليس "كم؟"، بل "نعم، ما تريدينه، لانك صديقتنا الوحيدة في العالم"".فضلا عن النبرة اللاسامية ("كم؟")، فان الرجل محق: أخذ الصدقات مهين ويخلق تعلق. ومع ذلك: امريكا ما كانت لتسمي "صديقتنا الوحيدة" من يطلب ان يأخذ منها واشنطن العاصمة والـ "13 بلدة"، عرش ولادتها.ومع ذلك: اسرائيل بالذات بالفعل أعطت المقابل لامريكا، ولا سيما بالدم. معظم ثمار انتصاراتها اضطرت الى تركها لأعدائها المنتصرين، في صالح المصالح الامريكية. في يوم الغفران امتنعنا عن ضربة مسبقة، حررنا الجيش الثالث وانسحبنا. بالمقابل، اشترت الولايات المتحدة مصر للكتلة الغربية. ولكن حتى اليوم ليس لامريكا ما تستند اليه هنا حقا غيرنا. فكم تدفع هي لقاء مثل هذه القاعدة في اماكن اخرى؟.صفعة فريدمان رنانة: "كاره الهدايا يعيش". وبالفعل، تكفينا صداقة معافاة بفعل الأخذ والعطاء على أساس المصالح المتبادلة فقط: في الاستراتيجية العالمية وفي مكافحة الارهاب، في القيم والذخائر الثقافية المشتركة، وفي العلاقات مع ملايين أبناء شعبنا وعشرات ملايين اصدقائنا في الروح، بقوة كتاب الكتب.فضلا عن ذلك – "ناكر الجميل". يساوي الملايين ألا يهينونا – فريدمان وصحيفته، اوباما وكل الأقلية "الليبرالية" (بالعبرية: اليُسروية)، الذين عندهم مثلما هو عندنا تجد تعبيرها طائفة النخبويين والمتعالين. طائفة لا تمثل الكونغرس (الذي لتوّه أيد الفيتو الامريكي في صالح اسرائيل) ولا الرأي العام، الذي في الانتخابات الاخيرة أيد مؤيدي اسرائيل. لماذا يجد فريدمان صعوبة في أن يفهم بأن الشعب الطبيعي سيفضل العيش بكسرة الخبز ولن يبيع بالمال وطنه ومستقبله؟ ناهيك عن ان اقتصاد اسرائيل سيتدبر أمره حتى بدون تلك الاموال، اذا كانت مثل هذه، التي تعطيها امريكا دون ان تكون مصالحها، ومصالحها فقط، تستوجب ذلك.