فى خضم عملية السلام التى توصف بألأحتضار ، والتراجع بسبب التعنت ألأسرائيلى وألأستمرار فى أستيطان ألأراضى الفلسطينية التى يفترض ان يقوم عليها خيار الدولة الفلسطينية ، وبسبب عدم رغبة الولايات المتحده فى ممارسة دور فاعل ومؤثر كراع رئيس للمفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية ، وبسبب ضعف الموقف الفلسطينى والعربى وعجزهما ، تلوح فى الأفق السياسى مجموعة من الخيارات التى تلوح بها السلطة الفلسطينية ، والتى تصل الى سبعة خيارات تضع المفاوض الفلسطينى فى حيرة أمامها ، ويبقى السؤال المهم أى من هذه الخيارات ألألكثر فعالية وأقرب الى التطبيق العملى ؟ أولا دعونا نذكر بهذه الخيارات حتى نصل ألى الخيار المطلوب ، تتراوح هذه الخيارات بين ألأستمرار فى خيار المفاوضات ، وهو الخيار ألأكثر قبولا حتى ألأن لأنه يريح الجميع من تداعيات الخيارات ألأخرى وعدم القدرة على تنفيذها فى ظل العجز والضعف الذى أشرنا أليه . وخيار أعلان الدولة هو الخيار ألأساس لكل الخيارات ألأخرى ، فالمفاوضات هدفها فى النهاية قيام الدولة الفلسطينينة، والذهاب الى مجلس ألأمن هدفه أيضا قيام الدولة ، والطلب من الولايات المتحده يصب فى نفس الهدف ، وحتى خيار الوصاية الدولية هدفه أنهاء ألأحتلال وتسليم السلطة الى الفلسطينيين لقيام دولتهم . من هذا المنظور يبدو أن خيار حل السلطة يتعارض مع خيار قيام الدولة الفلسطينية . وخيار المقاومة السلمية بكل أشكالها يهدف الى قيام الدولة الفلسطينية . إذن كل الخيارات تجتمع حول الهدف من قيام الدولة . وعليه لا يجوز ان يتحول خيار الدولة الى مجرد تهديد ، أو حتى شعار ، أو ورقة ضغط على الدول الأخرى . وهنا التساؤل ما أقصر الطرق لقيام الدولة الفلسطينية ؟ الطريق ألأول لقيام الدولة هو فى أنهاء ألأحتلال ألأسرائيلى إما عبر وسيلة المفاوضات ، أو مقاومة ألأختلال ، وهذا هو النموذج الذى سارت عليه كل حركات التحرر الوطنى ، وألأسلوب الثانى فى حالة رفض أسرائيل لأنهاء أحتلالها وقيام الدولة ، فلا بد من الذهاب الى ألأمم المتحده ، وأتباع الخطوات التى تسير عليها الدول التى حصلت على أستقلالها ، وهنا تبرز خصوصية هذا ألأسلوب فى الحالة الفلسطينية ، فأسرائيل قامت وفقا للقرار ألدولى رقم 181، والذى نص فى الوقت ذاته على قيام الدولة الفلسطينية ، بوضع دولى خاص للقدس ، هذا هو ألأساس ألأول لقيام الدولة ، وقرارات الشرعية الدولية لا تسقط بالتقادم ، ولا تلغيها أى أجراءات قامت بها أسرائيل على ألأرض ، وثانيا قرار مجلس ألأمن رقم 242 الذى نص على عدم جواز ضم أراضى الغير بالقوة ، ولذلك أحتلال اسرائيل للأراضى العربية عام 1967 بما فيها ألأراضى الفلسطينية يعتبر لاغيا ، وغير قانونى ، وثالثا مجموعة القرارات العديده التى أصدرتها ألأمم المتحده عبر فروعها المختلفة كالجمعية العامة ومجلس ألأمن والتى من ابرزها عدم ألأعتراف بألأحتلال الأسرائيلى للأراضى الفلسطينية ، وحق الشعب الفلسطينيى فى تقرير مصيره ، وقبول فلسطين كوضع خاص فى ألأمم المتحده ، بدرجة أقل من دولة ولكن بعضوية كامله . هذه القرارات الدولية والتى لا يتسع المجال لسردها هنا ، تشكل ألأساس القانونى والشرعى الذى يعطى الفلسطينيين الحق فى التقدم مثل أى دولة لكسب العضوية الكاملة ، وقبول فلسطين دولة فى ألألمم المتحده وهذا حق للفلسطينيين غير قابل للتصرف. ، لكن هنا يبرز تعارض أو مشكلة ولكنها تعمل فى صالح الفلسطينيين ، وهو أن لأساس فى قبول الدول أن تكون مستقلة ، وحيث أن هذا الشرط غير متوفر ، لكن يمكن ألأستعاضة عنه بالمسؤولية الدولية فى قيام الدولة الفلسطينية ، وأن يتم تحديد المقصود بإصدار قرارمن ألأمم المتحده بقيام الدولة ، أن