خبر : موسكو تعود إلى المنطقة عبر إسرائيل!! . هاني حبيب

الأحد 19 ديسمبر 2010 11:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
موسكو تعود إلى المنطقة عبر إسرائيل!! . هاني حبيب



يبدو أن كافة العقبات أمام زيارة الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الى اسرائيل قد أزيلت بعدما تم تحديد موعد هذه الزيارة في منتصف كانون الثاني القادم، كانت وسائل الإعلام الروسية قد أشارت الى ان مثل هذه الزيارة تعيقها شروط روسية تتضمن قبول الدولة العبرية بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط في العاصمة الروسية. اسرائيل كما هو معروف لم توافق حتى الآن على هذه الشروط، وتأكيد موعد الزيارة يعني ان هناك تحولاً ملحوظاً في العلاقات الروسية - الاسرائيلية كثمرة لجملة من التطورات التي ادت الى تزايد التبادل العسكري الامني والاقتصادي بين الجانبين، ويشار بهذا السياق الى ان موسكو ربما تأكدت ان قدرتها على ان تلعب دوراً هاماً في السياسة الدولية من بوابة ازمات الشرق الاوسط، ستظل رهناً بتحسين علاقاتها مع الجانب الاساسي المهيمن على هذه العلاقات والازمات، وهو اسرائيل، بعدما نجحت هذه الاخيرة في الزج بنفسها وبتأثير مباشر على علاقات موسكو مع الدول المجاورة للاتحاد الروسي ، وباتت شريكاً معتمداً في الازمات التي تعاني منها روسيا مع بعض اطرافها وجيرانها، وكانت الازمة الروسية الجورجية هي البوابة الحقيقية لاسرائيل كي تصبح عاملاً لا يمكن تجاهله في هذه الازمة. ولا يمكن تجاهل ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية مؤخراً من ان هناك تحولات "جوهرية" من قبل موسكو لصالح اسرائيل، تم التعبير عنها بوقف روسيا تصدير منظومة الصواريخ "أس أس 300" الى ايران ، وشراء الاتحاد الروسي عدداً متزايداً من الطائرات الاسرائيلية بدون طيار هي الاحدث على صعيد العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الاميركي، وان هناك تفاهمات بين موسكو وتل ابيب حول امكانية وصول السلاح الروسي الذي يتم تزويده لدول المنطقة الى "جهات ارهابية" وان موسكو شعرت وكأن تأييدها للقضية الفلسطينية هو تحصيل حاصل نظراً لأن القيادة الفلسطينية توجهت الى اوروبا والى اميركا اللاتينية لتطلب منها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، من دون ان تتقدم بمثل هذا الطلب الى روسيا، مما حدا بموسكو الى ارسال اشارات قوية من انها قوة فاعلة على المستوى الدولي، بما في ذلك في الشرق الاوسط، حتى لو كان ذلك من خلال علاقات اقوى مع اسرائيل.!!غير ان التحول الهام في مجرى العلاقات الروسية الاسرائيلية، تم هذا العام، بعد زيارة هامة قام بها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك، تمخضت عن التوقيع على اتفاقية لمدة خمسة اعوام قابلة للتجديد يتم بمقتضاها تزويد اسرائيل لروسيا بـ 12 طائرة بدون طيار، وتدريب 50 خبيراً روسياً على ادارتها واستعمالها، على ان تزود روسيا بـ 36 طائرة اخرى قبل نهاية العام الجاري ، كما تشمل هذه الاتفاقية إعداد الكوادر الفنية والحربية وتبادل المعلومات والمسح الطبوغرافي والدخول في شراكة للصناعات الحربية مع ان اسرائيل وروسيا متنافستان في تصدير الاسلحة على الصعيد الدولي. وقد تكون ما اوردته وسائل الإعلام الاسرائيلية حول تحولات في الموقف الروسي في اسرائيل، شكلاً من اشكال التمهيد لزيارة الرئيس الروسي للدولة العبرية، لكننا نعتقد ان الامر يتجاوز ذلك التمهيد البروتوكولي الى وقائع على الارض بعدما اعلن عن انه