وزير الداخلية ايلي يشاي ليس المسؤول الوحيد ليوم الغفران لخدمات الاطفاء. هذه مسؤولية متراكمة للحكومات في 62 سنة للدولة. ولكنه المسؤول الحالي، وأكثر من كل أسلافه. وذلك لانه بعد الفشل في حرب لبنان الثانية في 2006 أعد ميخا لندنشتراوس تقريرا شاملا عن الخلل الذي انكشف في الجبهة الداخلية. رغم أن اهود اولمرت تحدث باستهزاء عن استنتاجات لندنشتراوس وكأنها "سيرك" كان تقرير المراقب ذا أهمية كبيرة. كبيرة لدرجة أن مكتبه تابع متابعة ملاصقة لفحص الاصلاحات لمواضع الخلل. النتائج في مجال الاطفاء كانت خطيرة جدا – كما سيتبين في تقرير المتابعة الذي سينشر هذا الاسبوع – بحيث انه في بداية أيار 2010 التقى ممثلون عن دائرة الأمن في مكتب المراقب برئاسة اللواء احتياط يعقوب مندي – اور مع الوزير يشاي. وقد أوقفوه على خطورة القصور المتواصل، وشعروا بأن عليهم ان يفعلوا ذلك حتى قبل أن ينشر لندنشتراوس تقرير المتابعة. منذ ذلك الحين لم يُصلح الا القليل. اذا ما تشكلت بالفعل لجنة تحقيق رسمية (زائدة، وليست مهنية)، سيكون يشاي مطالبا بأن يجلب سجل يومياته ويعرض جدول لقاءاته. وسيتبين كم استثمر في مداولات لجنة السباعية لوزراء الحكومة التي طلب أن ينضم اليها ويروي فيها عن الحلول المضيئة لمشاكل الشعب اليهودي، وكم ضيّع من وقت في كفاحه المغلوط ضد النائب حاييم إمسلم، وكم كانت معرفته قليلة عن الحالة المتردية لخدمات الاطفاء منذ اليوم الاول الذي تسلم فيه وزارة الداخلية. لماذا هكذا هو الحال؟ لانه على مدى عشرات السنين أصر السياسيون في البلديات على أن تبقى خدمات الاطفاء في مدنهم وألا تُنقل الى الحكومة؛ وحرصوا على رواتب رجال الاطفاء الذين يصوتون في الانتخابات وليس على تجديد المعدات التي لا تتوجه الى صناديق الاقتراع. وحتى الآن – عندما بدأ المسؤول عن خدمات الاطفاء شمعون رومح خطوات جدية لاقامة مركز تحكم ورقابة يمكنه أن يحل جزء هاما من ضائقة الحرائق باطفائها مع بدئها – يتملص رؤساء المجالس المحلية من التعاون إلا الجزئي فقط. نمط العمل بسيط، وهو ينتقل من حكومة الى اخرى: المتفرغون المحليون يضغطون على وزير الداخلية ألا يتدخل في منظومة الاطفاء، والنتيجة هي أنه يوجد إهمال وتخلف وتسيّب، وأحد لا ينصت للمهنيين الذين يُحذرون بلا انقطاع. بمبالغة ما يمكن القول انه لولا المصيبة الفظيعة التي قضى نحبه فيها 41 مواطنا، مشكوك أن تكون الامور ستُحل الآن ايضا. الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو لم تحل المشكلة الاستراتيجية التي في خطر الحرائق، رغم أن تهديد الصواريخ على مراكز البلاد يحمل في طياته سيناريو حرائق هائلة. من تجول في حرب لبنان في الجليل رآه يشتعل ويد الاطفائيين أقصر من أن تنقذه. فقد اضطروا الى أن يتركوا الحرش يشتعل حتى النهاية. والى أن يُحل الموضوع – وهناك أساس للأمل في أن تُصلح الامور الآن – فان اسرائيل ستبقى مكشوفة أمام اصابة الصواريخ التي تشعل المواقع المصابة ومحيطها. مقابل ذلك أجاد نتنياهو في إمساك مقود القيادة في ما بدا له منذ اللهيب الاول مصيبة وطنية. فقد استدعى دولا صديقة لمساعدة اسرائيل واستُجيب بيد سخية، وحتى من رجب طيب اردوغان التركي. وقد سيطر على الوضع وكذا الشرطة أدت دورها جيدا، والمفتش العام دودي كوهين كان يمكنه أن يهديء الروع في أن الاشتعال لم يكن بنيّة مبيّتة. ولكن الأداء السليم في اوضاع الازمة والضغط ليس بديلا عن الحاجة الى العمل المسبق كي لا تندلع مثل هذه الاوضاع، وهذا لم يتم بعد مثلما سيشهد تقرير المتابعة لمراقب الدولة.