منذ اللحظة التي نُشر فيها كلام قائد لواء المظليين، العقيد اهارون حليوة، على مسار خدمة المتدينين في الجيش الاسرائيلي، أصبح من الممكن تخمين ترتيب المتحدثين في مهرجان النفاق. فقد وقف اعضاء كنيست وحاخامات في الصف للتعبير عن الامتعاض والزعزعة. وكان يمكن أن نُخمن بقدر لا يقل عن هذا كم سيُزعزَع الجيش الاسرائيلي نفسه ولم يتأخر الرد في الحقيقة كعادة الجيش الاسرائيلي منذ كان: فباجراء عسكري مُقصّر وردت الى الصحف صورة رئيس الاركان نفسه، وعلى رأسه قبعة كبيرة للمتدينين، في مراسم وضع حجر الأساس للمعهد الديني في نطاق الخدمة العسكرية في موديعين. "أنا أنحني لكم إجلالا"، قال الفريق اشكنازي لـ "أبناء شيم" كما يُسمى أبناء المعاهد الدينية في الجيش. لم يتم توجيه كلامه الى خريج المعاهد الدينية العسكرية حنان ايل ديان، الذي رفض لحينه مصافحة سلف اشكنازي دان حلوتس. ما الذي قاله حليوة في الحقيقة؟ قال انه بصفته ضابطا عمله أن يُعِّد لواءا مقاتلا الاعداد الأفضل قدر المستطاع، له مشكلة مع مسارات الخدمة الخاصة المقصّرة. وقال "أُفضل شخصا ما أقل جودة يبقى عندي ثلاثة مناصب أو اربعة على جندي متدين يُسرح بعد منصب واحد. ليس هذا مجزيا لي". هذا قول لا يمكن أصلا الاعتراض على صدقه الموضوعي، وهو يصف واقعا معلوما لكل قائد، وعلى التحقيق في ألوية المشاة في الجيش. المعاهد الدينية العسكرية تُتم اعداد المقاتل الأساسي، وهم يتركونه في الوقت الذي يفترض فيه أن يتمتع اللواء بقدراتهم بكونهم محاربين ذوي تجربة. وفي الوقت نفسه يجهد رفاقهم العلمانيون جهدا كبيرا في التدريب. يضاف الى هذا الواقع الذي لم يتناوله حليوة بكلامه، وهو خدمة أبناء المعاهد الدينية في أطر متجانسة، تصبح قسما ذا احتياجات خاصة. في جيش شعب من مجندي خدمة الزامية، لا يوجد شيء يضر بالوحدة أكثر من خدمة مختلفة لجنود يفترض أن يكونوا متساوين. "أكره هذا المسار"، لخّص حليوة، كما كره أسلافه مسار الخدمة العسكرية الطلائعية في الايام التي زودت بها اللواء بكتيبة الطلائعيين المظلية – المشحونة بالمحاربين الجيدين المملوئين بالدافعية والذين كانت خدمة أكثرهم جزئية. ليس عندي دعاوى على الساسة ورجال الدين. فاظهار عدالتهم هو عملهم ولديهم فرصة ذهبية ليكونوا في جانب الأخيار: في المرات الاخرى التي ظهرت فيها خدمة أبناء المعاهد الدينية في الجيش في العناوين الصحفية، كان ذلك في سياق الخشية من رفض الأمر العسكري. وأكثر من ذلك انهم يشعرون وبحق بأنهم يقودون ويُربون جماعة خدمة، نسب التطوع للوحدات القتالية والضباط فيها عالية على نحو خاص. وهذا بالضبط سبب أن اشكنازي جرى ليضع على رأسه قبعة دينية تبلغ سعتها سعة الخوذة، ويقول لاولئك الذين سيخدمون سنة ونصف سنة على الأكثر "أريد أن أقول لكم شكرا باسم جيش كامل". سيقول الساخرون إن رئيس الاركان ينظر الى الأمام، الى الحياة العامة بعد أن يخلع البزة العسكرية. وأنا اعتقد انه يعلم ببساطة واقع جيشه. انه جيش عيّن بعد الانفصال عقيدا كي يصالح جمهور المستوطنين. وهو جيش يعاني في صمت وجود حاخامات من خارج الجيش داخل القوات، يعطون الوحدات القتالية صبغة واضحة مع ازدياد قوة الحاخامية العسكرية. وهو جيش تخلت عنه النخب العلمانية وهو ينافق الآن أبناء المعاهد الدينية كما توسل قبل ذلك لمجموعات الكيبوتس. نشأ سلف حليوة في عمله، هيرتسي هليفي، في عائلة متدينة. وعندما أنهى عمله تحدث في قلق عن هذه الاتجاهات في الجيش: فعل هذا في مقابلة صحفية رسمية لا باللغة الفظة لقائد لواء يتحدث الى جنود، لكن المضمون كان متماثلا بالضبط. وهكذا الحال في الرُتب المتوسطة في الجيش: تقول الحقيقة عندما يسألونك، وأنت ما زلت تؤمن أن الكلام الحق معروف. بعد ذلك تصبح جنرالا، وتفهم الصورة الكبيرة وتجري سريعا لتضع قبعة متدينين منسوجة على رأسك.