المقصود ليس هو قيام الدولة الفلسطينية بقدر ما هو تحميل المنظمة الدولية مسؤولياتها فى تنفيذ قراراتها ، ومن ثم ألزام اسرائيل بتنفيذ القرار وإلا تعرضت للعقوبات الدولية . وكما نعلم قبول الدولة من الموضوعات والقضايا التى تحتاج الى موافقة الدول ألأعضاء الدائمين ، وحيث من المتوقع أن تمارس الولايات المتحده حق النقض ، فيمكن التغلب على هذه المعضلة بتحويل القضية الى الجمعية العامة للأمم المتحده وفقا لقانون ألأتحاد من أجل السلام ، وإذا ما تم تبنى القرار بأغلبية ثلثى ألأصوات يصبح عندها ملزما ، وهنا تبدأ مرحلة جديه فى النضال السياسى الفلسطينى ، لتفعيل هذا القرار من خلال ألأمم المتحده ، بالعمل فى حال عدم تقيد اسرائيل بالقرار ، أن يعرض للتطبيق أستنادا للفصل السابع من ميثاق ألأمم المتحده الذى يجيز لمجلس ألأمن التدرج فى تطبيق العقوبات على أسرائيل مثل أى دولة اخرى . وقد يبدو هذا التصور فيه قدرا من المثالية ، لكن الواقعية تفرض هذا الخيار ، مهما كانت العقبات التى قد تعترض تطبيقه ، وهو ما ينبغى معرفته مسبقا ، ووضع الحلول له بالضغط على الولايات المتحده ودول أوربا وغيرها للألتزام بقيام الدولة الفلسطينية ، وانهاء الأحتلال الذى يصبح مسؤولية المجتمع الدولى ، ولا يعنى ذلك ركون الفلسطينيين وانتظار ما يمكن ان يقوم به غيرهم ، فتتوقف فعالية هذا الخيار أولا على تجديد فعالية السلطة الفلسطينية ،وانهاء ألأنقسام السياسى ،وحتى إذا إستمر علينا بالأستمرار فى هذا الخيار ، وتفعيل اشكال المقاومة السلمية أقليميا ودوليا ، وعدم اقتصارها على ألأراضى الفلسطينية . ويتطلب هذا الخيار حملة ديبلوماسية وأعلامية تشارك فيها الجامعة العربية بزيادة عدد الدول التى تعترف بالدولة الفلسطينية فى حدود الرابع من حزيران 1967، وحملة موجهة داخل أسرائيل لوضعها أمام خياراتها اما القبول بالدولة الفلسطينية ، وإما خيار المقاومة المستمرة حتى انهاء ألأحتلال . وأن يتم التركيز فى هذه الحملة ان الجانب الفلسطينى بقبوله بالدولة الفلسطينية فى حدود الرابع من حزيران 1967 يكون قد قدم تنازلا كبيرا وفقا للقرار الدولى رقم 181 والذى خصص ما نسبته حوالى 45 فى المائة من مساحة فلسطين، والحديث ألأن عن 20 فى المائة فقط وهذا يعتبر تنازلا فلسطينيا كبيرا من اجل انجاح المفاوضات والسلام .وهذا الخيار لا يحتمل التأجيل حتى لو أستئنفت المفاوضات ، فزيادة الدول المعترفة بهذه الدولة ينبغى ان يستمر ، والعمل على تفعيل قرارات الشرعية الدولية ، وتفعيل المسؤولية الدولية ، فكما اقام المجتمع الدولى وألأمم المتحده دولة أسرائيل عليه ان يقوم ايضا بمسؤولياته فى قيام الدولة الفلسطينية .ويجدر بنا التذكير ان الخيارات وإن كانت فلسطينية لكن مكوناتها ليست فلسطينية ، والمكون الفلسطينى ليس ألا مكونا واحدا فى كل هذه المكونات ، وقد لا يكون ألأكثر تاثيرا ، وعليه لضمان نجاح هذا الخيار لا بد من تفعيل لدور المكونات ألأخرى ، كدور الدول العربية والأسلامية وألأوربية والدول الصديقة ، فلا يمكن الضغط على أسرائيل فلسطينيا فقط ، بل لا بد من جعل خيار الدولة الفلسطينية وربطه بامن واستقرار كل الدول ، وربطه بالقضايا الرئيسة التى تهدد السلام وألأمن العالميين ، وإذا أراد العالم أمنا واستقرار ومحاربة للأرهاب فمتاحه قيام الدولة الفلسطينية . علينا ان نجعل من القضية الفلسطينية ثانية قضية اقليمية ودولية . والنقطة ألأخرى توظيف الخيارات ألأخرى فى خدمة هذا الخيار ألأساس . ,ان نتذكر أن هذه الخيارات ليست موضع مساومة أو تكتيك ، وليست مجرد أوراق يتم التلويح بها ، بل هى خيارات شعب ، وتشكل رؤية أستراتيجية ثابته. |استاذ العلوم السياسية |غزهdrnagish@gmail.com