خبر : سواء عقل آني/بقلم: روتي سيناي/معاريف 20/12/2010

الإثنين 20 ديسمبر 2010 11:36 ص / بتوقيت القدس +2GMT
سواء عقل آني/بقلم: روتي سيناي/معاريف 20/12/2010



في خطة تجنيد الاصوليين التي ستبحث فيها الحكومة اليوم تكمن بذور ثورة. ليس لانها قد تشق الطريق للانخراط المتزايد للاصوليين في سوق العمل، بل لانها تعكس بوادر سواء عقل. يمكن ان نجدها في الاقتراح لاقامة مسار تجنيد جديد للاصوليين يسمى "خدمة مدنية في مسارات الأمن المدني". وبفهم اللجنة التي بلورت الخطة لزيادة تجنيد الاصوليين، فان هذا المسار سيشكل بديلا مناسبا للخدمة العسكرية ومساهمة ذات مغزى في العبء الأمني. وسيتضمن المسار الخدمة في منظومة الاطفائية، في مصلحة السجون، في وزارة الامن الداخلي، في نجمة داود الحمراء، في سلطة الطواريء الوطنية وغيرها. الاقتراح الذي بلورته لجنة برئاسة مدير عام ديوان رئيس الوزراء ايال غباي، يُعيد تعريف مفهوم "الامن" الذي يتماثل اليوم على نحو شبه حصري بالجيش الاسرائيلي. فمفهوم "الامن المدني"، على اسم المسار الذي سيُعرض على جزء من الاصوليين، يُضعف هذه الصلة. وهو يقضي عمليا، بأن الشرطة ايضا، نجمة داود الحمراء، والاطفائية هي ايضا منظومات أمن – وهكذا يتم الاعتراف بواقع جديد. على مدى السنين، دافع الجيش الاسرائيلي عن مواطني الدولة في انه منع تسلل الأعداء عبر الحدود. ولكن مثلما تبيّن في حرب لبنان الثانية، انتقلت الجبهة الى الجبهة الداخلية ولم يكن الجيش الاسرائيلي قادرا على الدفاع عنها. صحيح انه قصف منظومات الصواريخ ومخازن اسلحة العدو لوقفها أو توقيف حدة الهجوم، ولكن الاطفائيين هم الذين اطفأوا الحرائق التي أشعلتها الصواريخ، والشرطة هي التي حافظت على الشوارع، ونجمة داود الحمراء هي التي عالجت الجرحى، وسلطة الطواريء الوطنية هي التي نسّقت بين القوات المدنية. قيل ان الجيش يستعد دوما للحرب الأخيرة – عندنا ايضا حتى هذا غير صحيح. فالجيش الاسرائيلي أسير مفهوم عتيق بموجبه يوجد على اسرائيل تهديد دائم على وجودها. حسب هذا المفهوم، فان شابا ابن 18 مع لحية أو بدون لحية – يُطفيء الحرائق ويُعرّض حياته للخطر كي يُنقذ مواطنين من مبنى مشتعل، لا يحمل العبء الأمني. وذلك خلافا لشاب ابن 18 يقوم باعمال الدورية على طول الحدود أو يستلقي في كمين خلف الخطوط. أحد المعارضين الأكثر صخبا لخطة تجنيد الاصوليين، النائب يوحنان بلاسنر من كديما، كتب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنها "كفيلة بأن تواصل التآكل في نموذج جيش الشعب". عفوا، ولكن أين سيكون التآكل؟ كيف يمكن الادعاء بأن الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب عندما يكون أقل من ثلث الرجال يُنهون خدمتهم العسكرية؟ كيف يمكن الادعاء بأن الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب عندما يكون معدل المشاركين في خدمة الاحتياط ينخفض على نحو حاد؟ هذا الادعاء يبدو هاذيا ايضا على خلفية حقيقة ان السبب رقم واحد للموت في الجيش الاسرائيلي، باستثناء فترة الحرب، هو الانتحار. فكرة "جيش الشعب" تناسب شعبا يكافح في سبيل حريته ويحتاج الى فكرة قومية كنسغ اجتماعي. أما اليوم، فالجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب فقط في انه يعكس وجه الشعب، بألوانه المختلفة والمتعارضة، بالميول الفردية، الرأسمالية والخصخصة السائدة فيه. بلاسنر، الذي خدم في الماضي كضابط في الوحدة الخاصة "سييرت متكال"، يعكس مجموعة في المجتمع الاسرائيلي غير قادرة على التحرر من قيود الفكرة المخلولة والانشغال بدلا من ذلك في تعزيز مجتمع غير عسكري، محب للحياة ويبني لنفسه اجهزة دفاع مدنية. في دولة سليمة يأتي الجيش لمنح الأمن لوجود المجتمع المدني لا لتوفير نسغ يرصه معا. خدمة الشباب الاصولي كشرطة واطفائيين في بلداتهم التي يعيشون فيها هي خطوة سليمة أكثر بكثير للمجتمع وللدولة من تجنيدهم للجيش، الذي على أي حال لا يحتاج الى معظمهم.