خبر : فتح وحماس والاستيطان والمصالحة ... ايمن خالد

الجمعة 17 ديسمبر 2010 12:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فتح وحماس والاستيطان والمصالحة ... ايمن خالد



السبب الأول والأساسي لاستمرار الاستيطان في الضفة هو توفير السلطة الأمن للمستوطنين، فالحديث عن الاستيطان من بعض الأطراف الفلسطينية هو مجرد كلام في ورقة تفاوضية، تماماً مثل الحديث عن عودة اللاجئين، فهو لا يعني العودة بجوهرها المعروف إلى الأرض الفلسطينية، وإنما هو مجرد كلام يقال في وسائل الإعلام، فمسألة وقف الاستيطان ليست أمراً مهماً في جوهر الذين يفاوضون لأجل الدولة، فالذي يفكر في الدولة، لم يضع في حسبانه أي قيمة للأرض، وهو سيبحث عن الدولة بوجود الاستيطان وحتى في حالة ضياع الأرض كلها، لأن قيام دولة تحت شجرة أو في (اوتيل) يفي بالغرض، وحتى يمكن أن تكون الدولة بدون شعب.القاعدة الأساسية في التعامل مع الخصم هي أن تخلق له مشكلة حتى تتمكن من الضغط عليه للحصول على مقابل، فالمقاومة بإمكاناتها وقدراتها الحالية إذا كانت لا تستطيع أن تهزم إسرائيل، فهي عمليا تستطيع أن تخلق لها مشكلة، وهذا بحد ذاته يزيد من وتيرة الصراع ويبقي المشروع الصهيوني بحدود معينة ريثما يتبدل واقع الأمة، وما تفعله السلطة بممارساتها لا يقع ضمن دائرة خلق المشكلة للعدو، وعلى نقيض ذلك تماماً هذه أول مفاوضات في التاريخ، يقوم بها الطرف الأضعف بـــتذليل كامل العقبات للمحتل، مقابل الحصول على كلام فقط، ووعود فقط. فهي عمليا آخر نظرية لقيادة الشعوب، وبالطبع هذه هي النظرية التي يدعمها النظام العربي الرسمي، الذي يقبل بها فقط، ولا يريد أن يقبل بأي نوع من رفض الاحتلال ولو بالممارسة الدنيا، ناهيك عن المقاومة، التي بحد ذاتها محظورة وتعتبر خطاً أحمر.في الجهة الثانية، ومن خلال مربع المقاومة تقف حركة حماس بين لحظة وأُخرى لتعلن قبولها في فكرة دولة فلسطينية بحدود 1967، ثم لا تستقر على رأي لتنقض ذلك عبر تصريحات ثانية، في ما يبدو نوعا من الكلام في السياسة فحسب، ولكن ذلك عملياً يضع حركة حماس في مربع حساس، فهي هنا تقف في الأرض الحرام، وهذا يجعلها عملياً في منطقة الأعراف، فهي لم تسقط في جهنم، ولم تبق في مربعها القديم، وهذه الأفكار بحد ذاتها، من الممكن أن تعطي حركة حماس بعض الأصوات الأوروبية الداعمة للتفاوض معها، لكن مادة حركة حماس الأساسية هي في الشارع الفلسطيني، الذي عندما تصله هذه الرسائل، قد يفهم منها أن الإحباط هو سيد اللحظة، وسيرى أن حماس تسير على خطى السابقين، وهذا بالطبع يبرر للآخرين السير في هذا المحرم.وأما أن تعتقد حركة حماس أن قبولها في فكرة المصالحة قد يفتح الأبواب عليها، فهذا الأمر فيه مشكلة، فهل نسيت حماس أن حصارها جاء ليس بعد الحسم في غزة، ولكن الحصار جاء عند فوزها في الانتخابات، وجاء في اللحظة التي كانت حماس تشارك محمود عباس في السلطة، وبالتالي فالمصالحة لا يصح أن تراها حماس، بأنها وسيلة لفك الحصار عنها، فالحصار باق، حتى تدخل حماس إلى الأرض المحرمة، أو بالأحرى حتى تخرج حماس من دائرة المقاومة، وحتى تعطي إسرائيل أكثر مما أعطتها السلطة، وبما أن هذا غير ممكن، فإن أي كلام بالسياسة، هو تسميم لرأي الشارع، وهو إحباط للناس، الذين يرون بهذا الكلام أن رهانهم كان خاسراً.مصيبة حركة حماس هي في كثرة المتحدثين، وكثرة الناطقين بالسياسة باسمها، وهذا بالمنظور الاستراتيجي يقلل من هيبة الحركة ويجعل الآخرين يقرأونها رسائل غير صحيحة.بالنسبة للسلطة، فالذي يرى ويقرأ السياسة الإسرائيلية يعرف تماماً أن هناك مطحنة سوف تطحن الجميع، فلا يعتـــــقد شخص أن بإمكانه أن ينجز أي مــــعادلة لخدمة القضية الفلسطينية من خلال هذه السلطة، فالذي تريده إسرائيل هو الذي يخدمها ويخدم أمنها فقط، وبالطبع هذه المعادلة لا تقوم على خدمة مصـــالح الشعب الفلسطيني، وإنما تقوم على أساس تحويل المقاتل الفلسطيني السابق، إلى حارس للمستوطنات التي تنمو وتبتلع ما تبقى من الضفة.لا يعقل أن يكون مهما لدى حركة حماس أن يلتقي خالد مشعل مع العجوز جيـــــمي كارتر، الذي بعد موته، ربما سيسلم الراية إلى جورج بوش، ليس الأب، وإنما الابن، فلدى الزعماء الأمريكان ما يفعلونه بعد تركهم للكرسي، بينما نحن العرب، ليس لدينا ما نفعله، لا في كرسي الزعامة، ولا بدونه.’ كاتب فلسطيني