قد تم تشكيل مؤسسة مشتركة بين شركة الصناعات الحيوية والفضاء الاسرائيلية مع نظيرته الروسية لتجميع الطائرات بدون طيار في روسيا، مع بداية العالم القادم، أي مع بدء زيارة الرئيس الروسي للدولة العبرية مع بدء تنفيذ هذه الصفقة التي تقدر بـ 400 مليون دولار، لعقد مدته ثلاث سنوات. واذا كانت اسرائيل تتزود بالتقنيات المتطورة في المنظومة التسليحية من حليفها الاستراتجي الولايات المتحدة، فان من المستعبد ان تكون واشنطن قد تجاهلت هذا التطور الخطير، إذ انها عادة ما تشترط على اسرائيل عدم تزويد أي طرف بهذه التقنيات من دون موافقتها وعلى الاغلب، ان مثل هذه الصفقة، تدخل بتقاطع مع العلاقات الروسية الاميركية، وكجزء من التوافق المحتمل حول الملف النووي الايراني وكشكل من اشكال الضغط على سورية، كما هو الحال ايضا في رغبة واشنطن بالانفتاح اكثر مع موسكو بعد التعثر الذي اصاب اتفاقية الحد من الاسلحة النووية وملف الدرع الصاروخية، وربما كتعويض عن رفض واشنطن الاستجابة لطلب اسرائيل لشن حرب على ايران بهدف الاطاحة ببرنامجها النووي. غير ان لاسرائيل مصالح تتعدى الأبعاد الامنية ـ السياسية من التقارب المتزايد مع موسكو، ويشار بهذا الصدد الى ان الدولة العبرية مهتمة بالقدرات الصناعية الروسية في مجال اكتشاف حقول الغاز وادارتها، إذ ان روسيا تعتبر صاحبه خبرة طويلة في هذا المجال على المستوى الدولي، والدولة العبرية بحاجة ماسة الى تسخير هذه الخبرات في هذا المجال، خاصة بعد اكتشافات لحقول غاز على السواحل الاسرائيلية، وهناك اشارات بعد كشف حقول غاز على الساحل اللبناني المجاور، ان مزيداً من حقول الغاز غير المكتشفة يمكن للخبرات الروسية العمل عليها على الساحل الاسرائيلي.وفي المقابل، فهناك روسياً مهاجراً من كل خمسة اسرائيليين يعيشون في الدولة العبرية، وتعتقد موسكو انها بشكل او بآخر مسؤولة عن هؤلاء ، وسيساعدونها في تعزيز العلاقات مع الدولة العبرية، خاصة بعدما تزايدت تأثيراتهم في المجتمع الاسرائيلي من خلال حزب اسرائيل بيتنا بقيادة وزير الخارجية ليبرمان، ما يجعل هناك امكانية لمواجهة المافيا الروسية التي تتخذ من تل ابيب مركزاً لها، وتجعل عملية القضاء على هذا الارهاب والعصابات في روسيا ممكنة من خلال هذه العلاقات. ولا يمكن النظر لتعزيز العلاقات الروسية الاسرائيلية بتهاون واهمال، كما لا يجب النظر الى الحليف الروسي للعرب وفقا لنظام الوراثة، والذي حدث ان تداعيات الخريطة السياسية في المنطقة، وتعقيدات المسرح الروسي، خاصة فيما يتعلق بمسائل الشيشان وجورجيا، دفعت موسكو للنظر الى مصالحها، وهذا امر طبيعي، لذا يتوجب وقبل فوات الأوان تحرك عربي يهدف الى تعزيز العلاقات مع موسكو من خلال المصالح المشتركة، والاستفادة من تاريخ طويل في هذا السياق، وربطه بالمصالح المتجذرة، وخاصة ان عنوان التقارب الروسي الاسرائيلي في اطار ما يسمى بمكافحة الارهاب، ويستطيع العرب لعب دور مؤثر في هذا السياق، من حيث تطمين الجانب الروسي على موقف عربي مناهض لتقسيم الاتحاد الروسي على اسس دينية. ولعل العودة الى تفعيل الرباعية الدولية، حيث يمكن للاتحاد الروسي ان يلعب دوراً في التأثير على مجريات الملف الفلسطيني - الاسرائيلي، وذلك ان روسيا، من دون ان يكون لها دور في ملفات الشرق الاوسط، ستتطلع الى ما يمكن ان تمنحه العودة الى هذه المنطقة، وكأن الامر في الماضي يتم من خلال علاقاتها مع العرب، ويبدو ان الامر قد تبدل تماماً، إذ ان نفاذ موسكو الى المنطقة سيتم الآن من خلال اسرائيل.! www.hanihabib.net